علي القحيص:ناصر القصبي أصاب كبد الحقيقة وسدد الضربة القاضية لداعش

  • 6/25/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة المرصد: قال الكاتب "علي القحيص" عبر مقال له نشرته صحيفة الرياض: أثبت الفنان ناصر القصبي القوة الهائلة التي تحملها كلمة الحق عندما تقال في موقعها ومكانها وزمانها الصحيح، وعندما تصدر عن عقل متنور وحضور ثقافي فاعل، ففي حلقتي "بيضة الشيطان" التي قدمهما القصبي ضمن مسلسل "سيلفي" عبر شاشة MBC1 تعرض للإرهاب ومخاطره على مجتمعنا العربي وفضح جرائم تنظيم داعش الذي أمعن في استخدام الدين بشكل خاطئ لتنفيذ جرائمه التي لا تمت إلى الدين ولا لأي منظومة أخلاقية إنسانية أصلاً. في هاتين الحلقتين الرائعتين تألق القصبي كعادته ولكن هذه المرة فكرياً وثقافياً وفنياً، بالإضافة إلى تألقه المعروف وحضوره الطاغي، ففي هاتين الحلقتين استطاع الفنان القدير أن يضع اصبعه على الجرح فاضحاً بشكل كبير وواضح هذه الفلسفة الإرهابية التي يعتمد أصحابها على غسل أدمغة الآخرين واستغلالها لأجندات سياسية مغرضة ومشبوهة وبعيدة كل البعد عن مصالح الأمة العربية. ففي عمل فني مدروس بعناية قدم لنا القصبي الصورة الأوضح للوسيلة الأنجع في محاربة الإرهاب، وهي فضحه وكشفه أمام الآخر من خلال الكلمة المقنعة، وسحب البساط من تحته وتجريده من أهم مصادر قوته وهو جهل المغرر بهم وغياب الحقيقة عن أعينهم، فكان القصبي بذلك أشبه بالمشكاة التي تنير للشباب طريق الصواب عبر الإقناع الهادف ومحاربة الإرهاب بالسلاح الأقوى والأكثر فعالية وحدة وهو الكلمة، وهو أمر دفع بهؤلاء الإرهابيين إلى تلمس مخاطر الكلمة المقنعة على نهجهم المتطرف البعيد عن الإسلام، فانبروا شاتمين لاعنين مكفرين مهددين ومتوعدين الفنان ناصر القصبي الذي استطاع بفنه أن يكون أكثر تأثيراً من كل الخطب والبرامج والمقالات التي استهدفت تنظيم داعش. والدليل هو الحملة القاسية التي طالت القصبي، بعد حلقات برنامجه الرمضاني "سيلفي" التي خصصها للسخرية والتندر من التنظيم وطريقة سيطرته على أتباعه والممارسات الوحشية واللا إنسانية التي يقترفها. حتى ان حساب الفنان على تويتر بات طافحاً بالشتامين والمهددين واللاعنين بكل وسائل اللعن والتهديد والشتم. وهو أمر لم يستهجنه الفنان الذي رد على شاتميه ومهدديه قائلاً: "قليلاً من الهدوء ورمضان كريم وترى حنا بأول يوم". وأياً كانت المواقف التي أثارتهما حلقتا مسلسل "سيلفي" الذي يشرف عليه الكاتب خلف الحربي، فإن ما يهمنا في هذا المقال هو التأكيد على أن قوة الكلمة الواعية المقنعة التي ينطق بها الفن إنما هي أكثر بكثير من الأسلحة الفتاكة، وأن محاربة الإرهاب يجب أن تبدأ أولاً بالفكر، من خلال فضح هذا الإرهاب إعلامياً وفنياً وثقافياً، وكشف ألاعيبه، وعمليات غسله للأدمغة، كما فعل الفنان القصبي، الذي عودنا في أعماله الفنية على ملامسة الجرح ووضع اصبعه عليه تماماً، وبلا مواربة، في الكثير من القضايا والمشكلات الاجتماعية، التي تحتاج إلى إيجاد آليات تفكير جديدة للتعامل معها، وعبر مخاطبة العقول وتنويرها وتصحيح مسار التفكير والتحدث مع الآخر وإنارة سبل المنطق والصواب لغلق الطرق ليس على تلك التنظيمات الإرهابية فحسب بل وأيضاً أمام أي متطرف وقاتل ومتشدد ومتعصب من أي ملة، لأن تمتين أي مجتمع لا يتم إلا من خلال تحصين أبنائه ورفع سويتهم الثقافية والفكرية، بحيث يكونون مع الزمن السياج الذي يحمي هذا المجتمع ويصونه على الدوام سواء من مؤامرات الإرهابيين التكفيريين أو غيرهم من الذين يكيدون لأمتنا الشر ويخططون لإيقاعها في براثن الحروب الأهلية والطائفية والمذهبية وغيرها. ومع ما قدمته حلقتا "بيضة الشيطان" يمكن القول إن الفنان ناصر القصبي أصاب كبد الحقيقة، فكان أكثر تأثيراً وإقناعاً وأقرب إلى العقول من غيره من المنظرين، إذ نفذ إلى قلوب وعقول الكثيرين من المشاهدين والمتابعين على امتداد الوطن العربي وخارجه.

مشاركة :