في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها العالم ولبنان تحديداً، استطاع مسرح كركلا أن يُدخل البهجة إلى قلوب اللبنانيين، ويجعلهم يعبّرون عن طبيعتهم المحبة للحياة في فضاء فني راقص قدمه أعضاء مسرح كركلا بدعوة من أليسار كركلا، حيث رسموا كلٌّ من مكان حجره لوحة حياة على وقع أغنيات تراثية شعبية. هذا وقد نشرت مصمّمة الرقص إليسار كركلا على مواقع التواصل الإجتماعي الفيديو العفوي مع أعضاء فرقتها، في زمن لا تزال معظم الدول تلتزم بالحجر المنزلي بسبب انتشار فيروس كورونا، لأنها تعتبر أن "الرقص هو مصدر الفرح والسعادة في الحياة، خاصة وأنه مع بداية انتشار هذا الفيروس لم نكن نعلم الى متى ستطول هذه الازمة وكيف ستنتهي، فأردنا أن ننشر رسالة إرادة وعزم للبنان والعالم". قوة الإنسان واستمراريتهمن العروض تضيف أليسار كركلا في حديثها قائلة أن "في بداية الحجر شعرت بالقليل من الإحباط، ولكنني عدت وتأقلمت مع أسلوب الحياة الجديد، فقوة الإنسان تجعلنا نتأقلم ونكافح للاستمرارية، خاصة وأن هذا الفيروس ليس فقط منتشراً في لبنان بل في كافة أنحاء العالم. لذلك قرّرت أن أخضع للواقع بروح إيجابية، وأتمتّع بوقتي وأرى الأشياء بمنظور جديد. خاصة أن مسرح كركلا ومنذ أكثر من خمسين عاماً على تأسيسه لم يتوقف يوماً عن العمل حتى في ظل الحروب التي شهدها لبنان، واستطاع أن يحمل صورة لبنان والثقافة العربية إلى أكبر المحافل الدولية وعلى أرقى المسارح ودور الأوبرا العالمية". وأضافت أن "هذه المرحلة التي نعيشها اليوم فرضت علينا إيجاد أسلوب حياة جديد، أصبح لدينا متسع من الوقت للقيام بالأمور التي عجزنا عن القيام بها في ظل جدول أعمالنا المزدحم قبل الحجر. فأعيش اليوم بهدوء وسكينة، وأتفاعل مع الطبيعة، وأمضي وقتاً ممتعاً وطويلاً مع ابني تيمور (3 سنوات)، وأمارس الرياضة واليوغا يومياً، لأن ذلك يساعد العقل والروح على الشعور بالراحة والتأمل داخل النفس، أصمم الرقص وأتابع الفرقة يومياً، كما أشاهد الأفلام الفنية للفرق العالمية لكي أبقى على تواصل مستمر مع الإبتكارات الحديثة نحو خيال وإبداع جديد، وأطالع وأقرأ بشكل خاص الكتب التاريخية لآخذ منها الحكم والعبر وأقوم بتسجيلها على دفتري وأحتفظ بها. القيام بكل هذا يفرحني ويبثّ في داخلي روح الأمل، وأنا على يقين أننا سنعود قريباً الى حياتنا الطبيعية، لكن بنظرة مختلفة وروح متجددة". خطى متصاعدة ولا رجوع إلى الوراءاليسار كركلا "لم يتوقف أعضاء مسرح كركلا عن ممارسة التمارين اليومية رغم الحجر المنزلي، لأن الرقص شغف وأسلوب حياة، هو ليس فقط هواية بل هو خيار وواجب لإبقاء الجسد باستعداد كامل، فهو الآلة التي تتكلم بلغة الجسد. إن هذا الفيروس ساعدنا على التفكير بأولوياتنا من جديد، وتحديد ما هو مهم وما هو أقل أهمية، أصبحنا نرى بوضوح أكثر، كما ساهم بتقربنا من بعضنا البعض، فإننا كالعائلة الواحدة نعيش الواقع نفسه. في كل يوم، وعبر تطبيق إلكتروني، وكل من مكان حجره، يقوم أعضاء الفرقة بصف الباليه الكلاسيكي مع مدربتهم بشكل مباشر. فيمكن القول إننا لم نتوقف عن العمل فعلياً، فالإستسلام ممنوع، ومهما اشتدت الأزمات، تبقى شعلة الأمل الصغيرة المضيئة في نفوس أعضاء فرقة كركلا تناديهم من أعماق الظلام قائلة: استمروا ولا تنسوا أنني هنا وأن لا شيء يأسر إبداعكم". بالحكمة والعلم نتغلّب على كورونامن عروض كركلا تشير أليسار كركلا في حديثها "نأمل أن تتغلب شعوب العالم على فيروس كورونا، الذي يجسد عدواً للبشرية جمعاء. وكلنا أمل بالحكمة والعلم والتطورالسريع للطب، في أن يتم إكتشاف علاج لمواجهة هذا الوباء في أقرب وقت ممكن". لوحة فنية تداوي آلام الحجرمن عروض كركلا وحول فكرة الفيديو للدلعونا اللبنانية ومجموعة من الأغنيات التراثية، تؤكد إليسار أن "فكرة تصوير الفيديو جاءت بصورة عفوية مستهدفةً بث روح إيجابية بين الراقصين المحجور عليهم بالأساس، وليكون هدية فرح لجمهورنا اللبناني والعربي، وإذ بالفيديو ينتشر خلال أربعٍ وعشرين ساعةً، حاصداً آلاف المشاهدات في لبنان وخارجه، وقد تلقيت كمّاَ هائلاً من الاتصالات تثني على هذه المبادرة الايجابية رغم الظروف الصعبة التي نعيشها، فالرقص لغة تجتاز كل الحدود. ولا شكّ أن هذه الحركة الفنية، نجحت في التعبير عن طاقة العزم الكامنة في الذات الإنسانية، وأدخلت البهجة إلى قلوب الناس، فعبّروا فيها عن فرحهم بكلمات "عيّشتونا وفرحتونا" عبارات تلقيتها من عدد كبير من الجمهور. وإن تقديرهم الكبير هذا، لهذه المبادرة أثر بي وأفرحني جداً". الروح الإيجابيةاليسار كركلا وعن شخصيتها، تقول أليسار كركلا "في كل مطلع صباح أعمل ما بوسعي لأن أكون إيجابية لكي لا يمر عليّ الوقت دون أن أمسك به نحو إنتاج جديد. حلمي لا يتوقف، فالفنان لا يصل إلى نهاية المسيرة الفنية في الزمن الذي هو فيه، فحركة الفن تتواصل في العالم من مبدع إلى آخر، وإنني في حالة تأهب دائم لتخطي أي تحد يقف أمامي، وذلك بالمعرفة والعلم والإبداع. هذا ما زرعه بنفسي والدي عبد الحليم كركلا، مثالي الأعلى وأستاذي، كما زرع في نفسي القيم والعزم والإرادة والشجاعة على خرق المجهول، فهو مصدر رؤيتي وإبداعي". الرقص فرحمن الأعمال المسرحية حول الاعمال والمشاريع المستقبلية للفرقة، تقول أليسار "الفرقة قدمت عملها المسرحي الجديد "جميل وبثينة" في شهر "فبراير" الفائت في منطقة العلا في المملكة العربية السعودية، ضمن فعاليات مهرجان "شتاء طنطورة"، الذي تنظمه الهيئة الملكية لمحافظة العلا. هو إنتاج مسرحي غنائي راقص، يحمل دعوة للفن والإبداع، يروي قصة الحب الأسطورية عن الشاعر جميل بن معمر الذي وقع بجنون في حب بثينة بنت حيان، هذه القصة التي بقيت عبر الزمان والمستوحاة من الذاكرة التاريخية لمدينة العلا، هذه المنطقة التي تعتبر من أجمل بقع العالم وكأنها قطعة من المريخ تسكن على الأرض، إنها واقع وخيال. اشترك في هذا الإنتاج الفني الضخم إلى جانب مسرح كركلا أهم نجوم المسرح والغناء وفرق فنية من مختلف أنحاء العالم، ليتخطى عدد المساهمين في إنجاز هذا الحدث الفني ثلاث مئة شخص من مبدعين وإداريين وتقنيين ومهندسين وكتاب وشعراء وغيرهم. وكان من المفترض أن نباشر جولتنا العالمية مع هذا العمل في شهر "أبريل" الفائت، لتقديمه في المحافل الدولية وأكبر المسارح العالمية كرسالة ثقافية وفنية وحضارية تنطلق من المملكة العربية السعودية إلى العالم. وأنا اليوم على تواصل دائم مع والدي عبد الحليم كركلا وشقيقي المخرج إيفان الموجودين حالياً في لندن لمتابعة ومناقشة أعمالنا ومشاريعنا وجولاتنا المستقبلية. وأود أن أضيف أخيراً، أنه غالباً ما تسوقنا مشاعرنا إلى حيث لا نريد، لذلك مرجعنا دائماً هو العقل، فهو القائد الذي يقودنا إلى حيث يجب أن نكون، ولولا العقل ما كان هناك علم ولا معرفة ولا إبداع".
مشاركة :