الفن التشكيلى مع أصحابه قصص وحكايات كثيرة، فمثلما ترك الفن بصمته عليهم، هم أيضًا بالتأكيد تركوا بصمة غائرة فيه، فسواء أكان فنانا غائب أم حاضرا، وسواء أكان مشهورا أو لم يلق من المعرفة والأضواء ما يستحق، فبالتأكيد تلقيبه بـ«فنان» قد أخذت منه العديد من السنوات والمعرفة والخبرة والممارسة.. تدور الحلقة السادسة عشرة من سلسلة «بورتريه» فى موسمه الثانى، حول فنان تشكيلى يُعد من الأركان المهمة للحركة التشكيلية المصرية، لمُساهمته الكبيرة بها لاكتشافه خامة الجرانيوليت فى عام ١٩٧٩ لتُستخدم فى التصوير الجدارى، حتى لُقب بـ«رائد فن الجرانيوليت» الأول فى مصر والعالم كله، هو الفنان وفيق عبدالحميد محمد المُنذر، والشهير بـ«وفيق المُنذر».وُلد «وفيق المُنذر» فى الأول من يوليو لعام ١٩٣٦، فى بلدة «منية سمنود» بمُحافظة الدقهلية، ثم انتقل مع اسرته إلى القاهرة وسكن فى حى حدائق القبة، وقضى بها فترة طفولته ومراحل تعليمه الأولى حتى المرحلة الثانوية، ثم التحق بكلية الفنون التطبيقية التى تخرج فيها فى ١٩٦٠ وهو فى الرابعة والعشرين من عمره فى تخصص التصوير.عمل «الُمنذر» فى مجال الفنون الشعبية، حتى كان مدير عام الشئون الفنية لقطاع الفنون الشعبية، وخلال حياته العملية شارك فى تصميم ملابس عدة فرق شعبية، على رأسها فرقة رضا، بالإضافة إلى تصميمه العديد من الكتب ودواوين الشعر والمجموعات القصصية.انضم «المُنذر» إلى نقابة الفنانين التشكيليين ليصبح عضوًا بها، ثم عضوًا بنقابة المهن التمثيلية، وعضو بأتيليه القاهرة للفنانين والأدباء، وعضو جمعية أصالة للفنون التراثية، والجمعية العربية للثقافة والإعلام، وأخيرًا عضوًا بجماعة الغورى.فى نقطة تحول بحياة الفنان «وفيق المُنذر» على المستوى الخاص، وتحول فى تاريخ الحركة التشكيلية على المستوى العام، اكتشف «المُنذر» خامة «الجرانيوليت» فى عام ١٩٧٩، أى وهو فى الثالثة والأربعين من عمره، وذلك لاستخدامها فى مجال التصوير الجداري، فارتبطت باسمه حتى تم تلقيبه بـ«رائد فن الجرانيوليت» الأول فى مصر والعالم.كتب عنه الناقد والفنان التشكيلى محمد كمال كتابًا كاملًا حول «وفيق المنذر» بعنوان «موسيقار الرمال»، وجاء فيه: «كان الوسيط المادى ولم يزل ركنًا عتيدًا فى عالم الفن، حيث أراه دائمًا هو الوعاء الآوى والحافظ للحظات من الخلق المدهش النابع من وجدان حى نابض وروح شفافة وعقل قادر على تنظيم الحصاد الإبداعى بإحكام لا يمنع المُغامرة».وواصل: «عُرف بداية بممارسته للتصوير الزيتى، إضافة إلى فن الموزاييك الذى ظل يُقدمه بين أضلاع اللوحة الأربعة عبر طاقة تعبيرية مباشرة على السطح بتصميمه المُحكم، حتى اكتشف خامة الجرانيوليت عام ١٩٧٩، كرائد لتوظيفها على مسطح تصويرى محدود، بعيدًا عن استخدامها فى واجهات المبانى والديكور الداخلى».شارك «المُنذر» خلال حياته العملية، فى تصميم الأزياء للعديد من فرق الفنون الشعبية والسيرك القومى، وقام بعمل تصميم جرافيكى لفرقة رضا «الفرق القومية» السيرك القومى، وفى حياته قام بإعداد برامج وشارك فى تقديمها لمحطة الشرق الأدنى بالإذاعة العربية.قام الفنان خلال حياته بالعديد من الزيارات الفنية حول البلدان المُختلفة، حيث تلقى دعوة من الحكومة الإيطالية من جامعة بروجيا، ودعوة من المملكة المُتحدة بمناسبة حصوله على الجائزة الأولى فى معرض طلائع لعام ١٩٦٢.بعد بلوغ الفنان «وفيق المُنذر» عمر المعاش، عمل مستشارًا وخبيرًا فنيًا بوزارة الثقافة، وظل يُمارس الفن الذى أنفق عليه حياته كلها، حتى فارق الحياة فى الثانى والعشرين من أكتوبر لعام ٢٠١٤، وذلك عن عُمر يُناهز ٧٨ عامًا.
مشاركة :