يظل المرء مخيرا وليس مسيرا من حياته الى مماته وهذا لا يتعارض مع القدريات والحتميات التى تفرض نفسها و تغير بوصلة الأهداف دون ترتيب مسبق وهى النظرة التى تتفق مع أبجديات المنطق و الواقع لذلك تجد العلماء الذين يفيدون البشرية والجهلاء الذين يخربونها ويعيثون فى الأرض فسادا.ولعل الإجرام أو الشر فى صورته الذاتية مكتسبا وليس موروثا عبر الجينات كما أن الذي اختار أن يكون أنسانا صالحا يفيد وطنه لا يمتلك قدرات خارقة أو ذهن خاص بل يمتلك قوة اتخاذ القرار لكى يصبح صالحا بينما من فضل طريق الموت والدم إستسلم لأفكار مغلوطة يمكنها أن تدمره فى نهاية الأمر ويتجلى هذا القالب الدرامى فى مشاهد مسلسل "الاختيار" الذى يبث عبر فضائية on e خلال شهر رمضان ويجسد بسالة القوات المسلحة المصرية وقدرتها على حماية الأرض والعرض من قوى الشر التى سبق وتحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي وهى قوى متناثرة غير متجانسة تتلقى تمويلا ودعما من دول وجهات معادية لمصر وتتخذ من الظهير الصحراوى بشمال سيناء بما يحويه من مغائر و تكتلات جبلية مخابئ لهم وقواعد ينطلقون منها لتنفيذ عملياتهم الإرهابية ضد مؤسسات الدولة. ويسلط المسلسل الضوء على دور الكتيبة ١٠٣ صاعقة بقيادة العقيد الشهيد أحمد المنسي الذى استشهد دفاعا عن الوطن من عناصر الإرهاب الغادر الذى تمدت شوكته بعد وصول جماعة الإخوان للحكم وأصبح بينهم تحالفات واتفاقات من أجل الاستمرارية فى نشاطهم و تنفيذ هدفهم الأكبر بتحويل سيناء الى إمارة إسلامية مستقلة يتم فيها توطين سكان قطاع غزة ومجاهدين حماس إلا أن الجيش المصرى الوطنى ببسالة معهودة واجه تلك العناصر التكفيرية ودحر معظم بؤرهم الإرهابية وجفف منابع إمداداتهم المختلفة وتمكن من إعادة فرض الأمن والاستقرار فى سيناء .وقد نجح مخرج المسلسل فى حلقاته التى تم عرضها حتى الآن من تكوين صورة واقعية ملموسة لقصة حياة العقيد أحمد المنسي الذى يقوم بدوره الفنان أمير كرارة وأجاد تقمص شخصيته بل وأضاف عليها بصمته الخاصه بينما يلعب دور النقيض الفنان أحمد العوضى ويجسد شخصية الإرهابي هشام العشماوى الرائد المفصول من القوات المسلحة بسبب أفكاره المتشددة بعد إنضمامه لجماعة بيت المقدس و تأسيس خلية المرابطون فى شمال سيناء .ويعد العشماوى أحد أخطر الإرهابيين فى العصر الحديث لما اكتسبه من خبرات خلال فترة خدمته فى سلاح الصاعقة لكنه للأسف تحول الى معول قتل وخنجر مسموم يقتل الأبرياء بأسم الدين وقد شارك فى عدة عمليات إرهابية ضخمة منها إغتيال النائب العام هشام بركات ومحاولة تفجير موكب وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم و تفجير كمين الفرارة وغيرها من حوادث إرهابية ضد الكنائس والأقباط سواء بالتخطيط أو بالدعم أو التنفيذ الفعلى وقد اقتنصته قوات الجيش الليبى بقيادة الفريق حفتر خلال اختبائه مع مجموعته بأحد الأماكن الوعرة بعد هروبه من مصر ثم سلمته للمخابرات العامة المصرية بواسطة عناصر الgis وتمت محاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا والحكم عليه بالإعدام شنقا وتم تنفيذ الحكم الذى أثلج صدور أسر شهداء الجيش والشرطة التى سالت دمائهم على أيدى أتباعه.وانتهت الأسطورتان المتضادتان نهايتان مختلفتان، الأولى بطلها الشهيد منسي الذى حفر اسمه فى سجلات الوطنية والثانية بطلها العشماوى الذى سقط فى هاوية الدم والنار وباع نفسه للشيطان.
مشاركة :