تعليق: هل مهاجمة السياسيين الأمريكيين الدائمة للصين ستنقذ أرواح الأمريكيين من براثن فيروس كوفيد-19؟

  • 5/10/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بمجرد الكشف عن "الوثائق المناهضة للصين" للحزب الجمهوري الأمريكي والتي أثارت احتجاجات وضجة عارمة، قامت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ في الحين بنشرها على تويتر في مواجهة الإنتشار المتسارع لفيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة، ركز بعض السياسيين الأمريكيين ووسائل الإعلام على افتعال المشاكل بدل التركيز على إنقاذ الناس، وهذا حقا يجعل اللسان عاجزا عن التعبير. قبل أيام قليلة، قامت وسائل الإعلام بنشر وثيقة من 57 صفحة أصدرها الحزب الجمهوري تتضمن دروسا تفصيلية حول كيفية إلقاء المسؤولية على الصين فيما يتعلق بانتشار الوباء. ولعل أهم شيء هو ما يلي: عندما يُطرح السؤال "هل تفشي الوباء ناجم عن خطأ ترامب؟" قيل للجمهورين أن يجيبوا "بالإضافة إلى التأكيد على أن الرئيس أصدر حظر السفر من وإلى الصين، فلا يجب الدفاع عن الرئيس بأي شيء آخر، فقط هاجموا الصين بشكل مباشر". يظهر هذا الإختيار البسيط والفض للكلمات أنه عندما يواجه الساسة الأمريكيون الوباء فهم لا يتحدثون عما يقوله العلم ويتجاهلون كل الحقائق والأدلة في محاولة خبيثة منهم لإرباك الرأي العام وخداعه. في الواقع، قبل الكشف عن هذه الوثائق، قام العديد من السياسيين مثل وزير الخارجية بومبيو والسيناتور توم كوتون بافتعال المشاكل لمدة طويلة. هم فقط حريصون على تسييس أصل الفيروس وإضافة كلمة "احتمال" في كل خطاباتهم مما يجعل ما يسمى بمعهد أبحاث ووهان "خطرا أمنيا" ومتسببا في تسريب للفيروس، لكنهم لم يقدموا أي أساس علمي لمثل هذه الإدعاءات الخطيرة. وللتغطية حول الإستجابة الضعيفة للحكومة الأمريكية في مواجهة الوباء أمام تزايد شكوك الشعب الأمريكي، فإنهم لم يجدوا طريقة أخرى إلا توجيه الإتهام للصين وإلى منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بفشلهم في إدارة الأزمة خلال فترة تفشي الوباء. إن حبال الكذب قصيرة، حيث تم إبلاغ كوريا الجنوبية والولايات المتحدة عن أول إصابة مؤكدة فيروس كوفيد-19 في نفس اليوم ومنذ البداية، لكن منذ ذلك التاريخ، كان مسار تفشي الوباء في البلدين مختلفا تماما. في الأيام القليلة الماضية، قام ريتشارد هوتون رئيس تحرير مجلة "ذي لانسنت" وخبراء الصحة الآخرين بتمشيط الجدول الزمني حول تطور تفشي الوباء بالتفصيل، وقد أكدوا على أن الولايات المتحدة حصلت على المعلومات المتعلقة بالفيروس من منظمة الصحة العالمية منذ البداية، مما يثبت مرة أخرى بأن "تعطيلها وتأخيرها" في الإستجابة مجرد كذبة كبيرة. تعد الولايات المتحدة في الوقت الحاضر أشد الدول تضررا في العالم بسبب الفيروس مع أكثر من مليون إصابة مؤكدة وحوالي 80 ألف حالة وفاة. وقد قال بعض مسؤولي الصحة إن هذا الوباء بمثابة "هجمات بيرل هاربور و11 سبتمبر" بالنسبة للأمريكيين في الوقت الحالي. ومع زيادة انتشار المزيد من المعلومات حول الإستجابة الضعيفة للحكومة الأمريكية والفوضى العارمة في المراحل المبكرة من تفشي الوباء، ومع زيادة فهم الأمريكيين لكيفية انتشاره، بات من الواضح أن بعض الساسة الأمريكيين مازالوا يخدعون أنفسهم إذا ظنوا أنهم قادرون على افتعال المشاكل وإلقاء اللوم على الآخرين لتضليل الرأي العام. لقد كانت هذه الأزمة التاريخية في الأيام القليلة الماضية مصدر إلهام للمجتمع الأمريكي لطرح المزيد من الأسئلة ولمزيد التفكير. إن تركيز جميع الأطراف المعنية هو السبب في أنه وعلى الرغم من امتداد أكثر من شهرين، فإن الولايات المتحدة لا تزال غير قادرة على السيطرة على المرض، وإجراءات المكافحة بطيئة جدا وسلبية. أشار مقال بمجلة العلوم إلى أن استجابة الحكومة الأمريكية للوباء بالـ "المُجزّأة والفوضوية"، وتعاني من رسائل متضاربة من قبل السياسيين. وقد أشار آرثر كابلن، الأستاذ في مركز لانجون الطبي بجامعة نيويورك إلى أن البيت الأبيض لم يأخذ تهديدات تفشي الفيروس في الولايات المتحدة على محمل الجد، وبأن المحافظين الذين يؤمنون بالأسواق الحرة يضعون الأيديولوجية فوق العلوم وبالتالي لا يمكنهم القيام باستجابة وطنية قوية لمواجهة الوباء. وبما أن الأبحاث العلمية لم تقرر كلمتها بعد، فإن التضامن والتعاون الدوليين هما "اللقاحين" الأكثر فعالية التي تحتاج البلدان للإعتماد عليها لمكافحة هذا الوباء. إن هذا الفيروس لا يعترف بالحدود، وحتى يصبح الجميع بأمان فلا يمكن لأحد التحدث عن الأمان الحقيقي. في مواجهة هذه الأزمة العالمية، فإن أي شخص يحارب الفيروس في أي ركن من أركان العالم فهو ينتمي إلى النضال البشري ضد الوباء. وأما لعبة افتعال المشاكل وإلقاء اللوم على الآخرين، فهي فقط لصم الآذان عن الإستماع للحقيقة ولا يمكنها أن تكون لقاحا ضد الفيروس، بل ربما أفضل لو قلنا عنها بأنها "فيروس سياسي". وهذا مرض لابد من معالجته!

مشاركة :