حذرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية من احتمالات استثمار المنظمات الإرهابية الدولية انشغال العالم بجائحة "كورونا" وإقدامها على شن عمليات نوعية تستهدف زعزعة أمن واستقرار دول العالم بما فى ذلك الولايات المتحدة ذاتها.يأتي ذلك التحذير فى إطار تعزيز مستويات التأهب الأمني لمواجهة أي تحركات لجماعات العنف والإرهاب في الولايات المتحدة وخارجها. وكانت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية رصدت "بعين القلق" منذ شهر أبريل الماضى نشاط جماعات متعصبة داخل عدد من الولايات الأمريكية مدفوعة بتبرم المواطنين الأمريكيين من إجراءات "التباعد الاجتماعي" وإغلاق طرق الحركة بين الولايات الأمريكية، وما نجم عن ذلك من أعمال عنف.ونبهت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى إمكانية استثمار منظمات الإرهاب المتربصة بالولايات المتحدة للتحرك داخليا، واستثمار حالة الفوضى التى خلفها وباء "كورونا" واحتياطات الاحتراز منه، والتي نالت من حرية المواطنين في التنقل والتنزه. ويقول خبير الشئون الأمنية ومكافحة الإرهاب في الولاثات المتحدة، بريدجيت جونسون رئيس تحرير دورية "الأمن الداخلي" اليوم، الأحد، إن وباء "كورونا" المستجد ربما يخلق حالة من الانكشاف الأمني فى عديد من دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة، بما يضعف مناعتها في الكشف السريع عن تحركات عناصر الجريمة المنظمة، ما قد يشجع منتسبيها على العمل العنيف في كثير من المناطق. واستشهد الخبير الأمريكي بما أوردته المنصات الإعلامية لمنظمات إرهابية عديدة من رسائل تحريضية لمنتسبيها حول ضروره استثمار أجواء "كورونا" فى تحقيق أهداف تلك المنظمات، وكان ذلك هو مضمون منصة "النبأ" التي تعد لسان الحال تنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك فى عددها الأخير الصادر نهاية أبريل الماضي. كما حرضت "القاعدة" عناصرها على شن عمليات استهداف خاطفة تستهدف المنشآت ضعيفة الحراسة، وغيرها من الأهداف الحيوية السهلة في دولهم، مستغلين انشغال قوات الأمن والشرطة فيها بفرض إجراءات منع التزاحم وحظر التجول. وكانت الهجمات التى شهدتها مناطق من العراق وسوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط ترجمة عملية لتلك الرسائل "التحريضية" لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" باستغلال حالة الارتباك التى خلفها وباء "كورونا"، كما تعرض الحاسوب المركزي الخاص بوزارة الصحة الأمريكية في منتصف مارس الماضي لاختراق أدى إلى تعطله بعض الوقت، حتى استطاعت أجهزة الأمن الرقمي الأمريكي استعادته وتشغيله بكفاءة، وهو السلاح الأول لتنسيق خدمات مكافحة وباء "كورونا" المستجد.ويرجح مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أن يكون الاختراق هو محاولة لضرب النظام الصحي الأمريكي فى الصميم في خضم تلك الأزمة، وهو ما لم يتحقق عمليا بفضل الاستعداد التقني ونظم الأمن الرقمي في الولايات المتحدة. وبحسب دورية "انتلجس أونلاين" الأمريكية المتخصصة في الشأن الأمني، فقد تسبب وباء "كورونا" في إرباك المشهد الأمني في عديد من دول العالم ومناطقه، فضلا عن ذلك نال الوباء من أشد مقار الأجهزة الأمنية الأمريكية تحصينا، حيث كشفت الدورية الأمريكية عن إصابة عدد من العاملين فى مركز العمليات الأمنية التابع لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية بفيروس "كورونا"، وذلك في الحادى والثلاثين من مارس الماضى. وكشفت أنه بناءً على ذلك، تم نقل مركز العمليات الأمنية لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى مقر احتياطي بديل، بعد إخلاء مقره الأصلي - الواقع في شارع مستشفى إليزابيث، حيث مقر وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في واشنطن، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير على عمل الوزارة وعملياتها التى سارت على وتيرتها المعتادة بفضل سرعه التعامل مع الموقف وكفاءة الإجراءات البديلة في حالات الطوارئ. وتعد وزارة الأمن الداخلي الأمريكي هى المحور التنسيقي الرئيسي بين جميع أجهزة الأمن الأمريكية فيما يتعلق بأمن وسلامة الأراضي الأمريكية من الداخل ضد أي تهديدات، كما تعد هذه الوزارة بمثابة وزارة الداخلية في الولايات المتحدة، وهى وزارة مستحدثة بعد اعتداءات الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، وهى تعمل بصورة وثيقة مع الاستخبارات المركزية الأمريكية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة الولايات، وسائر أجهزة إنفاذ القانون.وكانت مجلة "تايم" الأمريكية واسعة الانتشار ذكرت فى معرض تغطيتها لأزمة "كورونا"، أن تلك الجائحة غير المسبوقة فى العالم قد أثرت على أنشطة الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في العالم، ونقلت عن مسئولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وخبراء مركز الاستخبارات الوطنية تأكيدهم أن إجراءات منع التجول وإجراءات "التباعد الاجتماعي" تعوق تحركات عناصر المراقبة وجمع المعلومات، وكذلك تعطل عمل عناصر التجسس البشري في مناطق عديدة من العالم ممن لا تستطيع وسائل التجسس الإلكترونى العمل كبديل عنها. كذلك وجد مئات من ضباط الاستخبارات الخارجية الأمريكية، المسئولين عن تشغيل العملاء حول العالم أنفسهم مجمدي النشاط بسبب إجراءات "التباعد الاجتماعي" وحظر التجول، كذلك شلت عمليات إغلاق الطرق والمقاطعات في بلدان عديدة من العالم قدرتهم على التنقل من مكان إلى آخر، مما أحال الأمر بالنسبة لهم إلى ما يشبه إجازة إجبارية، وأجبر عملاءهم على تجميد حركتهم خشية الانكشاف، وهو ما أعطى متنفسا نوعيا لمنظمات النشاط الهدام ومنتسبيها للتحرك بقدر من الحرية الأكبر بعيدا عن عيون رجال الأمن وأجهزة المخابرات.
مشاركة :