في مثل هذا اليوم 10 مايو 1746، ولد عالم الرياضيات الفرنسي غاسبار مونج، وهو مخترع الهندسة الوصفية، يعتبر من مؤسسي مدرسة بوليتكنيك، ونقل رفاته سنة 1989 إلى مقبرة العظماء (البانتبون) بباريس خلال الاحتفال بالمئوية الثانية للثورة الفرنسية.عمل غاسبار في مجالات علمية متنوعة، ولد في مدينة بون الفرنسية القريبة من مدينة ديجون، وكان أبوه يعمل مجلخًا متجولًا، أرسل إلى مدرسة دينية في ليون لتعليم الفيزياء وهو ابن السادسة عشرة. استقطب مونج إعجاب أساتذته وأهل بلدته حين رسم بأجهزة صنعها بيديه مخططًا لمدينة بون عام 1762، فكان هذا المخطط بداية مونج العلمية. وأعجب أحد الضباط المهندسين كثيرًا بالمخطط الذي رسمه مونج فأمر بإرساله إلى كلية الهندسة العليا في ميزيير وهي تابعة للجيش، ولكن الضابط نسي للأسف أن هذه الكلية لا تقبل إلا أبناء النبلاء الفرنسيين ليكونوا ضباطًا، أما أبناء العامة فيتخرجون في المدرسة برتبة صف ضابط.على الرغم من هذا الواقع المؤلم ظل مونج غارقًا في حساباته وقياساته ولوغاريتماته حتى اكتشف الهندسة الترقيمية التي أخذت بعدئذٍ شكل هندسة سميت بالوصفية، وهي الهندسة التي تدرس المبادئ الرياضية الأساسية لتمثيل الأجسام ثلاثية الأبعاد في مستوى ذي بعدين.أعجب الأساتذة في أكاديمية مزيير العسكرية بطريقة مونج فطلبوا منه أن يدرسها لزملائه شريطة ألا ينشرها في الخارج لكي لا يستفيد منها الأعداء، وهكذا ظلت هذه الهندسة مكتومة مدة خمس عشرة سنة. كان من أقرب المقربين لنابليون الشهير، وأحد رجال الثورة الفرنسية البارزين، وعضوًا بارزًا في حزب الإديكاليين، أوكل إليه دور في إصلاح الموازين والمكاييل الذي نظمه المجلس التأسيسي البحري في عام 1790، وكان أحد مؤسسي النظام المتري في عام 1771، عين وزيرًا للبحرية في عام 1792.أسهم مونج في تأسيس المدرسة العليا الشهيرة والمتعددة التقنيات، والتي تخرج فيها كبار الفلاسفة مثل هنري برغسون وجان بول سارتر، وسياسيون مثل جورج بومبيدو رئيس جمهورية فرنسا وليوبولد سنغور رئيس جمهورية السنغال، وصار أستاذًا فيها يدرس الهندسة الوصفية.شارك في بعض التجارب الكيمياوية وفي صناعة البارود وألّف كتابًا عن صناعة المدافع، وشارك في تأسيس مدرسة البوليتكنيت التي لا تقبل إلا الطلاب المتفوقين، وكان من أساتذتها مونج ولاغرانج ولابلاس، وضع أسس الهندسة التفاضلية واكتشف في علم الهندسة دائرةً عرفت باسم دائرة مونج، وفي أثناء حملة نابليون على مصر رافقه مونج، وهناك فسَّر مونج ظاهرة السراب، وألف كتابًا في الهندسة التحليلية وأورد تعميمًا لنظرية فيثاغورث، فقد أثبت مع رياضي آخر هو هاشيت أن مربع مساحة شكل مستوى يساوي مجموع مربعات مساقطه على ثلاث مستويات متعامدة مثنى مثنى، وكذلك أعطى مونج دستور بعد نقطة عن مستقيم معلوم، وكذلك أقصر بعد بين مستقيمين متخالفين (أي غير واقعين في مستوى واحد).كان مونج مدرسًا ناجحًا مثلما هو إداري ناجح، فكان تأثيره في تلاميذه قويًا حتى إن أربعة كتب في الهندسة التحليلية ظهرت في السنوات الأربع بين عامي 1798و 1802 وكلها بأقلام تلاميذه في المدرسة المتعددة التقنيات وهم لاكروا F.Lacroix ت(1765ـ1843)، وبيو عامي (1774و1862)، وبويسان وقد أعيد طبع كتبهم مرات عدة وبلغات مختلفة، وتوفي في مدينة باريس، بعد أن ترك إرثًا علميًا غزيرًا.
مشاركة :