تحقق الولايات المتحدة تقدماً مطرداً في الحد من استهلاك الطاقة، وفي زيادة كفاءة تكنولوجيا الطاقة البديلة، وفي الإجراءات التي تساهم في خفض مستويات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتي يمكنها أن تحوّل البلد إلى اقتصاد منخفض الكربون. واستعرض وزير الطاقة إرنست مونيز تلك النظرة العامة حـــول التقدم المحقق في خطاب ألقاه في مركز للأبحــاث والتحليل في واشنطن. ودعــــا مركز الدراسات الإستراتيجية والدولـــية مونـــيز لإلقـــاء كلمة بمناسبة الذكرى الأربعين لحظر تصدير النفط العربي إلى الولايات المتحدة. ووفقاً للعديد من التحاليل، استثار حظر النفط وعياً أميركياً جديداً حول الثمن السياسي والاقتصادي للنفط، وحفز الاستثمارات في مجال كفاءة الطاقة وأنواع الوقود البديل، وأدى إلى إنشاء وزارة الطاقة التي تمثل منبعاً للابتكارات والأبحاث في حقل الطاقة، ولكنها تقوم أيضاً بتحاليل واسعة وتنشر كميات هائلة من البيانات حول مصادر الطاقة، والأسواق، والاستهلاك، والاتجاهات الرئيسية الأخرى في هذا القطاع. وقال مونيز في خطابه: «إن الاعتماد الأقل على النفط العربي، الذي تحقق من خلال زيادة التنويع في مصادر الطاقة، يشكل إحدى أهم التغييرات في طبيعة مصادر الطاقة في البلد منذ سبعينات القرن العشرين. فإضافة إلى النفط والغاز والطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من أنواع الطاقة المتجددة، أصبح استهلاك الوقود البيولوجي يمثل الآن 10 في المئة من إمدادات الطاقة». وأكد مونيز بأن الدولة حققت «تقدماً كبيراً» في كيفية استخدام النفط، وعلى وجه الخصوص في أساطيل السيارات. فقد سجلت السيارات في العام 1973 معدّل استهلاك بلغ غالوناً واحداً لكل 11 ميل (4.7 كلم/لتر) من الوقود. وفرضت المعايير الفيديرالية المعتمدة عقب الحظر على الشركات المصنعة زيادة الكفاءة في استهلاك وقود السيارات. خفض الانبعاثات ونتيجة لذلك، فإن السيارة في القرن الـ21 تجتاز في المتوسط أكثر من ضعف المسافة التي كانت تجتازها في سبعينات القرن العشرين باستخدام كمية مساوية من الوقود. وأشار مونيز إلى أن سيارات اليوم تجتاز نحو 25 ميلاً بالغالون الواحد (10.6 كلم/لتر)، وتعمل صناعة السيارات الآن على تلبية متوسط يبلغ 50 ميلاً بالغالون الواحد (21.3 كلم/ لتر) بحلول العام 2025. وجاء في كلمة مونيز أن تطوير السيارات التي تعمل بوقود بديل يشكل إستراتيجية رئيسية لتخفيض الاعتماد على النفط في البلاد، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. وقد حققت السيارات الهجينة العاملة بالبنزين والكهرباء تقدماً قوياً في السوق الأميركية مع تجاوز نسبة تكيف المستهلكين الوتيرة المتوقعة قبل عدة سنوات. ولا تزال تكنولوجيات السيارات العاملة بالوقود البيولوجي والسيارات العاملة بالكهرباء بشكل كامل تتطور لتصبح تنافسية مع السيارات التي تعمل بالبنزين، لكن اهتمام الصناعة والسوق يسرّع وتيرة هذه العملية. وأكد «إن هذه التقنيات ليست بعيدة كما يعتقد الناس». والأفضل من ذلك أن مصابيح إنارة أفضل وأكثر كفاءة، قد عرضت في الأسواق منذ بعض الوقت لكنها كانت باهظة الثمن. وكان العديد من المستهلكين مترددين في دفع مبلغ أكبر لشراء مصباح الإنارة الأولي، على رغم معرفتهم بأن تكنولوجيا الدايودات الجديدة الباعثة للضوء ستستمر لفترة أطول بكثير من مصباح الإنارة القياسي. فهذه التكنولوجيا، التي بالكاد تغيرت منذ قرن من الزمن، تفتقر إلى الكفاءة، وتفقد كميات كبيرة من الطاقة على شكل حرارة مهدورة. ويتوقع مونيز حصول تغيير حاد في سلوك المستهلك، منذ أن خفض متجر «وول مارت» سعر هذه المصابيح بنحو الثلث في الأسابيع الأخيرة. وأكد أن وزارة الطاقة والباحثين في مجال الطاقة وشركات الطاقة يعملون جميعًا على إجراء الأبحاث، والتطوير، والنشر لمجموعة أكثر تنوعًا وأوسع نطاقًا من المصادر والتكنولوجيات. وجميع هذه الطرق تؤدي إلى الاتجاه ذاته، أي إلى خفض التكاليف كي تصبح التكنولوجيات أنظف وقادرة على المنافسة ويمكن أن تخلق مستقبلاً تقل فيه الانبعاثات الكربونية. وفي تطور له علاقة بذلك، أعلنت «وكالة حماية البيئة الأميركية» في 23 تشرين الأول (أكتوبر) أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من محطات توليد الطاقة الكهربائية انخفضت 10 في المئة خلال العامين الماضيين. ويعزى هذا الانخفاض إلى تحول واسع النطاق في هذه الصناعة من الفحم إلى الغاز الطبيعي كخيار للوقود.
مشاركة :