فهد حسين ينال الدكتوراه بدرجة امتياز في الأدب العربي الحديث

  • 6/27/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حاز الكاتب والناقد البحريني فهد حسين مؤخراً على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز، مع مرتبة الشرف الأولى، عن بحثه المقدم لنيل هذه الدرجة في الأدب الحديث، والذي حمل عنوان المرأة في الرواية الخليجية النسوية الجديدة، دراسة سردية لنماذج مختارة، أشرف عليه أستاذ النقد الأدبي الحديث، الدكتور صلاح فضل، من معهد البحوث والدراسات العربية، بجمهورية مصر. وانطلق الدكتور فهد لدراسة هذا الموضوع المهم، من هاجس كان ينتابه بين الحين والآخر، ويتمثل في المشهد الأدبي والثقافي الخليجي، وما ينبغي علينا نحن أبناء هذا المشهد تجاهه، مبيناً أن المنطقة لا تزال بكراً في مجال الدراسات النقدية والبحثية على الرغم من تلك الدراسات والبحوث الأكاديمية وغير الأكاديمية، وما ينشر في الصحافة اليومية، ومن خلال المؤتمرات والملتقيات ومعارض الكتب، بالإضافة للسياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمنطقة، التي تفرض على الكتّاب والباحثين الوقوف عند محطات كثيرة للبحث والدراسة عنها وفيها، وتحديدًا فيما يتعلق بدور المرأة وعلاقة هذا الدور بتطور المجتمعات الخليجية. ويؤكد الدكتور في مقدمة دراسته بأن معظم ما قام به الكتاب والدارسون والباحثون الخليجيون والعرب انصب حول المنجز الشعري الخليجي، إلا أنه برزت في الفترة الأخيرة دراسات أكاديمية تهتم بالمنجز السردي، وبالخصوص في سياق موجة الكتابة الروائية الملفتة ليس في المنطقة فحسب، بل على مستوى العالم العربي، تلك الرواية التي يكتبها كل من المرأة والرجل، وهكذا باتت التجربة الروائية الخليجية النسوية حاليًا ظاهرة وواقعًا ملموسًا ينبغي الوقوف عندها ودراستها، وبالتحديد فيما يتعلق بما تسرده وتناقشه من أوضاع المرأة والتحولات المختلفة التي واكبت مسيرة التطور في دول منطقة الخليج العربية كما يقول الدكتور فهد. ويوضح لنا بأنه لذلك اختار البحث في الكتابة الروائية للمرأة الخليجية وعلاقة هذه الكتابة بها، والتأمل في القضايا التي تناقشها الرواية الخليجية النسوية، وكيف تنظر الروائية بوصفها امرأة إلى بني جنسها في السرد الروائي، وانعكاس ذلك على الواقع المعيش، ومعرفة إن كان حضور المرأة حضورًا شكليًا يقتضيه العمل الروائي، أم هو حضور تفرضه حتمية القضايا المتناولة في العمل نفسه، وهو ما يجعلنا ننظر إلى مستوى هذا العمل الروائي الخليجي النسوي وطبيعته في ظل الفكرة السائدة تجاه المرأة التي تشير إلى أنها قاصرةٌ عقلاً، وضعيفةٌ إرادةً، ومضطربةٌ في اتخاذ القرار، ومدى الوعي الذي وصلت إليه المرأة الخليجية، ومعرفة دورها في المجتمع إبداعيًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا، والسعي إلى نقل المنجز الروائي الخليجي النسوي من الهامش إلى مركز التحليل والنقد. وللإجابة على كل هذه الإشكالايات وإيضاحها اعتمد الدكتور فهد على آلية تتمثل في: اختيار عدد من الروايات النسوية في الدول الست المنتمية لدول مجلس التعاون الخليجي، صدرت بين النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي والألفية الأولى من القرن الحالي، عدا رواية المرأة والقطة، ورواية وسمية تخرج من تقتضيه الحاجة إلى رواية كتبها الرجل في المنطقة الخليجية أو العربية. كما جاء نصيب الروائية الخليجية متفاوتًا وفقًا لدواعي البحث، أما على صعيد المنهج فقد اعتمد حسين على منهج يقف على طبيعة التلقي، أي أنه منهج يكشف كيفية تلقي القارئ للنص، وعلاقة هذا النص بالسياقات المجتمعية المختلفة، والنظر إلى النص في سياقه اللغوي وتمظهراته الجمالية والثقافية. وقد قسم الدكتور فهد بحثه إلى مدخل، تناول فيه إشكالية البحث وأهميته، والأسباب التي قيّدت المرأة لتكون خاضعة لسلطة الرجل في مجتمع يتصف في كثير من جوانبه بالمحافظ، والظروف التي ساعدتها لكي تتمرد على وضعها الاجتماعي. كما تم تناول مصطلح الأدب النسوي وتوظيف المصطلح ودلالته، وتعاطي الكاتبة العربية معه، الأمر الذي جعله يقف مجموعة دراسات سابقة ناقشت المنجز الأدبي للمرأة العربية عامة، والخليجية على وجه الخصوص، ليصل إلى الكتابة الروائية الخليجية النسوية. اما فصول البحث فقد قسمت إلى سبعة فصول، تباينت عدد صفحاتها، تبعاً لمادة كل فصل، إذ تناول في الفصل الأول تشكل صورة المرأة في الرواية الخليجية النسوية من خلال صورة الأم، الزوجة، الصديقة، الضرة، العاشقة. أما الفصل الثاني فيتناول تشكل صورة الرجل من خلال الأب، الزوج، الأخ، الصديق، العاشق. ودرس الفصل قضايا المرأة الاجتماعية والظروف المعيقة لتحقيق طموحاتها، ليقف عند مفهوم الحجاب، والتمرد الاجتماعي، والختان والمعتقدات الاجتماعية، والزواج وحالات الطلاق. في الفصل الرابع تناول الدكتور التعليم والوعي الثقافي والعمل السياسي والحقوقي تحت عنوان قضايا المرأة الثقافية. أما في الفصل الخامس فتناول المكان مفهومًا وحضورًا للمدينة العربية والأجنبية ورؤية الروائية لهذا المكان أو ذاك، كما درس في الفصل السادس مفهوم الزمن، ومدى اهتمام الروائية الخليجية به في حالتي الزمن الاسترجاعي والزمن الاستشرافي. وجاء الفصل السابع بعنوان اللغة في الرواية الخليجية النسوية ليقف عند توظيف اللغة الفصحى واللغة المحكية، وتوظيف الضمائر وتداخلها، وتعدد الرواة. ويخلص الدكتور فهد في خاتمة بحثه للكشف عن كون كتابة المرأة جاءت في عينة البحث (المدونة) لإثبات قدرتها لتكون فاعلة بذاتها الأنثوية من أجل تحسين صورة المرأة التي راجت في الأوساط المجتمعية بمختلف مجالاتها واتجاهاتها، وقد وسمت بأنها أقل من الرجل، وليس لديها القدرة على مواجهة الحياة منفردة، وهي بمثابة البحث عن الذات، والاشتباك الحقيقي مع الثقافة السائدة، والثقافة الموروثة التي دأب المجتمع على تأصيلها من جهة، وتحطيم المرأة من الجهة الأخرى. كما أوضح البحث عن الرغبة الجانحة للكتابة الإبداعية لدى المرأة، وإن كان ذلك على حساب القيمة الفنية بعض الأحيان. بالإضافة لهيمنة فكرة المكان والاهتمام به محليًا وخارجيًا عربيًا وأجنبيًا. والعمل على رسم أكثر من شخصية نسوية متضاربة الرؤى والتوجه والتطلعات. إلى جانب الاختلاف في طريقة طرح حالة التمرد الأنثوي وحرية الجسد، وفقًا لوعي الروائية ومفهومها للحرية. ويتابع الدكتور كشفه عن ما تمخضت عنه دراسته ليؤكد بأن هذه الكتابة رسمت صورة الرجل بوصفه أنموذجًا للتسلط والهيمنة. ودعت إلى محاربة التطرف وإعلاء قيمة التسامح والتلاقي الحضاري والثقافي والديني على نطاق إنساني. واستطاعت التوافق في توظيف اللغة الفصحى في السرد والوصف، والبقاء على اللهجة في التخاطب والحوارات لدى أكثر الأعمال، كما أفلحت في توظيف الجمل القصيرة العاكسة للحالات الملازمة للمرأة والدالة على العاطفة، أو المعبرة عن حالة الدهشة والاستغراب والاستفهام. بالإضافة للتباين في كشف ملامح الشخصيات النسوية ومعالجة بنائها، وتعرية كائنها الداخلي الذي يبحث عن هوية خاصة به. وبين فهد بأن الرواية الخليجية النسوية لم تشر إلى البنية الثقافية التي أنتجت هذا التسلط الذكوري، إلا من خلال الموروث والعادات. وقد برز الفكر الأبوي المتسلط من خلال المواقف الحياتية والتجارب المجتمعية، وليس من خلال التركيبة الذهنية العربية عامة، وعقلية الرجل على وجه الخصوص. كما عمدت هذه الكتابات إلى التركيز على وضعية المرأة، وعلى ظروفها المختلفة، ولكنها لم تقف على موروثها الأنثوي، ودورها في مواجهة سلطة الرجل عدا رواية القلق السري. وقد تم تكريس كل المحاولات في طرح ما يتعلق بالذات الأنثوية ضمن سياق العلاقات الاجتماعية والعاطفية. وضمن الاهتمام باللغة التي تحاكي اليومي الحياتي. ومتابعةً لكشوف الذي أوضحها بحث الدكتور، نراه يبين لنا أن هذه الكتابة أوضحت عن كون نمطية الشخصيات النسوية المتكررة في كل الروايات، والتي تمثلت في صورة المرأة التقليدية كصورة الزوجة والأم وربة البيت، وصورة المرأة السلبية التي لا تملك سلطة القرار، وصورة المرأة الجسد التي تبحث عن تمردها عبر حريته، وصورة المرأة ذات الأفق الضيق والعقلية المسطحة. كما كشفت الدراسة عن غلبة تأدية الأدوار المعدة سلفًا، وكأن الروائية هي التي تسيّر الشخصيات، ولا تتركها تتحرك لوحدها، وفي الوقت نفسه دخلت بها إلى مناطق اعتبرها المجتمع محرمة كالمثلية أو نقد الجماعات المتطرفة وظاهرة ختان الإناث، والنقاب والحجاب ورؤية المرأة تجاهه. ويختم الدكتور كشوفاته من خلال بحثه بالإشارة لكون هذه الكتابات لم يوجد فيها شخصيات نسوية منشغلة بالوعي والهموم الثقافية أو بالمناسبات العالمية التي تعنيها، مثل: اليوم العالمي للمرأة الذي يمثل نقطة انطلاق نحو حصولها على مكاسب اجتماعية وسياسية وثقافية ومهنية. ولم يجد حضورًا واضحًا للعلاقة بين المرأة والاقتصاد على الرغم من مشاركة المرأة الخليجية في تأسيس العديد من المنتديات والجمعيات الاقتصادية الخاصة بها. من جانب آخر، عمد الدكتور فهد في نهاية البحث إلى توزيع الفهرس بين فهرس الروائيات، وفهرس الشخصيات، وفهرس الأمكنة، والمصطلحات، مختتماً أوراق بحثه بتثبيت المصادر والمراجع كما درجت عليه البحوث.

مشاركة :