إجماع تام يسود المجتمع السعودي قاطبة على تميُّز الجهود المضنية التي يبذلها رجال وزارة الصحة وأطقمها المختلفة من أطباء وممرضين وفنيين لمواجهة جائحة كورونا (كوفيد19)، وما يقومون به من أعمال جليلة، وصلت إلى حد التضحية بالنفس والمخاطرة لأجل تحقيق غاية سامية، وضعوها نصب أعينهم، هي ضمان صحة المواطن والمقيم، والعمل على حفظ أرواحهم. ولأننا في بلد قام على قيم الوفاء، ومقابلة الإحسان بمثله، فقد وجَّه قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – الشكر أكثر من مرة للعاملين في الحقل الصحي، مقدرًا إسهاماتهم. كما قابل المجتمع السعودي هذه التضحيات بالتقدير، وأطلق على أبطالها لقب "الجيش الأبيض" تشبيهًا لهم بالمقاتلين الذين يحفظون ثغور البلاد ضد الأعداء، ويردون كيدهم ومؤامراتهم إلى نحورهم. ومع التسليم بأن منسوبي وزارة الصحة على امتداد ربوع الوطن يتنافسون في تجويد العمل، والتفاني في خدمة وطنهم ومواطنيهم، إلا أن ما يحدث في مناطق الحد الجنوبي يستحق منا وقفة تأمل بسبب ما تعيشه تلك المناطق من ظروف خاصة بسبب الأوضاع في اليمن؛ إذ تولي اهتمامًا خاصًّا بمراقبة الحدود، والتصدي لمساعي الانقلابيين الحوثيين للتسلل لأراضي السعودية، ومحاولات إطلاق مقذوفات على المناطق الحدودية، وهي مهام وطنية مقدسة، أثبت فرسان القوات المسلحة السعودية بمختلف تشكيلاتها أنهم أهلٌ لها؛ إذ لقنوا العدو دروسًا في البسالة والفداء، وقدموا أرواحهم فداء لأرض الحرمين حتى تظل راية التوحيد عالية، وينعم مواطنو أرض الحرمين بالأمن والأمان. في خضم هذه الأوضاع جاءت جائحة كورونا التي لم تفرِّق بين منطقة وأخرى؛ فانبرى لها جنود الصحة في نجران وجازان وعسير بفدائية كبيرة، وتسابقوا لخدمة بلادهم بتفانٍ ونكران ذات، وقدَّموا بدورهم دروسًا في الوطنية، لا تقل عما قدَّمه إخوانهم من منسوبي القوات المسلحة. ومن واقع عملي في المجال الصحي، ومشاهداتي الشخصية لحجم الجهود التي تُبذل، أقول بثقة: إن ذلك يمثل فصولاً مبهرة في العطاء، وقصصًا مضيئة في التفاني والإخلاص، تستحق أن يسطرها التاريخ بأحرف من ذهب، وأن تُروى للأجيال المقبلة؛ ليعلم أبناء هذه البلاد المباركة أي نوع من الرجال يسهرون على صحتهم، وأي تضحيات قُدمت لأجل أن يناموا باطمئنان. وإضافة إلى ما تقوم به الأجهزة الصحية من جهود بحكم الاختصاص، فإن اللافت هو ذلك الحراك الذي انتظم المجتمعات للتصدي للوباء؛ إذ تسابقت مؤسسات المجتمع المدني، والجهات ذات العلاقة؛ لبذل الجهد، والإسهام في ذلك الواجب الوطني الكبير. ففيما قدمت جامعة نجران مبادرة برنامج دعم أبحاث ودراسات فيروس كورونا المستجد "كوفيد19"، انطلاقًا من دور الجامعة في خدمة المجتمع، والحد من انتشار الفيروس، طرحت جامعة جازان مسابقة الأفكار الابتكارية في مواجهة الفيروس لفتح الباب أمام الموهوبين والمبتكرين من الطلاب لتقديم أفكار وحلول ابتكارية لتعزيز الوقاية، ومواجهة المخاطر الصحية والأوبئة. كما أسهمت جامعة الملك خالد في أبها بإقامة عدد من الأنشطة والمبادرات في الإطار ذاته، وقامت بتزويد صحة عسير بأجهزة وأدوات الوقاية. هذا الحراك كان الهدف الرئيسي من ورائه هو إشراك المجتمع بتقديم إسهاماته في مكافحة المرض، والتعرف على أي أفكار بناءة تسهم في الحد من انتشاره والوقاية منه، وإشراك العناصر الفاعلة في بث الوعي وسط أفراد المجتمع.. وهو فَهْم متقدم، يمثل إضافة في مسيرة إشراك مؤسسات المجتمع المدني وشرائحه الفاعلة في إسناد الجهود الحكومية في هذا المجال. في الختام، أكرر الإشادة بما تقوم به الأجهزة الصحية على امتداد وطن الخير، وفي كل شبر من ربوعه، وأعيد ما قاله معالي وزير الصحة توفيق الربيعة: "اطمئنوا؛ أنتم في المملكة العربية السعودية، في ظل قيادة وضعت صحة الإنسان أولاً". وهي كلمات دافئة صادقة، ترجمتها القيادة الرشيدة إلى أفعال وليس مجرد أقوال، ولمسها المواطن والمقيم حقائق على أرض الواقع.
مشاركة :