بوادر تعاف لأسواق النفط وسط مؤشرات مبكرة لانتعاش الطلب على الخام

  • 5/12/2020
  • 02:35
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع رغم ضغوط تخمة المعروض النفطي واستمرار فائض الإمدادات في مقابل ضعف الطلب العالمي نتيجة تصاعد تداعيات جائحة كورونا على أغلب اقتصاديات العالم. وتتلقى الأسعار دعما نسبيا من اتفاق خفض الإنتاج، الذي تقوده مجموعة "أوبك+" منذ بداية الشهر الجاري ويستهدف تقليص المعروض النفطي العالمي بنحو 9.7 مليون برميل يوميا على مدى الشهرين الجاري والمقبل. وأضيف إلى العوامل الإيجابية توجيه وزارة الطاقة السعودية لشركة "أرامكو" بتخفيض إنتاجها من النفط الخام بكميات إضافية تبلغ مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو) المقبل. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن الآمال في تعافي السوق النفطية في مدى زمن متوسط قائمة خاصة مع ظهور مؤشرات مبكرة لانتعاش الطلب على النفط، خاصة في الولايات المتحدة، إضافة إلى التأثير الإيجابي لاتفاق المنتجين في "أوبك+" والذي جاء متزامنا مع تقليص سريع ومستقل من قبل المنتجين الأمريكيين يصل إلى نحو مليون برميل يوميا. وأوضح المختصون أن مؤشرات تحسن وضع الطلب دفعت كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية إلى رفع أسعار بيع النفط الرسمية بعد خفضها بشكل حاد قبل شهرين وسط المنافسة الشديدة على الحصص السوقية، كما لجأت السعودية إلى تخفيضات طوعية إضافية لتعزيز الجهود الخاصة باستعادة التوازن بشكل أسرع في السوق النفطية. وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن السعودية تقوم بمبادرات جيدة لدعم السوق من خلال التخفيضات الطوعية الإضافية وأحدثها التوجيه الموجه لـ"أرامكو" بخفض مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يعد ضروريا في ضوء أن السوق النفطية تجتاز بشدة حالة من عدم اليقين مع تنامي تداعيات جائحة كورونا. وأوضح أن هناك قطاعا كبيرا لا يثق بعودة سريعة لصعود الأسعار، وقد انعكس ذلك بوضوح في سرعة التحول إلى أكبر سلعة ملاذ آمن في السوق، وهي الذهب، التى زاد الإقبال عليها وسجلت مستويات قياسية في الارتفاع. وذكر أن الجانب الأكبر من المخاوف المحيطة بالسوق النفطية ترجع في الأساس إلى التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين على الصعيدين التجاري والسياسي، خاصة في ظل الحرب التجارية وانتقادات واشنطن المتواصلة لبكين وتحميلها المسؤولية عن الجائحة وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد بين الجانبين إلى مستويات سيئة تعيد إلى الاذهان حالة الحرب الباردة. من جانبه، قال ألكسندر بوجل المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن الضغوط الهبوطية على الطلب سجلت مستويات قياسية على الرغم من الانتعاشة المحدودة، التي حدثت مع تخفيف قيود الإغلاق والخروج، موضحا أن توقعات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن الطلب العالمي على الطاقة للعام بأكمله سيكون أقل 6 في المائة، مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة أو أكبر بسبعة أضعاف مما كان عليه خلال الأزمة المالية لعام 2008. وذكر أن تعافي الطلب بشكل كامل هي مهمة عصيبة في ظل الظروف والخسائر الراهنة، مبينا أن تقريرا لوكالة الطاقة الدولية ذكر أنه لا يزال من السابق لأوانه تحديد التأثيرات طويلة المدى، لكن صناعة الطاقة، التي ستخرج من هذه الأزمة ستكون مختلفة بشكل كبير عن تلك، التي كانت قائمة من قبل، لافتا إلى تقييم لبعض المحللين يتحدث عن تغيرات جذرية ومستدامة في وضع الطلب العالمي. من ناحيته، أكد بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن أزمة كورونا كان لها آثار تدميرية على المصافي الأوروبية وتسببت في تراجع الطلب على نحو حاد خاصة في إيطاليا وإسبانيا، حيث انخفض الطلب الإيطالي على المنتجات النفطية المكررة في مارس 31 في المائة، ومن المتوقع أن ينخفض الطلب على المنتجات النفطية بأكثر من 50 في المائة خلال الشهر الجاري. وذكر أن الوضع لا يقل تأزما في ألمانيا وفرنسا، حيث لم تعد المصافي إلى العمل بعد موسم الصيانة، نظرا لتدمير الطلب الناجم عن فيروس كورونا، مشيرا إلى تأكيد عملاق الطاقة الفرنسي "توتال" في أحدث بياناتها أنها تتوقع أن يصل متوسط استخدام للمصافي بين 70 في المائة و75 في المائة هذا العام، مقارنة بـ84 في المائة في 2019، حيث إن المصافي في جميع أنحاء أوروبا تعمل حاليا بنحو 60 في المائة من طاقتها في المتوسط. بدورها، قالت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمسوية، أن الانخفاض الحاد في استهلاك الوقود أصاب المنتجين الأمريكيين بشدة كما ضغط بقوة على المصافي ودفعها إلى التقليل من عمليات المعالجة، إضافة إلى إغلاق بعض المرافق مؤقتا بعد تهاوي الطلب إلى مستويات قياسية، معتبرة أن تحجيم الإمدادات قد يكون الخيار الأنسب العاجل، مثمنة القرار السعودي بإضافة مليون برميل يوميا طوعيا لخطة خفض الإنتاج. وذكرت أنه بحسب تقارير عدد من حكام الولايات الأمريكية مثل تكساس وأوكلاهوما، فإن الآثار الاقتصادية الكلية لجائحة كورونا أسفرت عن قمع الطلب العالمي على المنتجات المكررة مثل وقود السيارات والديزل، حيث انخفضت عمليات التكرير من 15.8 مليون برميل يوميا للأسبوع المنتهي في 20 آذار (مارس) إلى 12.45 مليون برميل يوميا في منتصف نيسان (أبريل) الماضي، لافتة إلى قناعة الشركات الأمريكية في المرحلة الراهنة بأهمية العمل على تقليل التكاليف للحفاظ على أصول الشركات وقدرتها على الاستمرارية في ظل التحديات الواسعة الراهنة وصعوبات السوق الجمة. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس، متعافيا من خسائر في وقت سابق من الجلسة، وذلك على خلفية أنباء بأن السعودية ستقلص إنتاجها بمقدار مليون برميل يوميا فوق التخفيضات المقررة بموجب اتفاق "أوبك+"، لكن المخاوف من موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا كبحت المكاسب. وبحسب "رويترز"، بحلول الساعة 12:42 بتوقيت جرينتش، كان خام برنت مرتفعا سبعة سنتات بما يعادل 0.2 في المائة إلى 31.04 دولار للبرميل، في حين صعد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 20 سنتا أو 1 في المائة إلى 24.94 دولار للبرميل. وفي وقت سابق من الجلسة، انخفضت عقود كلا الخامين أكثر من دولار. وهوى الطلب العالمي على النفط نحو 30 في المائة، إذ تقلص جائحة فيروس كورونا حركة النقل في أنحاء العالم، ما أدى إلى زيادة المخزونات عالميا. ولتقليل فائض الإمدادات، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجون متحالفون معها، في إطار ما يعرف بمجموعة أ"وبك+"، على خفض الإنتاج بدءا من أول أيار (مايو) نحو عشرة ملايين برميل يوميا في مسعى لدعم الأسعار. وكانت أسعار النفط قد هبطت في وقت سابق من الجلسة بفعل مؤشرات على موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا بعد أن أعلنت ووهان، بؤرة التفشي في الصين، أول مجموعة إصابات منذ إلغاء عزل المدينة قبل شهر. اقتنص كلا خامي القياس مكاسب على مدار الأسبوعين الأخيرين مع تخفيف الدول القيود التجارية والاجتماعية المفروضة لاحتواء فيروس كورونا وانتعاش الطلب على الوقود وإن بشكل متواضع. ومن العوامل الداعمة أيضا انخفاض إنتاج النفط في أنحاء العالم. وقال هو وي لي، الاقتصادي لدى "أو.سي.بي.سي" في سنغافورة، "ذاك مبعث قلق بلا ريب لأنه لا رغبة لدى أحد في تجدد الإغلاقات بعدة مدن، لكن أعتقد أن السلطات ستكون أكثر استعدادا للتعامل مع موجة ثانية. إجمالا، بيئة المخاطر تبدو مواتية لمزيد من الصعود، وبرنت قد يظل مدعوما عند 30 دولارا للبرميل". من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 22.21 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 22.91 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة، التى تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع عقب ارتفاع سابق، كما أن السلة كسبت نحو ستة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 16.52 دولار للبرميل.

مشاركة :