زيادة الضريبة وإيقاف بدل الغلاء يحميان الاقتصاد من الكساد

  • 5/12/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم أن كل التوقعات، بما فيها توقع وزير المالية بأن الدولة قد تلجأ ‏إلى اتخاذ قرارات اقتصادية مؤلمة، إلا أنها على أرض الواقع خالفت ‏كل ذلك، واتخذت الدولة أمس عدة إجراءات أكثر ملاءمة وأقلها ‏ضررا وأخفها حدة شملت: إلغاء أو تمديدا أو تأجيلا لبعض بنود ‏النفقات التشغيلية والرأسمالية، وإيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من ‏يونيو، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من (5%) إلى (15%) ‏بدءا من الأول من يوليو.‏ وقد بلغ أثر ما تم إقراره من إجراءات 100 مليار ريال تقريبا مقابل ‏رصدت الدولة 177 مليار ريال لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر ‏جائحة كورونا على القطاع الخاص والمحافظة على رواتب الموظفين ‏فيه، كما راعت القرارات الاقتصادية عدم تأثر الأسر الضمانية ‏والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية بالقرارات، حيث تولي ‏الدولة هذه الفئات جل اهتمامها، وتحرص بشدة على ألا تطالهم أية ‏تأثيرات.‏ إصلاحات 2015 ‏ كان من الممكن أن تكون المملكة في وضع اقتصادي أصعب مع هذه ‏الأزمة لولا الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها ولي العهد منذ عام ‏‏2015، بما فيها تنويع مصادر الدخل عبر تنمية الإيرادات غير ‏النفطية وتقليل الاعتماد على البترول والتركيز على الاستثمارات، ‏وهو ما جنّب البلاد هذه الأيام سيناريو كارثيا كان ممكن أن يصل حد ‏الإفلاس.‏ وتعد مواصلة الإصلاحات الاقتصادية أولوية قصوى بالنسبة للدولة، ‏فعلى الرغم من عمق الأزمة الحالية التي خلفتها جائحة فيروس ‏كورونا المستجد على اقتصادها واقتصاد العالم، إلا أنه لا خيار ‏أمامها سوى مواصلة الإصلاحات بجدية كاملة والمضي في معالجة ‏الأزمة في إطار مؤسسي ومحترف. وتم تشكيل لجنة وزارية لدراسة ‏المزايا المالية لمن لا يخضعون لنظام الخدمة المدنية الذي من شأنه ‏أن يخفف من الإنفاق على الهيئات والمؤسسات والبرامج الحكومية، ‏مما يسهم في تحمل جميع الموظفين الإجراءات المتخذة.‏ مسار التنمية لم تلجأ الدولة إلى خفض علاوات أو رواتب الموظفين كما كان يقترح ‏كثير من الاقتصاديين وكما كانت تتوقع الصحف الأجنبية كذلك، بل ‏عالجت الأزمة بحكمة لا تضر المواطن ولا تؤثر على مسار التنمية. ‏وجاء رفع نسبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% كأحد أهم ‏الخيارات التي ارتأتها الحكومة لزيادة مستوى إيراداتها، ذلك لكون أن ‏السوق السعودية مفتوحة وتتعدد فيها خيارات السلع بكافة أشكالها، ‏وبإمكان المواطن اختيار ما يشاء بما يتناسب مع رغباته وطريقة ‏إنفاقه. ‏ بدل مؤقت وليس دائما بدل غلاء المعيشة أقرته الحكومة بصفة مؤقتة في وقت كانت ‏مستويات التضخم عالية ومن أجل تعود الناس على نمط استهلاكي ‏أمثل، ونظرا للأحوال الاقتصادية في العالم وتراجع مستويات ‏المعيشة فقد انتفى الغرض من البدل. والبدل الذي طالته القرارات ‏الاقتصادية الجديدة، يعد دعما إضافيا على رواتب المواطنين التي لن ‏تطالها أية تغييرات، ويأتي توقيته في ظرف يمر فيه الاقتصاد ‏العالمي في مرحلة تقترب من الكساد.‏ ومن المهم أن يستشعر المواطنون في هذه المرحلة بأن العالم كله ‏يعيش في أزمة اقتصادية، ولكون أن السعودية جزء من العالم فمن ‏الطبيعي أن تتخذ عددا من الخطوات والإجراءات التي تعينها على ‏مواجهتها والتعامل معها للحفاظ على تماسك الاقتصاد في ظل ‏الظروف الحالية، وانخفاض أسعار البترول في السوق العالمية.‏ منع الكساد في حال لم تتخذ مثل هذه القرارات المؤلمة واللازمة في هذه المرحلة ‏تحديدا، قد تدخل المملكة في كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو ‏وارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة، مما يؤدي إلى تبخر ‏الإنجازات التي تحققت خلال سنوات الخمس الماضية، مثل ارتفاع ‏نسبة تملك المواطنين في الإسكان من 43% إلى 57%، وتمكن ‏الاقتصاد من إيجاد وظائف لأبناء وبنات الوطن، ونمو المنشآت ‏الصغيرة والمتوسطة 23%.‏ كما أن اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة الآن سيسهم في المحافظة على ‏القوة المالية للدولة ومدخراتها، مما يعطي الفرصة للعودة لرحلة النمو ‏والتنمية مرة أخرى بشكل سريع وتحقيق مكاسب أكبر بدلا من ‏الدخول في كساد طويل، وهو الأمر الذي يهدد العالم. ومن الطبيعي ‏أن يرافق كل أزمة اقتصادية عدد من القرارات والإجراءات تبعا ‏لحجمها ومستوى حدتها، ورغم ضخامة التداعيات التي خلفتها جائحة ‏كورونا إلا أن السعودية اختارت أخفها ضررا على مواطنيها.‏ أزمة قاسية على العالم القرارات الاقتصادية، بما تضمنته من تخفيض ميزانيات مبادرات ‏برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى بنحو 30 مليار ريال تأتي ‏كإجراء طبيعي، ضمن خطط تخفيف التداعيات التي خلفتها أزمة ‏جائحة فيروس كورونا المستجد، وبالرغم من هذا التخفيض إلا أن ‏العمل عليها سيستمر دون توقف.‏ ورغم الأزمات التي مرت على المملكة خلال السنوات والعقود ‏الماضية، إلا أن الحكومة ظلت ملتزمة بالوفاء برواتب وبدلات ‏موظفيها، ولم يحدث أن تأخرت عن صرفها في موعدها المحدد، وها ‏هم جميع الموظفين يستلمون رواتبهم كاملة بالرغم من عدم ذهابهم ‏لأعمالهم.‏ والدولة وعلى مدار تاريخها، مرت بمنعطفات اقتصادية بالغة الدقة، ‏ومع ذلك لم تتأخر يوما عن الوفاء بالتزاماتها المادية تجاه مواطنيها ‏الذين كان لهم كذلك دور مسؤول في الأوقات التي تستدعي فيها ‏وقفتهم إلى جانبها.‏ التكلفة الأكبر منذ بدء جائحة فيروس كورونا، تحملت الدولة العديد من الآثار ‏الاقتصادية الناجمة عن ذلك، ورصدت الدولة مبلغ 177 مليار ريال ‏لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص ‏والمحافظة على رواتب الموظفين فيه.‏ وتعوّل الدولة بشكل كبير على تفهم مواطنيها لقراراتها، خصوصا في ‏ظل الأزمة الحالية، عرفانا منهم بالتضحيات والقرارات الشجاعة ‏والمصيرية التي قامت بها منذ اليوم الأول في جهود مكافحة فيروس ‏كورونا المستجد.‏ انخفاض أسعار النفط لم تكن الصادرات غير النفطية للمملكة بمنأى عن تداعيات أزمة ‏كورونا، إذ تراجعت منذ بداية أبريل إلى 22 أبريل بمعدل 31.7% ‏بما يؤثر سلبا على الحساب الجاري، وتبعا لذلك الصناعة الوطنية ‏ومنافستها في الأسواق الدولية.‏ وفي ظل استمرار تداعيات أزمة كورونا من المتوقع استمرار ‏انخفاض الطلب على النفط، وهو ما يعني انخفاض الإيرادات النفطية ‏بشكل كبير مقارنة بالميزانية، لا سيما في ظل انخفاض عائداته لنحو ‏الثلث. ومعظم الاقتصادات العالمية ليست متأكدة بعد من حجم الضرر ‏الكبير الذي سيلحق بها لكون أن الأزمة الحالية تختلف جذريا عن ‏غالبية الأزمات والصدمات السابقة. كما أن معدلات النمو المحلية في ‏اقتصادات العالم ومنها المملكة ستتأثر سلبا على نحو كبير في عام ‏‏2020، ومن المرجح أن تستمر التداعيات لفترة طويلة.‏ حماية اقتصاد المملكة أوضح وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط المكلّف محمد ‏الجدعان، أمس، أهمية الإجراءات التي تستهدف حماية اقتصاد ‏المملكة لتجاوز أزمة جائحة كورونا العالمية غير المسبوقة وتداعياتها ‏المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة.‏ وأكد أن هذه الإجراءات تأتي استكمالا للقرارات المتخذة مسبقا للحد ‏من تفاقم الآثار السلبية للأزمة من مختلف جوانبها الصحية ‏والاجتماعية والاقتصادية.‏ 3 صدمات شدد وزير المالية على أن الأزمة العالمية لانتشار الجائحة تسببت بـ3 ‏صدمات لاقتصاد المملكة، كل منها كفيل بإحداث تغيير مؤثر على ‏أداء المالية العامة واستقرارها ما لم تتدخل الحكومة بإجراءات ‏لاستيعاب هذه الصدمات. وتمثلت الصدمة الأولى في انخفاض غير ‏مسبوق في الطلب على النفط أثر سلبا على مستوى الأسعار، وأدى ‏إلى انخفاض حاد في الإيرادات النفطية التي تعد مصدرا كبيرا ‏للإيرادات العامة لميزانية الدولة.‏ الصدمة الثانية ‏ تمثلت في تسبب الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على ‏أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم ومنع انتشار الجائحة في توقف ‏أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية، وانعكس ذلك سلبا ‏على حجم الإيرادات غير النفطية والنمو الاقتصادي.‏ بينما الصدمة الثالثة المؤثرة على المالية العامة فكانت الاحتياجات ‏الطارئة على جانب النفقات غير المخطط لها التي استدعت تدخل ‏الحكومة من خلال زيادة الاعتمادات لقطاع الصحة بشكل مستمر ‏لدعم القدرة الوقائية والعلاجية للخدمات الصحية، إضافة إلى اعتماد ‏عدد من المبادرات لدعم الاقتصاد وتخفيف أثر الجائحة والمحافظة ‏على وظائف المواطنين.‏ وبين الجدعان أن هذه التحديات مجتمعة أدت إلى انخفاض الإيرادات ‏الحكومية، والضغط على المالية العامة إلى مستويات يصعب التعامل ‏معها لاحقا، دون إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية ‏العامة على المديين المتوسط والطويل، وبالتالي وجب تحقيق مزيد ‏من الخفض في النفقات، وإيجاد إجراءات تدعم استقرار الإيرادات ‏غير النفطية، وبناء عليه قامت وزارتا المالية والاقتصاد والتخطيط ‏بعرض التطورات المالية والاقتصادية والإجراءات المقترحة ‏لمواجهة هذه التطورات، حيث صدر التوجيه باتخاذ أكثر الإجراءات ‏ملاءمة وأقلها ضررا وأخفها حدة. وقد بلغ أثر ما تم إقراره من ‏إجراءات 100 مليار ريال تقريبا.‏ إجراءات دعم الاقتصاد ‏01 إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية ‏لعدد من الجهات الحكومية ‏ 02 خفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية ‏والمشاريع الكبرى للعام المالي (1441/ 1442) (2020).‏ 03 إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من يونيو2020‏ 04 رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من (5%) إلى (15%) بدءا ‏من الأول من يوليو 2020‏ 05 لرفع كفاءة الصرف، تم تشكيل لجنة وزارية لدراسة المزايا ‏المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين المدنيين ومن في ‏حكمهم، الذين لا يخضعون لنظام الخدمة المدنية في الوزارات ‏والمصالح والمؤسسات والهيئات والمراكز والبرامج الحكومية، ‏والرفع بالتوصيات خلال (30) يوما من تاريخه.‏ ماذا كان سيحدث حال لم تتخذ مثل هذه القرارات في هذه ‏المرحلة تحديدا ‏01 قد تدخل المملكة في كساد لمدة طويلة ينعكس على عدم النمو ‏ 02 ارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة 03 تبخر الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية ‏كارتفاع نسبة تملك المواطنين في الإسكان 04 إحداث تغيير مؤثر على أداء المالية العامة واستقرارها ‏ 05 إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية العامة على ‏المديين المتوسط والطويل

مشاركة :