اكتشف باحثون في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ ومستشفى هيوستن الميثودي، لأول مرة ما أطلقوا عليه “ذاكرة الجهاز المناعي الفطرية”، معتبرين أنها تقف وراء فضل بعض عمليات زرع الأعضاء بعد رفض الجسم لها على أنها خلايا غريبة عليه. ونشرت نتائج الدراسة الجديدة، بقيادة باحثين في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ والمستشفى الميثودي في هيوستن، بناءً على نتائج التجارب على نموذج الفأر، في مجلة ساينس. ويعد الرفض المزمن للأعضاء المزروعة السبب الرئيسي لفشل عمليات الزرع، ويشير الاكتشاف الجديد إلى أن الجهاز المناعي الفطري يمكن أن يتذكر الخلايا الغريبة على وجه التحديد، ما يمكن أن يمهد الطريق للأدوية التي تطيل بقاء الأعضاء المزروعة على المدى الطويل. وتتسبب تلك الذاكرة في رفض الجسم للأعضاء المزروعة حديثا فيه، ما يؤدي إلى رفضها، وتعمل تلك الذاكرة على رفض الخلايا الغريبة، حسب ما أورد موقع “تايمز نيوز ناو”. واعتبر الباحثون أن اكتشافهم يمهد إلى إمكانية تطوير أدوية يمكنها التأثير على ذاكرة الجهاز المناعي، لتسمح بعمر طويل للأعضاء الجديدة المزروعة. وقال فادي لا كيس، أستاذ علم زراعة الأعضاء والمدير العلمي لمعهد بيت توماس لزراعة الأعضاء إن “معدل الرفض الحاد في العام الأول بعد عملية الزرع قد انخفض بشكل ملحوظ، ولكن من المرجح أن يحتاج العديد من الأشخاص الذين يخضعون لعملية زرع الأعضاء لعملية زرع ثانية في حياتهم بسبب الرفض المزمن. الحلقة المفقودة في عملية زرع الأعضاء هي طريقة محددة لمنع الرفض، وهذا الاكتشاف يقربنا خطوة من هذا الهدف”. وأضاف “الاكتشاف يتمثل في العثور على الحلقة المفقودة في مجال زرع الأعضاء، وتحديد سبب الرفض”. ويتكون جهاز المناعة من فروع فطرية وقابلة للتكيف، والخلايا المناعية الفطرية هي الأولى التي تكتشف الكائنات الغريبة في الجسم وهي ضرورية لتنشيط جهاز المناعة التكيفي. وتعتبر “الذاكرة” المناعية – التي تسمح لأجسامنا بتذكر الغزاة الأجانب حتى نتمكن من محاربتهم بشكل أسرع في المستقبل – فريدة من نوعها لجهاز المناعة التكيفي، وعلى سبيل المثال، تستفيد اللقاحات من هذه الميزة لتوفير حماية طويلة الأمد ضد البكتيريا أو الفايروسات. العلماء لم يتصوروا أبدا أن الخلايا المناعية الفطرية لديها ذاكرة مثل باقي الكائنات الحية واعتبر الباحثون أنه ولسوء الحظ، فإن هذه الوظيفة الحرجة للغاية للجهاز المناعي هي أيضًا سبب رفض الأعضاء المزروعة في نهاية المطاف، حتى في وجود الأدوية المثبطة للمناعة. وتمكنت الدراسة من تأسيس نموذج زراعة الأعضاء المعدلة وراثيًا لإظهار أن الخلايا المناعية الفطرية، بمجرد تعرضها للأنسجة الأجنبية، يمكن أن تتذكر وتستهل استجابة مناعية إذا تعرضت لهذا النسيج الغريب في المستقبل. ولم يكن العلماء يتصورون أبدا أن الخلايا المناعية الفطرية لديها ذاكرة مثل باقي الكائنات الحية، خاصة وأن القدرة على تذكر الأنسجة كانت محددة في السابق بأجهزة مثل الخلايا المناعية التكيفية والخلايا التائية. واستخدم العلماء تحليلات جزيئية ووراثية لإظهار أن جزيء مستقبلات (Ig) هو المسؤول عن ميزة الذاكرة للخلايا المناعية الفطرية لدى المضيفين، وعندما تم حظر بروتين مصمم صناعيا وتمت إزالته جينيا من الحيوان المضيف، تم التخلص من استجابة الذاكرة ما يمكن أن يسمح للأنسجة المزروعة بالبقاء على قيد الحياة لفترة أطول. وخلص لا كيس إلى أن “معرفة كيف يلعب جهاز المناعة الفطري دورًا يفتح الباب أمام تطوير عقاقير محددة للغاية، مما يسمح لنا بالابتعاد عن الأدوية المثبطة للمناعة التي لها آثار جانبية كبيرة”.
مشاركة :