حملات جباية حوثية تهدد بتوقف النشاط التجاري في إب

  • 5/13/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لم تتوقف الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على الشرعية في 2014 عن ابتكار شتى الذرائع لنهب مزيد من أموال اليمنيين لجهة إثراء قادتها وتمويل مجهودها الحربي، وهو الأمر الذي دفعها أخيراً إلى شن حملات اعتقال واسعة في محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) في أوساط التجار، لإرغامهم على دفع مبالغ ضخمة تحت اسم «الزكاة».وأدى التعسف الحوثي الذي بدأ من صنعاء قبل نحو أسبوع، إلى دفع كثير من التجار في هذه المحافظة التي باتت تشكل مركز ثقل سكاني، إلى إغلاق متاجرهم، والتهديد بوقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على سلوك الجماعة التي تسعى إلى إرغامهم على دفع الزكاة بنسبة زيادة عن العام الماضي قدرها 1000 في المائة.وفي هذا السياق، شكا عديد من التجار وملاك المحلات والمشروعات التجارية الصغيرة في إب لـ«الشرق الأوسط» مما وصفوه بـ«تغول» مشرفي الجماعة الحوثية الذين يهددون باعتقالهم إذا رفضوا دفع الأموال التي قررتها الجماعة بشكل تعسفي وغير قانوني.وذكر التجار أن الحملات الحوثية التي طالت كثيراً منهم تأتي في سياق حملات الجماعة السابقة التي تستهدف التجار ورجال المال بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد رمق جوع أسرهم على وجه الخصوص.وأوضح التجار أن إيقاف أنشطتهم التجارية مؤخراً، جاء عقب حملة ابتزاز حوثية واسعة نفذتها الجماعة على مدار أكثر من أسبوع؛ حيث طالت المئات من منهم بالتعسف والتهديد والإغلاق لمحالهم مع اعتقال عدد آخر منهم.وكان ناشطون في محافظة إب قد تداولوا في وقت سابق صوراً ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت إحجام أصحاب المحلات التجارية عن فتح محلاتهم، رفضاً للإجراءات التعسفية التي يقوم بها المشرفون الحوثيون.ومع استمرار تغاضي قادة الميليشيات في المحافظة عن كل ما يحدث من انتهاكات بحق السكان في إب، ومواصلة تسخير كل إمكاناتها وطاقتها في جباية مزيد من الأموال ولو على حساب معاناة اليمنيين، توقع الناشطون المحليون أن يكون هناك تصعيد ضد حملات الابتزاز، وصولاً إلى الإضراب الشامل، وإغلاق جميع المحلات في محافظة إب وفي كافة المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية.إلى ذلك، كشفت مصادر محلية في المحافظة عن أن حملات البطش الحوثية أسفرت عن اعتقال 24 من كبار تجار المحافظة، وأغلبهم من تجار الجملة؛ حيث تم الزج بهم في سجون الجماعة بناء على أوامر القيادي الحوثي ماجد التينة، المعين مديراً لما تسمى «هيئة الزكاة» التي أنشأتها الجماعة وألحقتها بمجلس حكمها الانقلابي في صنعاء مباشرة.وكان التينة قد أمر الميليشيات في المحافظة بشن الحملة على التجار عقب تعيينه حديثاً، في مسعى منه لجباية الزكاة التي رفع مقدار الزيادة فيها إلى أكثر من ألف في المائة.وكشفت المصادر عن تدخل الغرفة التجارية وأعضاء من المجلس المحلي في إب لإقناع عناصر الجماعة بإطلاق سراح التجار المعتقلين؛ حيث أفرجت عنهم الجماعة عقب ثلاثة أيام من الاعتقال في سجونها الخاصة.وعبَّر مصدر مسؤول في الغرفة التجارية في إب، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»، عن استنكاره وغضبه لما قام به القيادي الحوثي التينة من اعتقال للعشرات من كبار التجار وإيداعهم السجن، وإبلاغهم بأنهم لن يغادروه إلا بعد التوقيع على الإقرارات الجديدة بشأن مبالغ الزكاة، وتوعدهم بالعقاب الشديد استناداً إلى العلاقة التي تجمعه مع مدير أمن المحافظة الحوثي أبو محمد الطاووس، الذي عمل معه قبل ذلك في ذمار المجاورة.وأبدى المصدر المسؤول استغرابه الشديد من حملة البطش التي نفذها القيادي الحوثي، واصفاً إياه بالشخص «السيئ السمعة» والمطرود سابقاً من ذمار على خلفية اعتدائه على قاضي محكمة الأموال العامة الذي استدعاه للرد على شكوى من أحد التجار بسبب مضاعفة مبالغ الزكاة عليه، نهاية العام الماضي.وكما منعت الميليشيات الحوثية قبل فترة تجار العاصمة صنعاء من دفع زكاتهم للفئات المستحقة من الفقراء والمحتاجين، وأصدرت بموجب ذلك تعميماً يلزم منتسبي القطاع الخاص بالامتناع عن صرفها للفئات المستحقة، والاكتفاء بدفعها للهيئة الحوثية، ألزمت الميليشيات نفسها بفرع هيئتها في إب جميع التجار ممن لديهم فقراء يساعدونهم بأن يرفقوا قائمة بأسمائهم وتسليمها لفرع الهيئة التي ستتولى التأكد منهم، وتصرف لهم مساعدات من نصف الزكاة التي يدفعها التاجر.وكشف المصدر المسؤول عن لقاءات عدة جمعت قيادة الغرفة التجارية في إب مع المحافظ المعين من قبل الميليشيات، بهدف وضع حد لممارسات وابتزازات مدير هيئة الزكاة الحوثي بحق التجار والمواطنين بالمحافظة.وفي سياق فساد القيادي الحوثي المعين لإدارة فرع هيئة الزكاة الحوثية بإب، أظهرت وثيقة صادرة عن نيابة ذمار تداولها الناشطون اليمنيون، أنه تم استدعاؤه نهاية العام الماضي للتحقيق معه في واقعة الاعتداء على رئيس محكمة شرق ذمار القاضي الموشكي، إلا أن الحوثيين نقلوه وجرى تعيينه في إب، تكريماً له نتيجة بطشه بالمئات من التجار بذمار.وعلى وقع الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق سكان محافظة إب الواقعة تحت سيطرة الجماعة، وجه بائعون متجولون ومواطنون وأصحاب مشروعات صغيرة في إب عبر «الشرق الأوسط»، نداء استغاثة لإنقاذهم من بطش وجور وتعسف ونهب الميليشيات.وأوضح مالك متجر في مدينة إب رمز لاسمه بـ«ع.خ» أن الجماعة أطلقت عناصرها المسلحين في أرجاء المدينة، بغية البطش بجميع التجار والتنكيل بهم، وهو أمر يتعارض مع كافة القيم والشرائع والقوانين، بحسب تعبيره.وأضاف أن «عناصر الجماعة الحوثية أقدموا على إغلاق متجره، واعتقاله مع اثنين من أبنائه وتهديدهم بإطلاق الرصاص عليهم، قبل أن يقوم بدفع مبلغ مالي لأحد المشرفين مقابل إطلاقه مؤقتاً، ريثما يتدبر مبلغ الزكاة المطلوب منه من قبل الجماعة».وتأتي حملات الاعتقال الحوثية في محافظة إب، عقب حملات نفذتها الجماعة بحق التجار ومنتسبي القطاع الخاص في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى واقعة تحت سيطرتها.وكانت الميليشيات الحوثية قد بدأت مع مطلع شهر رمضان في صنعاء بتدابيرها التعسفية لجباية أموال الزكاة لهذا العام، وتوريدها إلى حساب الهيئة غير القانونية التي استحدثتها لهذا الغرض، وجعلتها تابعة بشكل مباشر لمجلس حكم الانقلاب.وكان عاملون في الهيئة الحوثية الخاصة بجمع الزكاة بصنعاء أفادوا في وقت سابق «الشرق الأوسط» بأن الجماعة نشرت فرقاً ميدانية للنزول إلى شركات القطاع الخاص والتجار وملاك العقارات والأراضي الزراعية، لتحصيل أموال الزكاة، وهددت في إشعارات وزعتها بمعاقبة من يتأخر عن الدفع.وذكر العاملون أن الفرق الميدانية أشعرت التجار وأصحاب المحلات والعقارات بأن عليهم الامتناع عن صرف أي أموال خاصة بالزكاة لمصلحة الفقراء أو الأسر المحتاجة، وبأن عليهم تسليم كل الأموال المستحقة إلى أتباعها المكلفين بجمعها.وبموجب تلك السلسلة الضخمة من التدابير الحوثية المتخذة بحق اليمنيين بمناطق سيطرتها، تكون الجماعة قد حرمت آلاف الأسر الفقيرة من الحصول على سلال غذائية ومساعدات يقدمها التجار سنوياً؛ حيث باتت الميليشيات هي المستفيد الوحيد من أموال الزكاة النقدية والعينية.وعلى مدار سنوات الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية، تمكن قادتها من جمع ثروات ضخمة جرَّاء الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان في المناطق الخاضعة لها، وهو ما كبَّد اليمنيين أعباءً ومشقات اقتصادية غير مسبوقة.

مشاركة :