القاهرة 12 مايو 2020 (شينخوا) واصلت مؤسسات مالية دولية نظرتها الإيجابية للاقتصاد المصري، وأكدت قدرته على تحقيق نمو إيجابي، على الرغم من مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19). وقررت مؤسسة (موديز) التي تسيطر على ما يقارب 40 بالمائة من سوق تقييم القدرة الائتمانية بالعالم، الإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية، كما هو عند مستوى (B2) مع الإبقاء أيضا على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري (Stable Outlook). جاء ذلك بالتزامن مع قرار صندوق النقد الدولي بالموافقة على طلب مصر الحصول على مساعدة مالية طارئة بقيمة مليارين و772 مليون دولار، لتلبية الاحتياجات العاجلة الناتجة عن تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19). وذكر الصندوق، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، أن "المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق على طلب مصر الحصول على مساعدة مالية طارئة قيمتها 2.037.1 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، (2.772 مليار دولار أمريكي أو 100 % من حصة عضويتها)، من خلال أداة التمويل السريع". وأوضح أن مصر حققت تحولا ملموسا قبل مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، حيث نفذت بنجاح برنامجا للإصلاح الاقتصادي يدعمه الصندوق، لتصحيح اختلالات خارجية ومحلية كبيرة، وجاءت الأزمة الصحية والصدمة العالمية ليسببا اضطرابا آنيا حادا في الاقتصاد، يمكن أن يؤدي إذا ما ترِك دون علاج إلى التأثير سلبا على استقرار الاقتصاد الكلي الذي حققته مصر بجهد شاق. وأكد وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، في بيان اليوم (الثلاثاء) أن القرار يعكس استمرار ثقة المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني في قدرة الاقتصاد المصري على التعامل الإيجابي مع مرض فيروس كورونا الجديد. وعزا معيط نجاح مصر في التعامل مع مرض (كوفيد- 19) إلى الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمالية التي اتخذتها مصر خلال السنوات الماضية، مما أتاح قدرا من الصلابة والمرونة للاقتصاد المصري مكنته من التعامل مع التحديات والصدمات الداخلية والخارجية. وأوضح أن هذا القرار يعكس ثقة خبراء ومحللي مؤسسة (موديز) في السياسات التي تنتهجها الحكومة المصرية لإدارة الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية، مما يضيف إلى رصيد الثقة المتراكم بسبب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل خلال السنوات السابقة. ولفت إلى أن تقرير (موديز) يشير إلى ثقة المؤسسة في قدرة المسئولين المصريين على إدارة الأوضاع الاقتصادية والتعامل مع الأزمات والصدمات المحلية والخارجية بشكل يتميز بالكفاءة والجدية. وأشار إلى الإشادة بالتحسن الملحوظ في الحوكمة ونظم المتابعة للأداء الاقتصادي بمصر وتحسن مناخ الأعمال، وتوفر قاعدة تمويلية محلية كبيرة ومطمئنة، ورصيد مطمئن أيضا من احتياطيات النقد الأجنبي يسمح بتغطية الاحتياجات التمويلية للبلاد، ويحد من تداعيات أي تقلبات رأسمالية على ضوء حالة "عدم اليقين" السائدة بالأسواق المالية العالمية في الوقت الراهن. وأكد أنه رغم ارتفاع تكلفة التمويل لكل الدول الناشئة في الوقت الراهن إلا أن مؤسسة (موديز) أشارت إلى أن الإصلاحات المالية والنقدية التي نفذت بنجاح خلال السنوات الأخيرة أسهمت في توفير مجال للمناورة والقدرة على التعامل مع مخاطر ارتفاع تكاليف التمويل بسبب قوة النظام المصرفي المصري، ووجود سيولة كافية لتلبية الاحتياجات التمويلية الحكومية وكل احتياجات القطاعات الاقتصادية الأخرى. من جانبه، أكد أحمد كجوك نائب وزير المالية المصري للسياسات المالية، أن مؤسسة (موديز) توقعت في تقريرها الأخير استمرار جهود الضبط المالي خلال الفترة المقبلة ولكن بمعدلات أبطأ من المستهدفات السابقة. وأشار كجوك إلى ما أكدت عليه المؤسسة من أن الأزمة الحالية لن تعطل مسيرة خفض نسبة المديونية للناتج المحلى، ولكن قد يصبح المسار النزولي لنسبة الدين للناتج المحلى أكثر تدرجًا بسبب التكاليف الإضافية المرتبطة بحزمة الإجراءات الاقتصادية الوقائية التي اتخذت وتبلغ تكلفتها نحو 2 بالمائة من الناتج المحلي. ونوه بأن توقع (موديز) أن يصل العجز الكلي إلى 7.9 بالمائة من الناتج المحلى للعام المالي الحالي و8.5 بالمائة من الناتج المحلى للعام المالي المقبل، مع توقعها أيضا قدرة المالية المصرية على استمرار تحقيق فوائض أولية وإن كانت أقل من النسب المستهدفة سابقا. وأكدت المؤسسة المالية الدولية على قدرة الحكومة المصرية على استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي والهيكلي خلال السنوات المقبلة. وأضاف نائب وزير المالية المصري أنه رغم أن التقرير الصادر عن (موديز) يتوقع بعض التراجع في معدلات النمو المحلية على المدى القصير بشكل مؤقت "أقل من 3 بالمائة خلال العام المالي المقبل"، مع وجود ضغوط على مؤشرات المالية العامة والدين وأداء ميزان المدفوعات، إلا أن التقرير يؤكد في الوقت نفسه القدرة حتى الآن على احتواء تداعيات الأزمة والتعامل معها. ولفت إلى أن خبراء مؤسسة (موديز) توقعوا عودة التحسن والمسار الإيجابي لمؤشرات المالية العامة والمديونية مرة أخرى بداية من العام المالي 2021 / 2022. وذكر بيان لوزارة المالية المصرية أن تقرير (موديز) تناول بإيجابية جهود الحكومة المصرية في تحقيق فوائض أولية وتكوين رصيد كبير من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية يكفي لمواجهه التدفقات الخارجية لرأس المال. وأشار إلى وجود بدائل عديدة أمام الحكومة المصرية لتمويل احتياجاتها الخارجية والمالية من خلال أسواق السندات الدولية والمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي وغيرها من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية. وشدد تقرير (موديز) على أن المعايير الحاكمة للتصنيف الائتماني لمصر في وضع جيد يجعل الدولة قادرة على التعامل مع الصدمات الاقتصادية، وبالتالي فإن استمرار اتباع إدارة (دين عام) فعالة تضمن بقاء مسار الدين العام النزولي، واستمرار تحسن مؤشرات سوق العمل، وزيادة قيمة الصادرات غير البترولية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، وكلها عوامل قد تساعد وتسرع من تحسن التصنيف الائتماني لمصر خلال السنوات المقبلة. كانت مصر قد وقعت في أواخر العام 2016 على اتفاق مع الصندوق للحصول على قرض بـ 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، للمساعدة في تنفيذ برنامجها للإصلاح الاقتصادي.
مشاركة :