تصاعدت الخلافات والانتقادات بين "حركة النهضة" و"حركة الشعب" اللتين تشاركان في الائتلاف الحكومي في تونس، ما يهدد بتصدع وانهيار الحكومة التي يقودها إلياس الفخفاخ، وسط تساؤلات عن قدرتها على الصمود لفترة طويلة ضمن تحالف بين أطراف سياسية متناحرة. وقال النائب عن "حركة الشعب" بدرالدين القمودي، في تصريح لـ"العربية.نت"، إن " حركة النهضة لا تعمل اليوم لصالح حكومة الفخفاخ، وتسعى فقط للتشويش على عملها من أجل إفشالها وإسقاطها "، مضيفا أنّها "بدأت لهذا الغرض في خلط الأوراق وإعادة توزيعها إعداداً لمرحلة أخرى، كما شرعت بالتلويح بالتراجع عن أسس الوثيقة التعاقدية التي تأسست عليها الحكومة، متحججةً بملف مواجهة أزمة كورونا". وأشار القمودي إلى وجود تناقض في موقع "حركة النهضة" بين الحكومة والبرلمان وازدواجية في مواقفها، من خلال تشكيلها تحالفاً آخر مع المعارضة في البرلمان (حزب "قلب تونس" وكتلة "ائتلاف الكرامة") رغم أنها موجودة في التحالف الحكومي. كما تحدث عن "دخول النهضة في صراع غير معلن مع رئاسة الجمهورية عبر حملة ممنهجة يقودها "جيشها الأزرق" على مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ قيس سعيد، ومعركة أخرى مع اتحاد الشغل، إضافةَ إلى إعلان انخراطها وحشر أنفها في الأزمة الليبية من خلال الاصطفاف وراء محور الإسلام السياسي ودعمه، وكذلك محاولتها تمرير اتفاقيتين مع قطر وتركيا تمسان السيادة الوطنية وتضربان الاقتصاد الوطني" لتونس. وأكد القمودي أن كل هذه العوامل أدت إلى توتر العلاقة بين "حركة النهضة" و"حركة الشعب" ونشوب خلافات داخل الائتلاف الحكومي، مضيفاً أن "النهضة تحاول تصدير أزمتها الداخلية بعد حل مكتبها التنفيذي لتعطيل المسار الحكومي والبحث عن عدوّ خارجي للالتفاف حوله، وهو ما يفسر الهجومات المتكررة والممنهجة ضد حركة الشعب لدفعها إلى الخروج من الحكومة". وكانت "حركة النهضة" قد جددت، الاثنين، دعوتها "لتكوين حكومة وحدة وطنية وتوحيد الصفوف لمواجهة تداعيات أزمة كورونا اقتصادياً واجتماعياً، بعيداً عن الحسابات الضيقة والمزايدات" وفق تصريح إذاعي لرئيس كتلة "النهضة" بالبرلمان نورالدين البحيري، لكن حلفاءها في الحكم اعتبروا هذه الدعوة غير بريئة وتستهدف شلّ العمل الحكومي وإدخال البلاد في أزمة سياسية. وأنتجت هذه الخلافات بين مكونات الائتلاف الحكومي قلقاً متصاعداً في تونس من تداعيات هذا التوتر على تماسك الحكومة، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية ناتجة عن تداعيات فيروس كورونا، ولا تحتمل أزمة سياسية. ورأى المحلل السياسي عبد الرحمن زغلامي، أن تطورات المشهد السياسي الراهن تعكس "هشاشة الائتلاف الحاكم الحالي برئاسة إلياس الفخفاخ" بسبب اختلاف مكوناته سياسياً وفكرياً وتناقض توجهاتها وخياراتها. وأشار زغلامي، في حديث مع "العربية.نت"، إلى أن "العلاقة بين حركة النهضة وحركة الشعب والتيار الديمقراطي، أهم الأطراف في الحكم، ليست جيدة"، خاصةً أن هذين الحزبين (حركة الشعب التيار الديمقراطي) أسقطا حكومة الحبيب الجملي التي شكلتها "النهضة". وأضاف أن "كل هذه التراكمات والاختلافات ستؤثر على نجاعة التنسيق والتضامن الحكومي بين الأطراف السياسية، ما يعني أن إمكانية انهيار الحكومة واردة في أي لحظة". وأشار زغلامي إلى أن أولوية الحكومة اليوم هي العمل على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية وليس توسيع حزامها السياسي وإدخال البلاد في أزمة سياسية، لافتاً إلى أن هذه الفترة هي أكثر فترة تحتاج فيها الحكومة إلى التماسك والتضامن بين مكوناتها وتحتاج فيها البلاد إلى الاستقرار الحكومي.
مشاركة :