عائدون من المالديف يروون تفاصيل الأيام الصعبة: مطار مرسى علم الدولي استقبل 152 مصريًا

  • 5/10/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

في فبراير من العام الجاري، أعلنت وزارة السياحة بجمهورية المالديف عن زيادة نسبة عدد سائحيها لـ14.4%، بواقع 173 ألف سائح، بعد أن كان عددهم في السنة الماضية 151 ألفًا، وهو ما اعتبره المسؤولون هناك إنجازًا ملحوظًا، وأملًا في إحراز تقدم أكبر، لكن سرعان ما أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، مع ظهور فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19». ومنذ مارس الماضي، تحولت جزر المالديف من مقصد سياحي، يحرص الكثير على قضاء وقت ممتع فيه، إلى ما يشبه المنفى، خاصةً مع توقف جميع أشكال الحياة على أراضيها، ومن ثم، وجد المصريون، ما بين المقيمين سياحةً وعملًا، في مأزق جراء ما جناه عليهم الفيروس المستجد. وببداية الشهر الجاري، استقبل مطار مرسى علم الدولي 152 مصريًا من العالقين في جزر المالديف، ومنها دخلوا في حجر صحي لـ14 يومًا بإحدى الفنادق تحت رعاية طبية، ليعودوا إلى حضن موطنهم بعد ظروف صعبة لم يسبق لهم أن خاضوها خلال سنوات عمرهم، وهو ما نوه إليه في بداية حديثه الشاب محمود البعلي، الذي قضى هناك 3 أعوام بموجب ارتباطه بعقد عمل. ورغم حالة الاستقرار التي عاشها «البعلي» على مدار الأعوام الماضية إلا أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب مع ظهور الفيروس المستجد، فيوضح لـ«المصري لايت» أن حركة القوارب، التي تعتبر وسيلة النقل الرئيسية بين مجموعة الجزر منفصلة، توقفت، حتى أصبحت كل واحدة منها معزولة. ومع تزايد أعداد المصابين في العاصمة ماليه، توقفت حركة الطيران كذلك، ما أفضى إلى تعطل السياحة التي تعتبر رأس مال المالديف، بجانب الإمدادات الغذائية التي تتلقاها من دول الإمارات وسريلانكا والهند، أما المتوفر من الأطعمة حاليًا هي التونة فقط، والتي تختفي في بعض الأيام حسب قول «البعلي». «لا أكل ولا شرب»، بهذه العبارة عبر «البعلي» عن الظروف الصعبة التي عاشها المقيمون بجزر المالديف، مردفًا: «هي الجزيرة عليها فندق، والفندق مفيهوش نزلاء، وكل حاجة وقفت بما فيها مرتباتنا، والناس اللي كانوا موجودين سياحة كانوا بيعانوا الأمرّين، لإنه مش لاقي ياكل وبيدفع إقامة وفلوسه خلصت وإحنا حياتنا وقفت، وكمان لما كانوا بيشكوا في حد كان لازم يتعزل 14 يوم في غرفته». ولا تتوفر في الجزر أي خدمات صحية وفق رواية «البعلي»، فما أن تتدهور صحة أي شخص يصدر بحقه تصريحًا من وزارة الصحة هناك للتوجه به إلى أقرب مستشفى، والتي تتواجد في الجزر المحلية فقط، لكن واقعيًا لا يجد من يرعاه، خاصةً وأن أكبر مشفى بالجزر يتسع لـ20 مريضًا فقط. ومن منطلق الظروف التي مر بها أبناء الجالية، تواصلت السفارة المصرية في سريلانكا والمالديف معهم، بكتابة منشور عبر صفحتها الرسمية بموقع «فيس بوك»، ليرسل «البعلي» بياناته إلكترونيًا إليها: «تواصلنا مع وزيرة الهجرة وعملت مجهود جامد في الموضوع، لأن كان في ناس كتير بتعاني». ويتواجد العائدون من المالديف حاليًا في إحدى الفنادق المصنفة بـ5 نجوم في مرسى علم، والذي تتوافر فيه جميع المميزات من خدمة وأطعمة ورعاية صحية والكشف دوري، إضافةً إلى النظافة مع منع الاختلاط بالتزام الغرف حسب رواية «البعلي». وكحال أغلب المصريين هناك، مرت الشابة يوستينا رائد بظروف صعبة، فما أن فتحت لها الحياة باب الرزق سرعان ما أجهز الفيروس المستجد على آمالها، وهي من وصلت إلى المالديف في الرابع من مارس الماضي لقضاء 11 شهرًا حددها عقد العمل الذي أبرمته. فبعد أسبوعين فقط من وصول «يوستينا»، صدر قرار بإغلاق المنتجع والشركة التي تعمل بها، كما عُلقت كل التنقلات بين الجزر، وما أن رغبت في العودة إلى مصر فوجئت بقرار الحكومة بوقف حركة الطيران كذلك. تقول «يوستينا» لـ«المصري لايت» إن المسافرين بغرض السياحة أقاموا لفترة أطول مقابل مبالغ مالية باهظة، كما أثر توقف حركة التنقلات على إحضار الأطعمة وتلقي الخدمات الطبية. ومن منطلق سعي المصريين للوصول إلى حل يرضيهم، جاء رد الفعل من قبل الدكتورة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بجانب المستشارة مها سالم، واهتمتا بالقضية وتواصلتا مع العالقين مباشرةً حسب «يوستينا»، وبعد فترة من الانتظار كان النبأ السار بتجهيز رحلة طيران للعودة. ومع الوصول إلى مطار مرسى علم، خضع جميع القادمين من المالديف لتحليل طبي، قبل أن ينتقلوا جميعهم إلى أحد فنادق مرسى علم حيث الحجر الصحي، وفور وصولهم قيست درجة حرارتهم وفق رواية «يوستينا»: «وفروا لنا أي حاجة محتاجينها من أكل وفوط وملايات وكل حاجة، والمكان نضيف جدًا، وفي أطباء في المكان سألوا إذا كان في أي حد بياخد أدوية». وحتى الآن لم تظهر نتائج العينات المسحوبة من العائدين حسب «يوستينا»، متوقعةً في نفس الوقت سلبيتها جميعًا، خاصةً وأن العائدين كانوا بالفعل معزولين في المالديف لأكثر من شهر، فيما عبرت عن انبهارها بجهود وزارة الهجرة في إتمام عودة المصريين: «مجهود جبار واهتمام رهيب». أما الشاب عمر شكري فلم يختلف حاله عن غيره، فهو كان مرتبطًا بالعمل داخل المالديف ضمن مجال السياحة، والتي تضررت بإغلاق الفنادق وتعليق حركة الطيران، حتى عاش في ظروف صعبة وصل درجتها إلى جودة الأطعمة، والتي لا تخرج من النوعين السريلانكي والهندي. ومع توقف جميع أشكال الحياة الممكنة، بدأت جهود التواصل مع السفارة المصرية في سريلانكا، خاصةً وأن بعض المتواجدين بغرض السياحة تضرروا لإنفاقهم على إقامتهم لفترة طويلة، خاصةً مع غلاء الأسعار وفق «شكري». واتبعت بعض الجزر سياسة الإخلاء، وهو ما لقيه «شكري» الذي انتقل إلى العاصمة ماليه في آخر أسبوعين له، حتى أقام على نفقته الشخصية في منزل أحد زملائه، إلى أن انفرجت الأزمة بتنظيم رحلة العودة: «موضوع كورونا للأسف كان دمر كل حاجة». يرى «شكري» أن السفارة المصرية لم تقصر في أداء مهامها، بعد أن أصدرت بيانها للإعلان عن جمع بيانات الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، على أن يُعرض الأمر على السؤولين في الحكومة، وهو ما انتهى بإجلائه: «كنت عاوز أرجع بلدي ومفيش خيار تاني». تميزت رحلة العودة بالنظام الشديد، بدايةً من إجراءات الوقاية وحتى فندق الإقامة حيث الحجر الصحي: «الأكل بييجي لباب الأوضة في وجبتي الإفطار والسحور، ونستلمها قبل الموعد بفترة، بجانب كرتونات الماية، مع مرور الأطباء بشكل دوري للإطمئنان على صحتنا». وخضع العائدون من المالديف لتحليل فيروس كورونا بمجرد وصولهم لمطار مرسى علم حسب «شكري»، فيما لا تزال نتيجة العينات لم تظهر حتى الآن، كما لا يقلق من إقامة فردين داخل الغرفة الواحدة بالفندق، خاصةً وأنها مقسمة لقسمين وبينهما باب عازل، بحيث يضمن عدم الاختلاط، منهيًا روايته: «أنا خسرت فلوس كتير، تقريبًا كل اللي حوشته، بس طز في الفلوس».

مشاركة :