المغرب يجمع قيادات عالمية لإبراز أهمية الجانب الديني في مواجهة كورونا

  • 5/14/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سلطت جائحة كورونا الضوء على الدور المحوري الذي يمكن أن يضطلع به القادة الدينيون في هذه المرحلة التي يمر بها العالم، باعتبار ما يتوفر لهؤلاء القادة من تأثير على أتباعهم. ووعيا بأهمية هذا الدور نظم المغرب الثلاثاء ندوة دولية بحثت “دور القادة الدينيين في التصدي لجائحة كورونا”. طغت الأزمة التي فرضها فايروس كورونا على اهتمام قيادات وشعوب العالم خصوصا وأنها أثرت على جميع مناحي الحياة الإنسانية والتي تقتضي تضامنا دوليا على كل المستويات السياسية والاقتصادية والروحية. ورغم بعض المبادرات المعدودة إلا أن الاستجابات الحالية على الصُعد الدولية والإقليمية ما زالت محتشمة ومترددة عن التدخل في تقديم الحلول الفعالة لمعالجة هذه الأزمة، والتي ستكون لها الكلمة في تشكيل نظام عالمي جديد. ولهذا تفاعل المغرب بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس لعالم متضامن قائم على مبادئ التعايش وتقبل الآخر والتعددية. وبرز هذا الحرص المغربي بتنظيم ندوة افتراضية بمواصفات عالمية الثلاثاء 12 مايو، في الأمم المتحدة حول “دور القادة الدينيين في التصدي لجائحة كورونا”، ويكرس تنظيم هذه الندوة والمشاركة النوعية التي تميزت بها، دور المغرب، كفاعل دولي وإقليمي أساسي في تعزيز الحوار بين الأديان وترسيخ قيم السلام والتسامح والاحترام المتبادل. وأثناء مشاركته خلال الندوة الافتراضية قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن جائحة كورونا، سلطت الضوء على الدور المحوري للقادة الدينيين في التغلب على تداعيات هذا الوباء العالمي، وأن سلوكاتهم تؤثر على قيم الناس وسلوكياتهم وأفعالهم. وقال غوتيريش مخاطبا القادة الدينيين إن “الوباء يكشف مسؤوليتنا في تعزيز التضامن كأساس لاستجابتنا، ذلك التضامن القائم على حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للجميع”. وهذا يبرز، كما أكد المسؤول الأممي، دوركم الحاسم في مجتمعاتكم وخارجها، مطالبا إياهم أن يحاربوا بشكل فعال الخطابات المغلوطة والهدامة، وأن يشجعوا على مناهضة العنف وكراهية الأجانب والعنصرية وجميع أشكال التعصب. وأعرب السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في مداخلته عن دعم المملكة المغربية للدور القيادي للأمين العام للأمم المتحدة في مكافحة جائحة كوفيد – 19. وقال مخاطبا الأمين العام، إن “مبادراتك الوجيهة للغاية وكذا نداءاتك المتعددة جعلت من الممكن توحيد المجتمع الدولي في هذه الأوقات العصيبة، ولقد أثبتم بذلك أن تعددية الأطراف، وفي صلبها الأمم المتحدة، شرط لا غنى عنه لتجاوز هذه الأزمة”. ونظرا لهذا المنعطف الخطير الذي تمر به البشرية شدد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تيجاني محمد باندي، على أنه في ظل التهديد غير المسبوق للوباء وتأثيره المدمر على المجتمعات والدول حول العالم، يضطلع القادة الدينيون والمنظمات الدينية بدور أكبر في إنقاذ الأرواح والتخفيف من انتشار المرض. وناشد الأمين العام الزعماء الدينيين “تسخير شبكاتهم وقدراتهم لمساعدة الحكومات على تعزيز تدابير الصحة العامة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية وضمان مواءمة الأنشطة ذات الطابع الديني، بما في ذلك إقامة الشعائر والاحتفالات الدينية والجنائز، مع هذه التدابير”. وفي هذا الصدد أكد السفير عمر هلال، في كلمته، أن المغرب الذي كان على الدوام منافحا قويا عن قيم التفاهم والحوار بين الثقافات والأديان، يدعم النداء الخاص الذي وجهه الأمين العام للأمم المتحدة للزعماء الدينيين من جميع الأديان لتوحيد القوى من أجل العمل على إحلال السلام في جميع أرجاء العالم، والتركيز على المعركة المشتركة للإنسانية من أجل القضاء على جائحة كوفيد – 19. ومن الاقتراحات التي جاءت بها مقاربة الزعماء الذين تدخلوا في الندوة، التأكيد على المجال الروحي الديني كمكمل أساسي للتدخلات الطبية والمالية بمختلف دول العالم والذي يتطلب تحركا منسقا تكون سمته ابتكار أفكار تنهل من الجانب الديني الأكثر رحمة وتضامنا للصالح العام وخصوصا للفئات الهشة الأكثر تضررا من نساء وأطفال. وكان الملك محمد السادس قد أكد في الرسالة التي بعث بها إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي لحوار الثقافات والأديان الذي احتضنته مدينة فاس سنة 2018، أن النظام الجديد للسلم العالمي، هو ما نرجو أن نسهم في بنائه جميعا، على أساس مبدأ التعايش وقبول التعدد والاختلاف، بما يسمح بالبناء والتطوير وتوطيد الأمن والازدهار. وأشار الدبلوماسي المغربي عمر هلال، إلى أن الزعماء الدينيين، “يمكنهم المساهمة في انبثاق حلقة فاضلة وتسخير قوتهم في الإقناع وعملهم الجماعي ليس فقط لمواجهة العواقب الوخيمة لهذا الوباء، بل للتفكر سويا في العالم الجديد الذي نود أن نتركه للأجيال القادمة. وارتباطا بهذا المحدد نوه رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تيجاني محمد باندي، بتقاليد المغرب في مجال الحوار الثقافي والديني، مبرزا أن القادة الدينيين يضطلعون بدور مهم في زمن الأزمات، حيث يسدون خدمات للفقراء ويمنحون الأمل لليائسين. وفي مداخلة له خلال هذا اللقاء، نوه آرثور شناير، الحاخام الرئيسي في كنيس “بارك إيست” في نيويورك، مؤسس ورئيس مؤسسة “نداء الضمير”، بقيادة الملك محمد السادس ودوره في مجال تعزيز قيم الحوار بين الأديان ومختلف الثقافات، والاحترام المتبادل والوحدة والكرامة الإنسانية وخصوصا في هذا الظرف العصيب في تاريخ البشرية. أما الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، ميغيل أنخيل موراتينوس، فأشاد بالعمل الذي قامت به المملكة المغربية، لتعزيز الخطاب الديني المعتدل والنهوض بالحوار بين الأديان والتعايش السلم، مركزا على أن غنى وتنوع المجتمع المغربي ثقافيا ودينيا لا يمكن إغفاله بل ينبغي أن يتخذ كنموذج. وتذكر بعض المتدخلين زيارة البابا فرنسيس للمغرب في مارس من العام الماضي، عندما أكد على ضرورة التعاون لإعطاء دفعة جديدة لبناء عالم أكثر اتحادا وتعزيز حوار يحترم الثراء والطابع المميز لكل شعب ولكل فرد على حدة. وفي هذا الصدد أبرز الكاردينال ميغيل أنجيل أيوسو غيكسوت، أسقف الكنيسة الكاثوليكية، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان، أن الملك محمد السادس أكد أن القيم الروحانية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما تدفعنا إلى القيام بمبادرات ملموسة فهي تحثنا على محبة الآخر، ومد يد العون له، رابطا ذلك بالوضع الوبائي الحالي بالعالم، والذي يقتضي أكثر من أي وقت مضى المساعدة المتبادلة والتضامن بين الشعوب والأمم. من جهته، أبرز الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، أحمد عبادي، الجهود التي يبذلها المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، من أجل تدبير ذكي للأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا.

مشاركة :