جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19) التي تجتاح العالم اليوم لا يرى لها نهاية في الأمد البعيد، فالأطباء والمراكز الصحية والوقائية عاجزة حتى الآن عن إيجاد لقاح يعطي المناعة لمواجهة ذلك الفيروس الفتاك، فالإحصائيات التي تنشرها منظمة الصحة العالمية تتحدث عن أرقام خيالية (المصابين والموتى) في أكبر الدول وأكثرها تقدمًا مثل الولايات المتحدة وأوروبا!!. وليس هناك من وسائل - حتى الآن - لمواجهة تلك الجائحة إلا وسيلتين، الأولى التباعد الاجتماعي والجلوس بالبيت، وهذا لربما ما خفف من آثار ذلك الوباء في موجته الأولى، وقد نجحت الكثير من الدول من استيعاب خطورة ذلك الداء وتخفيف أعداد المصابين، والوسيلة الثانية هي العمل الجماعي المنظم، سواءً على مستوى الأسرة أو المجتمع أو الأسرة الدولية، فكان التعاون وتبادل المعلومات وتقديم يد المساعدة هو عنوان المرحلة الأولى. وقبل أيام قليلة أعلن جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة مباركته وترحيبه بدعوة اللجنة العليا للأخوة الإنسانية ومقرها العاصمة الإماراتية (أبوظبي)، وذلك بتخصيص يوم الخميس 14 مايو (2020م) يومًا لتتوحد البشرية فيه بكل أديانها وطوائفها وثقافاتها وألوانها من أجل الدعاء والصلاة والصوم وفعل الخيرات بأن يرفع الله عز وجل هذا الوباء عن البشرية جمعاء. إن هذه المبادرة الإنسانية الراقية والتي باركها جلالة الملك المفدى انطلقت من فضيلة شيخ الأزهر (الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب) وقداسة بابا الفاتيكان (بابا فرنسيس)، وجاءت مباركة جلالة الملك المفدى للتأكيد على أهمية العمل الجماعي، ورفع أكف الضراعة للمولى، فما يتعرّض له العالم اليوم ليس لأناس دون غيرهم، أو مجتمع دون سواه! وإنما هي البشرية بأسرها للتعرّض للخطر، وليس لها دون الله من كاشف، لذا من الأهمية دعاء الله لينقذ البشرية من هذا الوباء!! لقد جاءت المباركة الملكية على تخصيص يوم 14 من مايو يومًا للدعاء للتأكيد على أهمية التضامن الإنساني في مواجهة جائحة كورونا المستجد، وأنها السبيل لإنقاذ البشرية من الفناء، فقد دعت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بأبوظبي القيادات الدينية وجموع الناس بالعالم - باختلاف أديانهم ومذاهبهم وثقافتهم - للصلاة والصيام والدعاء من أجل إنقاذ الإنسانية، وحفظ العنصر البشري، وأن يوفقها لتجاوز جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19). البيان الذي أصدرته اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بأبوظبي جاء بأربعة عشر لغة، ومنها العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية، وذلك للتأكيد على أهمية الدعاء إلى الله تعالى مع أهمية دور الطب والبحث العلمي للتصدي لهذه الجائحة، وأن لا ملجأ من هذا الداء إلا إلى الله تعالى، فهو منزل الداء والدواء مصداقًا لقوله تعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين) «الشعراء: 80». يأتي هذا الدعاء الاستثنائي في أفضل الشهور عند الله تعالى (شهر رمضان)، وفي أفضل ليالي العام (ليالي العشر)، ولربما يصادف ليلة القدر التي تعدل 80 سنة عبادة، فتجتمع كل تلك الأسباب مع فضيلة الصلاة والصيام وفعل الخيرات لتكون الاستجابة عند الله أرجى، وهذا ما ينبغي للمسلم من فعله هذه الأيام، بأن يدعو الله تعالى بأن يرفع البلاء عن البشرية جمعاء، وأن يحفظ عباده وخلقه من المرض والزوال. إن مسؤولية المسلمين كمسؤولية بقية أتباع الأديان، وهي رفع الأكف إلى المولى والتبتل إليه، وطلب رفع الوباء، كل فرد من بيته ومكانه وموقعه يؤدي الذي عليه من الدعاء، بأن يحفظ الله النساء والرجال، كباراً وصغاراً، وأن يلهم العلماء لاكتشاف دواء يقضي على الجائحة، وأن ينقذ العالم من التبعات الصحية والاقتصادية والإنسانية جراء انتشار هذا الوباء. إن دعوة جلالة الملك المفدى للعلماء والخطباء والمعنين بالشأن الديني بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء في هذه الليالي الفاضلة فهو تذكير باستغلال هذه الفرصة الذهبية السانحة في شهر رمضان المبارك، وأن يقفوا صفًا واحدًا مع شعوب العالم لمواجهة تلك الجائحة، وأن يتجاوزوا الخلافات، فهذا الفيروس لا يفرق بين دين ومذهب ولغة ولون، إنه عدو الإنسانية، وقد أوضح الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بأن (سوف نبتهل إلى الله من أجل الإنسانية، وسنرفع أكف الضراعة لينقذنا من هذا الوباء، وواثقون في أن الله سيشملنا برحمته ورعايته).
مشاركة :