طعم الإيمان في رمضان (1 من 2)

  • 5/14/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الإيمان بالله تعالى هو التصديق المُتضمّن للخُضوع والانقياد مع المحبة والتعظيم، وقد آمن كِبار الصحابة رضي الله عنهم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم قبل 1441 سنة تقريباً، وعلى رأسهم أبو بكر الصدّيق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورَيْن وعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين، هؤلاء هم السابقون الأوّلون مع المهاجرين والأنصار، وذلك حينما سَمِعوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن و نظروا في علامات نُبُوّته، عندَ ذلك صدّقوا تصديقاً جازماً لا يُخالطه شكٌّ، و تَرَسَّخ الإيمان في قلوبهم وسَرَى في عروقهم، وقد لَقوا من كفّار قريش ما لَقُوا من العذاب، ومع ذلك ما صَدّهم عن دينهم ومازادهم إلّا إيماناً وتَسليما.ولَمّا اشتدَّ عليهم الحال في مكة، هاجَروا وتركوا المال والعشيرة، وذهبوا إلى الحبشة، فقطعوا تلك المسافات وركبوا البحر وهم ليسوا من أهله، إلى أن نزلوا عند النجاشي ليتمكّنوا من عبادة الله وحده، وليُظهروا دينهم الذي هو أحب إليهم من الدنيا وما فيها، وما حملهم على طول السفر وكآبة المنظر، وتَحَمّل الجوع وحرّ الرمضاء سوى طعم الإيمان بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسولُ الله، ولمّا تكررت عليهم الشدة واستجدّ عليهم البلاء في مكة، هاجروا إلى المدينة المنورة، وسكنوها مع قلّة ذات اليد والعدد، رغم إحاطة أشراف قبائل اليهود عليهم من كلّ جانب، بني قُريظة وبني النضير وبني قينقاع، ومع ذلك بقيت في قلوبهم حرارة الإيمان، فَثَبَتوا أمام هذه الزلازل ثبات الجبال الراسيات، ولم يقل منهم أحد: سوفَ نرجع إلى مكة، حيث الأهل والمال ونشرب الخمر ونسمع القِيان!ولم يقل منهم أحد نرجع إلى دين الآباء والأجداد، وكيف نرغب عن ملة عبدالمطلب!وفي المدينة المنورة ظَهَرَ النفاق، وهؤلاء الذين آمنوا إيماناً معلّقاً مُذبذباً، ولم يدخلِ الإيمان في قلوبهم، فكان حالهم مع المؤمنين في الظاهر ومع الكفار في الباطن، ومع الغالب من الفَريقَيْن قال تعالى «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ»، أي ليسوا حقاً من المؤمنين الذين خالط الإيمان بشاشة قلوبهم، فأصبح عندهم عَيْن اليقين، بحيث صار إيمانهم بالله وباليوم الآخر أشدّ حرارة من إيمانهم بالواقع المشهود، حيث نبذوا الدنيا بحذافيرها وراء ظهورهم، واستقاموا على أمر الله تعالى، و رَضوا بما آتاهم الله من فضله، وعلموا أنّ الله واحدٌ في أسمائه وصفاته و أفعاله، خَلَقَ الخَلْق في ستة أيام، ثم استوى على العرش استواءً يَليقُ بجلاله، والعرش سرير الملك.واستدلّوا على كمال قدرته و نفوذ مشيئته من خلال مخلوقاته العظيمة، كما نظروا في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم فعرفوا أنّها آياتٌ بَيّناتٌ دالّة على صِدقِ نبوّته، وعلى صحة ما جاء به، كما رمقوا أخلاقه الشريفة معهم، وصِدقه وحرصه على هدايتهم وسلامتهم من الآفات، فَعَرفوا أنّه رسول من الله صادق مع الله، لا يطلب مصلحة نفسه ولا جاهاً ولا إمارة، ولا شيئاً من حُطام الدنيا، عندئذٍ هانت عليهم أرواحهم وأموالهم وأهليهم وأوقاتهم، فَبَذلوها رخيصةً في سبيل الله تعالى.الخلاصة:قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

مشاركة :