مشاهد جريئة تقع أحداثها بين غرف النوم والملاهي الليلية، وألفاظ خادشة للحياء، وسيناريوهات غضت الطرف عن كل قضايا المجتمعات العربية، لتغوص في عوالم الدعارة وقضايا الآداب والبلطجة، لتسير على النهج نفسه الذي اعتمدته في السنوات القليلة السابقة، جاعلة الجرأة ثيمة مسلسلات شهر العبادة والصوم. جرعة استفزاز كبيرة، يجد المشاهد نفسه على موعد يومي معها طيلة أيام رمضان، وبرغم ارتفاع أصوات المطالبين باحترام خصوصية هذا الشهر الكريم، فإن هذه المطالبات لا يُلقى لها بال، ليفاجئنا كل عام بمائدة دسمة، تزخر بأنواع الشتائم والألفاظ النابية، وبالمشاهد الساخنة والعلاقات غير الشرعية، والراقصات اللواتي امتلأت الشاشة عن آخرها بهن، حتى كادت تلفظهن لفظاً. هوية العمل مع مولانا العاشق الذي يؤدي بطولته الفنان مصطفى شعبان تبدأ الحكاية، فمنذ الحلقات الأولى يجد المُشاهد نفسه أمام بيت مخصص لممارسة الرذيلة، وفتيات لا يتوانين عن التمايل وإبراز مؤهلاتهن وإمكاناتهن في التمايل والدلع بهدف الحصول على المال، وبرغم أن القضية التي يناقشها المسلسل لم تكشف عنها الحلقات الأولى منه، فإن المشاهد الأولى كفيلة بإبراز هوية العمل، فما الجدوى من تصوير عروسين في غرفة النوم ليلة زفافهما، وما أهمية إبراز نوعية الحبوب التي تناولها العريس ولم تُجدِ معه نفعاً، وهل الشارع المصري يخلو في الوقت الحالي من قضايا ومشكلات وهموم، حتى يستعين بغرف النوم وما وراءها، وهل اقتصرت أولويات المواطن المصري الحقيقي على البلطجة والثأر والانتقام، وأين هي البطولات الحقيقية التي تعج بها شوارع مصر؟ يبدو أن مصطفى شعبان اتخذ لنفسه خطاً يسير عليه بعد الحاج متولي، لتستهويه نوعية الأعمال التي يتصدر فيها البطولة الرجالية وسط الحريم، ودليل ذلك مسلسلاته التي أثارت الجدل في السنوات السابقة، ومنها دكتور أمراض نسا ومزاج الخير والزوجة الرابعة. استفزاز وفي إطار البلطجة، لم يتغلب على مصطفى شعبان سوى الفنان أمير كرارة في مسلسله حواري بوخارست، فمن مشهد إلى آخر، يشعر المُشاهد أنه يعيش في ملهى ليلي، فالمسلسل مملوء بالمشاهد المثيرة، والثياب المستفزة الخادشة للحياء صادمة للجمهور الذي لم يتوانَ عن إعلان رفضه واستنكاره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معبراً عن استيائه من كم الألفاظ النابية، والمواقف المثيرة للاشمئزاز، وتعديها على حرمة الشهر الفضيل. دعوى قضائية نقابة علماء مصر تحفظت على مسلسل أستاذ ورئيس قسم، فبطل العمل الفنان عادل إمام الذي يجسد دور الأستاذ الجامعي ، ظهر في أحد الملاهي بصحبة تلاميذه، وهو يحتسي المشروبات الروحية، ويغازل إحدى مرتادات النادي، ما يسيء إلى مهنة التدريس في الجامعات، وأكدت أنها بصدد رفع دعوى قضائية عاجلة لوقف المسلسل. وضع مخيف في تحت السيطرة، نجد أنفسنا أمام وضع مخيف، أبطاله طلاب وطالبات في المدرسة، يرتادون الملاهي الليلية، ويتشاجرون، والتدخين في حمام المدرسة، كما لا يخلو مسلسل يا انا يا انتي بطولة فيفي عبده وسمية الخشاب من ألفاظ تستفز المشاهدين، فحين تبدأ عبده وصلة الردح، لا بد أن تختمها بألفاظ وشتائم من العيار الثقيل. وليت الأمر يتوقف عند هذه المسلسلات، فالقائمة تمتلئ بمشاهد وألفاظ يعجز اللسان عن وصفها أو التعبير عنها، على أمل أن ترحم الرقابة المُشاهد الذي بدأ مع الأسف يعتاد على جرعة السم المدسوسة في العسل. بلا رقابة في حوار سابق تحدث فيه عبد الستار فتحي، رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، لشبكة الإعلام العربية محيط، كشف أن عدداً كبيراً من المسلسلات يحتوي على مشاهد كثيرة خارجة عن الآداب العامة، لافتاً إلى أن الدراما المصرية ركزت في السنوات الأخيرة على ما يجذب المشاهد ،مشيراً إلى أن دور الرقابة هو التوجيه وإعطاء التصريحات بعد تصوير المسلسل، ولكن ليس من حقها التدخل في الأعمال وتعديل السيناريو، فهو حق ملكية للمؤلف، كما استنكر قيام المخرجين بتصوير المسلسلات قبل شهر رمضان بثلاثة شهور.
مشاركة :