الشائعات والأكاذيب أخطر على المجتمع من الأمراض والأوبئة

  • 4/30/2020
  • 02:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تؤدي الشائعات ونشر الأكاذيب وإثارة الجدل وبث المعلومات المغلوطة إلى إرباك المجتمع، وتضر باستقراره وأمنه، وتعتبر الأزمات بيئة خصبة لانتشار الشائعات، وبالتالي تؤثر تلك الشائعات على الصحة النفسية للفرد والمجتمع، كما أننا نعيش هذه الأيام أزمة وباء كورونا المستجد، والتي تُعد أزمة عالمية على جميع الأصعدة، هذا ما أكده الحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأزمات والكوارث وأخصائي الصحة النفسية عبدالله المطيري.غايات خفيةوقال المطيري: «تعتبر الشائعات آفة خطيرة وسلاحًا مدمرًا ووباء نفسيًا، خاصة في هذا الوقت من الأزمة التي يخرج فيها المرجفون، ففي وسائل التواصل الاجتماعي استغلوا أزمة «كورونا» في إرعاب المجتمع، ونشر البيانات الخاطئة والمعلومات المغلوطة، ويشار إلى أن وراء ذلك غايات خفية».وباء آخروشدد على أن الشائعات وباء آخر تضرر منه الكثيرون، وتفرّق بسببه الأحبة والأصدقاء، وتهدمت بسببه البيوت والمجتمعات، إنها ظاهرة ترويج الشائعات المغرضة واختلاق الأخبار والمعلومات الكاذبة المضللة، لافتين إلى أن إثارة البلبلة بذلك تهدر جهود الدولة في محاربة «كورونا».زعزعة الرفاهيةوأشار المطيري إلى أن ظاهرة انتشار الشائعات من أبرز الظواهر الاجتماعية السلبية التي تنتشر بالمجتمع بسرعة النار في الهشيم، حتى أصبحت خطرًا وهاجسًا مقلقًا يهدد حياة الأفراد وأمن المجتمعات واستقرارها، وتفعل بالمجتمع ما لا تفعله الحروب وأسلحة الدمار الشامل، وذاع صيتها بشكل واسع بعد التطور التكنولوجي وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت منها بيئة خصبة لنشر المفاهيم المغلوطة؛ بهدف تحقيق مآرب مروّجيها والإضرار بمن يصدّقها ويتبعها دون التأكد من مصدرها، كما أن للشائعات دورًا بالتأثير على مستوى رفاهية المجتمع وأفراده وتغيّر مسار الحياة الاجتماعية، خاصة أثناء الأزمات والكوارث المفاجئة.مقاطع مكذوبةواستأنف قائلًا: «لقد شاهدنا الخوف والهلع بسبب انتشار بعض المقاطع المكذوبة بتصوير الرفوف خالية من المواد الغذائية، ما أدى إلى تسابق فئة قليلة من الناس وهم الذين ينقادون خلف الشائعات إلى الشراء؛ بدافع الخوف وتخزين المواد الغذائية والبضائع، وهذا من شأنه أن يجعل الفرد والمجتمع يواجه صعوبات مادية يمكن أن تتسبب في مشاكل نفسية حادة».جوانب عدةوأكد أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة عمومًا، وأن العامل النفسي يؤثر في الصحة الجسدية، فكلما تخلصنا من الاضطرابات والضغوطات النفسية وكانت معنوياتنا مرتفعة، انعكس إيجابًا على صحة أجسادنا وقدرتها على مقاومة الأمراض، مبينًا أن الحجر المنزلي الناتج عن جائحة كورونا لا تقتصر تأثيراته على الجانب الصحي فحسب، بل امتدت لتشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.مشكلات نفسيةوأبان أنه في الوقت الذي يسابق فيه العلماء حول العالم الزمن لإيجاد علاج لفيروس كورونا المستجد، يخضع أكثر من مليار إنسان حول العالم إلى حجر منزلي غير مسبوق وغير معلوم المدة، تجاوز الأيام إلى أسابيع في سبيل الحد من تفشي هذه الجائحة، وهذا الوضع لم يألفه الناس، وربما يتسبب مع مرور الأيام وطول مدة البقاء بالمنزل في حدوث مشكلات نفسية لكثير من الأشخاص الذين لا يتمكنون من التعامل مع الوضع، أو أولئك الذين يعانون أساسًا من مخاوف ومشاكل نفسية قد تدفع بهم إلى مخاطر نفسية واجتماعية وأضرار وخيمة، لا قدّر الله.فرصة للتعلموأضاف: «إن الأزمة الصحية فرصة ليتعلم المجتمع قيمًا مهمة، منها اكتساب تعلم الأمور الصحيحة بشكل عام، والحفاظ على الصحة الشخصية، والمسؤولية تجاه المجتمع وكيفية التعامل الإيجابي مع الأزمات وتعلم المرونة الإيجابية مع تغيّر الروتين في الحياة والاستفادة من أوقات الفراغ، والزهد في الأمور التي اعتادها الأفراد واختفت مع الأوضاع الطارئة».تأثيرات الوباءواستكمل قائلًا: «ومن الشائع في أي وباء أن يشعر الفرد بالتوتر والقلق، والخوف من الإصابة أو نقل العدوى للآخرين، أو فقدان الأحبة والخوف من الانفصال عن المقربين ومقدمي الخدمة والحماية بسبب أنظمة العزل الصحي، ومن التأثيرات أيضًا الشعور بالعجز والملل والوحدة والاكتئاب بسبب العزل.قلق ومجهولوأفاد أنه كذلك الأشخاص الذين يعانون اضطرابات في النوم، يؤثر ذلك على مشاعرهم وسلوكياتهم فيؤدي بهم الاضطراب إلى إيجاد مشاعر العدوانية والعنف تجاه الآخرين، فتكون النتائج سلبية وقاسية، مخبرًا أن القلق من المجهول والمرض محاط بالغموض، فالبشر بطبيعتهم يميلون للقلق من المجهول أكثر من قلقهم مما يعرفون، وحاليًا المرض محاط بكمّ من الغموض، فلا أحد يعرف ما هو سببه، أو شدة الأعراض المؤثرة أو العلاج الأكيد، وهذا يثير كثيرًا من القلق لدى الناس، وهناك أيضًا اضطراب سوء المزاج والأرق وفقدان الشهية للأكل، ومن الأعراض النفسية كذلك اضطراب ما بعد الصدمة، والخوف من العدوى وإصابة الآخرين، والوصمة الاجتماعية من الوباء، والعزلة التي غالبًا ما تستمر بعض الوقت بعد العزل، وتأتي نتيجة وجود بعض السلوكيات المجتمعية، مثل: تجنّبهم، ومعاملتهم بالخوف والشك، وهناك أيضًا السلوك التجنبي والوسواسي حتى بعد انتهاء فترة العزل الصحي، فكلما زادت فترة العزل زادت معها الاضطرابات النفسية وكانت أكثر شدة في أثرها.أهمية الدعموأخبر المطيري أن التأثيرات النفسية في معظم الأحيان تزول بزوال الوباء، أو إذا تمّ تقديم الدعم النفسي والاجتماعي بصورة صحيحة أثناء فترة الوباء، ولكن قد تستمر التأثيرات عند بعض شرائح المجتمع، خصوصًا الفئات الهشّة مثل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة إذا لم يتم تقديم الدعم والرعاية الكافية خلال فترة الجائحة.نصيحة أخيرةواختتم، ناصحًا بوضع خطة مُحكمة أو جدول روتين يومي مدروس من قبل الأسرة للوقاية من التأثيرات النفسية، وأن يتشارك فيه جميع أفراد الأسرة، فالأزمات تعتبر فرصًا للتغيير في جوانب عديدة في سلوك الإنسان وحياته فلنسعَ إلى تحويل النظرة السلبية للأزمات إلى نظرة إيجابية، وهذا من شأنه أن يُسهم بشكل فعّال في تقليل الضغوطات النفسية، وكذلك إشغال الإنسان وقته بأشياء مفيدة وممتعة والابتعاد عن الأخبار السلبية.

مشاركة :