كتب - نشأت أمين: تواصلت محاضرات مهرجان بشائر الرحمة الرمضانية الذي تنظمه مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية "راف" بالتعاون مع أسباير زون. وشهدت الليلة التاسعة بالمهرجان حضوراً كبيراً لمتابعة المحاضرة التي ألقاها فضيلة د.محمد العوضي، ود. ماجد الأنصاري، أستاذ العلوم السياسية وجاءت تحت عنوان "تاريخ الأمة بين الإرادة والعجز" أكد د. محمد العوضي في بداية المحاضرة، وفي سياق رده على سؤال حول كيف تتولد الإرادة لدى الإنسان، ومفهوم الإنسان نفسه، أن كلمة إنسان ليست سهلة على الإطلاق، ومرت بتطورات متعددة، حتى وصلنا إلى عصر ما بعد الحداثة الذي تلا عصري النهضة والتنوير. وأضاف: إن إنسان ما بعد الحداثة تحول إلى جزء من الطبيعة، وأصبح تافهاً عدمياً لا قيمة له، لأننا نعيش حضارة بلا معني وحين يفقد الإنسان معناه تتبخر الإرادة لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن مفهوم الإنسان في القرآن الكريم مفهوم عظيم يشمل تعريفه ويحدد ماهيته، وإرادته، وعوارضه، وجوهره وتناقضه. وتابع : إن القرآن عرف الإنسان بأنه عقل يفكر ويميز ويختار بين البديلات المتاحة أمامه، مستدلاً فيما ذهب إليه بالعلامة ابن تيمية الذي قال "متي تحققت القدرة الكاملة، والإرادة الجازمة مع عدم وجود عارض خارجي، يصدر الفعل مباشرة" . وتابع العوضي : الشريعة الإسلامية وضعت منهج تقوية الإرادة من خلال وضع دوافع مقدسة، ورادعة، وممجدة، وجعلت الإنسان مسؤولاً ولديه القدرة علي التمييز والاختيار. و حكي د. محمد العوضي تجربة واقعية عن الإرادة، موضحاً أنه ذهب إلى سويسرا قبل 5 شهور، والتقى راقصة بالية سويسرية اعتزلت الرقص واعتنقت الإسلام. وتابع: سألت الراقصة عن أسباب اعتناقها الإسلام الذي تعاني شعوبه من القتل والتدمير والخراب، فردت بأنها "أحبت الإسلام ومبادئه، وأنها فصلته عن واقع المسلمين، وأنها كانت علمانية مهتمة بسياسة الشرق الأوسط، وذهبت إلى غزة، وشاهدت كيف أن المرأة الغزاوية وهي الطبيبة والمهندسة والمدرسة، تؤدي دورها في المجتمع، وهي ترتدي الحجاب، وتقاوم قوة استعمارية مسلحة شرسة، بكل إرادة وحزم ما أثر في نفسي وجعلني أسلم. وقال "إن هذه الراقصة امتلكت الإرادة، وأسلمت بناء عن اقتناعها بمبادئ الإسلام، وإرادة المقاومة في غزة، وطلبت أن تتزوج مسلما يحفظ القرآن، وتحقق لها ما أرادت، بالزواج من شاب مغربي يجيد ثلاثة قراءات للقرآن" . د. ماجد الأنصاري: غياب الإرادة السياسية وراء مآسي العرب قال د. ماجد الأنصاري في سياق رده على سؤال حول الفرق بين الإرادتين السياسية والاجتماعية "إن الإرادة السياسية معروفة ومحل اهتمام لكن المصطلح منتهك" موضحاً : أنه كلما تكلمنا عن مآسي الأمة العربية وعدم إيجاد حلول لها ، يكون الرد: لا توجد إرادة سياسية. وبيّن أن الإرادة السياسية تعد التزاماً من قبل اللاعبين في العملية السياسية من المسؤولين والأحزاب والحكام ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الفاعلة، بالقيام بأعمال تؤدي إلى أهداف محددة مع تحمل نتائجها، موضحاً أن أحداً اليوم لا يلتزم بتحمل المسؤولية، وأن مؤسساتنا غير قادرة على تحملها ، ولا تعرف نتائج هذه السياسات. ونوه إلى ضرورة أن يسبق الإرادة وجود المعرفة والدراية السياسية، لافتاً إلى أن العالم العربي في مرحلة ما بعد ثورات الربيع التي أحالها البعض إلى خريف عربي، لم يكن لديه استيعاب لنتائج الأعمال التي أدت إلى الثورات، وقال "إن الإدراك غاب عن الجميع، فالكل يمتلك الإرادة لكنهم يفتقدون الدراية السياسية. وبين الأنصاري: أن الإرادة الاجتماعية تتولد من المجتمع، وتبدأ في صورة إرادة فردية للتحرك في مجال معين، وتشكل إرادة مجتمعية لتحقيق رغبة عام أو هدف كبير، وهو ما يعرف بالعقل الجمعي الذي يعاني من عدم النضج، ويندفع من خلال قادة الرأي في اتجاه معين، لكنه يتراجع وتخفت إرادته. وأوضح أن الفرق بين الإرادة السياسية والاجتماعية، أن الأولى تكون من خلال مؤسسات ناضجة منظمة بينما الثانية نتاج حراك مجتمعي لا يمتلك سيطرة حقيقية. وفيما يتعلق بدور الإرادة في صناعة التاريخ أكد د. ماجد الأنصاري، أن الإرادة على مدار التاريخ أسفرت عن حوادث جسيمة، وانتقلت من مرحلة الاستلاب إلى الاستقلال، وقال "إن روما القديمة كانت مستلبة حتى قررت مجموعة من القبائل الاتحاد لمواجهة الأخطار ، وكذلك إرادة الرسول قاومت مجتمع البادية القبلي والعنصري. وبين أن الحضارات تولد من توافر الإرادة لدى الجميع لمواجهة عدو خارجي أو مجتمع خطأ ، موضحاً أن صلاح الدين الأيوبي امتلك إرادة جعلته يقبل من -باب السياسة-أن يحكم في ظل خليفة فاطمي فاسد، منوهاً إلى أن "صلاح الدين" كان لديه مشروع أكبر وهو تحرير بيت المقدس ، ولم تكن إرادته وليدة يوم أو لحظة.
مشاركة :