موسم بعد آخر وواقعة تلو الثانية يُثبت احتراف كرة القدم في السعودية بأنه أعرج، وأن ثمة خلل فيه وعدم فهم بمعناه الحقيقي من كل أطراف المنظومة، سواءً مسيري الكرة أو الأندية أو اللاعبين، وأنعكس ذلك بشكل واضح على مستوى الكرة السعودية. وعلى الرغم من وجود اللوائح والأنظمة والقوانين التي سنتها لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم إلا أن هناك خلل واضح من ذات الأطراف أدى إلى عدم تطبيق الاحتراف بشكله الصحيح، وأصبح الأمر كله عباراة عن ملايين الريالات تصرف من الأندية على لاعبين محترفين بعقلية هواة، والمحصلة صفر على الشمال. ولن تتطور رياضتنا واحترافنا بهذا الشكل، فاللاعبون الذين يعتبرون أساس المشكلة لا يعرفوا إلا حقوقهم والملايين التي يحصدونها، أما واجاباتهم فهي آخر همهم إلا من رحم الله، وسيظل الحال على ماهو عليه ولن يتحسن طالما أن المسؤولين حتى هذه اللحظة يباركون ذلك دون تدخل صارم يعيد الاحتراف إلى مساره الصحيح. لاعبون لا يتلزموا بعقودهم، وآخرون يسهرون حتى الصباح، وفئة ثالثة يتغيبون ويتأخرون عن التدريبات، وهنالك من يتواجد في مباريات الحواري، وغيرهم الكثير ممن لا يطبق الاحتراف يعبثون في كرة القدم السعودية، والمسؤولون لدينا يباركون ذلك ويتعذرون بعدم إمكانية التدخل طالما أن المتضرر "النادي" لم يتقدم بشكواه!!. المؤسف أن معظم اللاعبين لا يعرفون الاحتراف ولوائحه إلا عند توقيع عقود الانتقال أو التجديد، أما في أي وقت غير ذلك فيضربون بالاحتراف عرض الحائط غير مبالين، وكل واحد منهم همه شعبيته ورصيده البنكي وكم يحصد فيه من ملايين، لا نحسدهم على ذلك لكن هذه الحقيقة التي لا يمكن لأي واحد منهم أن يُنكرها. وتعتبر الأندية شريكة مع اللاعبين في عدم تطبيق الاحتراف على الرغم من أنها متضررة، والسبب يعود إلى تدليل اللاعبين طمعاً في كسب ودهم من أجل البقاء مثلاً، على الرغم أن ذلك لا يمكن أن يؤثر على تفكير اللاعب لأن مقياس الدلال لديه هو قيمة عقده ومرتباته الشهرية. اللاعب محترف لكرة القدم وهي وظيفته ومصدر رزقه، والخطوة الأولى نحو تطبيق احتراف حقيقي هي أن يتواجد يومياً في النادي لأداء عمله فترة تصل إلى ثماني ساعات، وذلك بالتأكيد لن يحدث وحال أنديتنا كما هو الآن، إذ لابد من فرض نظام اليوم الكامل من خلال تواجد اللاعبين من الصباح للمساء والتدرب على فترتين صباحية ومسائية، عندها ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، ستضمن عدم سهر اللاعب، وستتحكم في برنامجه الغذائي وستقرب اللاعبين من بعضهم من خلال بقائهم إلى جانب بعضهم أطول مدة ممكنة، بالإضافة إلى إعدادهم لياقياً وبدنياً وتكتيكياً بالشكل المناسب، أما مسألة أن يحضر اللاعب إلى النادي لمدة ساعتين فقط فهي غير مقبولة أبداً ولا يمكن أن تتطور كرة القدم لدينا، وهي تدار بهذه الطريقة العقيمة. هنالك مدربين حاولوا فرض ذلك على لاعبي فرقهم إلا أن إدارات تلك الأندية استسلمت لضغط اللاعبين مما أجبرها على كشف الواقع المرير لأولئك المدربين بأن اللاعب السعودي لا يتدرب إلا لفترة واحدة قد تصل إلى فترتين في بعض الأحيان ولمدة قصيرة، أما فرض اليوم الكامل عليهم طوال الموسم فالمحصلة النهائية معروفة وهي رحيل المدرب. ولا يمكن لنادي أن يطبق ذلك من دون الآخرين، لأنه سيؤدي إلى تسرب لاعبيه للأندية الأخرى كون اللاعب السعودي أسوأ "سيناريو" يتخيله أن يتواجد في النادي لأكثر من أربع ساعات، مما يعني أن الأمر بحاجة إلى تدخل من المسؤولين عن كرة القدم السعودية بفرض ذلك على كل الأندية، لأن في النهاية المستفيد والمتضرر رياضتنا ومنتخباتنا السعودية، وإذا ما أرادوا أن تتطور فعليهم الالتفات للاحتراف وتطبيقه بالشكل الصحيح، والبداية تكون من إلزام الأندية بتطبيق اليوم الكامل.
مشاركة :