اختار بعض اللبنانيين تمضية أوقات الحجر الصحي الطويلة المفروضة عليهم بسبب فايروس كورونا، بابتكار وسائل ترفيهية وفي ذات الوقت يمكن الاستفادة منها، مستعينين في ذلك بكل طاقات أفراد العائلة. أصبح البحث عن كيفية قضاء أوقات الحجر الصحي ضمن إجراءات وقائية فرضتها الدولة اللبنانية لمواجهة فايروس كورونا المستجد، شغل الكثيرين في البلاد، ما ساهم في ظهور ابتكارات ونشاطات جديدة. ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قالت ليندا أبوترابي، موظفة، إنها حولت حديقة منزلها خلال فترة الحجر إلى ما يشبه المتحف الصغير. وأضافت “نجحت مع أولادي الثلاثة في تحويل إطارات السيارات المطاطية المهملة إلى تحف فنية بعد أن أدخلنا عليها الكثير من الحفر والرسومات بألوان متعددة وزاهية تحاكي الزهور المنتشرة في حديقة المنزل”. وأوضحت “عملنا على توزيع هذه الإطارات بشكل منسق في أحواض زهور الحديقة وفوق جدرانها، مما حاز على إعجاب الجيران الذين اقترحوا نقل هذا التوجه الجمالي إلى حدائقه+م وإلى الحدائق والساحات العامة”. أما مدرسة الصفوف الابتدائية في بلدة حاصبيا رانية العيسمي فقالت إنها استغلت فترة الحجر في نشاطات بيئية، حيث عملت بالتعاون مع أطفالها الثلاثة بدهن وتزيين براميل ومستوعبات النفايات الموزعة في شوارع البلدة برسومات متعددة الأوجه والأفكار. ودفعت هذه الخطوة العديد من البلديات إلى تبنيها وتعميمها بشكل واسع باعتبارها خطوة تشجيعية هامة، ستكون لها انعكاسات إيجابية في المجال البيئي وفرز النفايات المنزلية والنظافة بشكل عام، وفقا للمدرسة اللبنانية. وفي منطقة جل الديب الواقعة شمال العاصمة بيروت، عكف رسام الوشم اللبناني هادي بيضون على إنجاز منحوتة خشبية على سطح المبنى الذي يعيش فيه. وعلى ضفة نهر الليطاني، قال محمود عقيل، مدير مطبخ أحد المنتجعات السياحية جنوب لبنان، إنه في بداية الحجر المنزلي كان الوضع مقبولا لكن مع استمراره لفترة طويلة بدأنا نشعر بالملل من الجلوس لساعات طويلة دون عمل. وأضاف أمام هذا الوضع بدأت مع زوجتي وأولادي الأربعة تنفيذ ما يشبه دورة في كيفية تحضير الطعام شملت فن الطهي وتزيين المائدة وكيفية تقديم الطعام، مشيرا إلى “تحول المنزل في هذه الفترة إلى ما يشبه مدرسة فندقية استعنت خلالها بمواقع التواصل الاجتماعي المهتمة بإعداد الطعام، فنجحت إلى حد ما في تأمين مهنة لأولادي في ظل انحسار فرص العمل”. وكانت السلطات اللبنانية قد فرضت التعبئة العامة في البلاد والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي منذ منتصف مارس الماضي ومددتها عدة مرات إلى 24 مايو الجاري ضمن إجراءات مكافحة كورونا. وتشمل التعبئة العامة إغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية والمؤسسات العامة والمؤسسات التعليمية والشركات الخاصة والمحال التجارية باستثناء مؤسسات بيع المواد الغذائية والصيدليات وصولا إلى حظر تجوال ليلي. وأوضحت الأستاذة الجامعية في علم النفس رنا حمود أن “الكثير من المواطنين نجحوا في تحدي الفايروس وحوّلوا فترة الحجر المنزلي إلى فرص سانحة لاكتساب مهن جديدة تعينهم مستقبلا في تأمين لقمة العيش”. وتابعت حمود أن تحويل الطاقة السلبية إلى إيجابية يعني نجاح المواطن المحجوز في منزله في كسر هذه الضائقة والانفتاح على فرص عمل جديدة، في ظل الضغوطات الاقتصادية الصعبة والضائقة المالية الخانقة المتزامنة مع انتشار المرض. وانشغلت المدرسة في إحدى دور الحضانة لينا أبوعلي في ابتكار العديد من سبل التكيف والاستفادة من ظروف الحجر المنزلي، قائلة إنني قمت بحث أولادي الخمسة إضافة إلى رفاقهم في الدراسة على تعلم مهارات جديدة في فنون الرسم والأشغال اليدوية. وأضافت لقد برعوا خلال أقل من شهرين في إنجاز العديد من الرسوم واللوحات المستوحاة من كورونا. ومن جهته أشار الطالب الجامعي جمال رزق إلى أنه استغل وسبعة من رفاقه فترة الحجر المنزلي لتعلم مهارات ولغات جديدة يمكن استغلالها مستقبلا وذلك من خلال متابعة دورات مهنية عبر الإنترنت. وتابع “هدفنا الحالي هو تعلم اللغة الفرنسية”.
مشاركة :