أدت أنباء إصابة أحد مرافقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والناطقة الإعلامية باسم نائبه مايك بنس، بفيروس كورونا، إلى تسلّل الخوف إلى البيت الأبيض. وفي حين قال مسؤولون إن الرئيس ونائبه حصلا على نتائج سلبية في وقت لاحق بعد فحصهما، إلا أن هاتين الحادثتين أثارتا احتمالاً مثيراً للقلق وهو: ماذا سيحدث إذا أصيب ترامب أو بنس بالفيروس، أو الأسوأ من ذلك، إذا مرض كلاهما في الوقت نفسه؟ النتيجة قد تكون: تعطيلا مؤقتا، أو حتى انها قد تصل الى أزمة دستورية كاملة مع المنافسة على الرئاسة. الا أن مسؤولين حاليين وسابقين في البيت الأبيض وخبراء يعتبرون أن الأمر الحاسم هو أن تكون هوية القائد الأعلى للقوات المسلحة واضحة في أي موقف، كما يعتقدون أن درجة التداعيات الاقتصادية والجيوسياسية ستعتمد بشكل كبير على شدة المرض، وخصوصاً على ما إذا كان ترامب نفسه قد يُصبح عاجزاً. يقول ديفيد أكسلرود، كبير مستشاري البيت الأبيض السابق للرئيس باراك أوباما: «هناك بروتوكول لكل شيء. لقد مررنا بشكل روتيني بتدريبات حول ما يجب القيام به في حال وقوع هجمات إرهابية أو نووية، لكنني بصراحة لم أتوقع أبداً وضعاً وبائياً مثل الوضع الذي يواجهه البيت الأبيض الآن». «من شبه المؤكد أن الأسواق ستنخفض بسبب أنباء التشخيص الرئاسي»، كما يقول إيان بريمر، رئيس مجموعة «أوراسيا»، وهي شركة استشارات المخاطر الجيوسياسية. لكن بريمر يتوقع «أن ترتاح الأسواق على غرار ما حصل في بريطانيا من تعافٍ لرئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي خاض معركة مع الفيروس. وعلى الرغم من أن جونسون قام بتوكيل وزير الخارجية دومينيك راب، لتولي بعض المهام عندما دخل العناية المركزة في 7 أبريل، فإنه لم ينقل السلطة رسمياً قط. وقد عاد جونسون إلى العمل واستأنف واجباته الكاملة». يقول بريمر: «إذا أُصيب ترامب وتم عزله في مكان اقامته، لكنه يبقى مسؤولاً عن الحكومة ويغرّد كالمجنون، أعتقد أنه سيكون هناك تأثير أدنى على السوق». إلا أنه حتى لو أصبح ترامب مريضاً جداً لدرجة العجز عن كتابة تغريداته القوية، فهناك عملية استخدمها الرؤساء السابقون للتخلي مؤقتاً عن السلطة، إذ إن التعديل الخامس والعشرين للدستور يسمح لترامب بتسليم السيطرة إلى نائب الرئيس، ثم استعادتها بمجرد أن يعلن أنه قادر على العودة للعمل. وقد فعل الرئيس جورج دبليو بوش ذلك مرتين، خلال فترة رئاسته، بينما كان يخضع لإجراءات طبية، ورونالد ريغان فعلها مرة واحدة، بعد أن أطلق عليه النار. ولكن إذا أُصيب ترامب بعارض فجائي أو كان لا بد من وضعه على الأنابيب لانعاشه، فإن التعديل الخامس والعشرين يسمح أيضاً لنائب الرئيس ومجلس الوزراء بتنفيذ نقل السلطة الرئاسية. وفي أسوأ السيناريوهات والمستبعدة على الأرجح، توجد «خريطة طريق» لما يمكن أن يحدث إذا رحل كل من الرئيس ونائب الرئيس. يقول إليا سومين، أستاذ القانون في جامعة جورج ماسون: «في هذه الحالة، يكون خط الخلافة واضحاً. رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ستتولى زمام الحكم». لكن خبراء دستوريين يحذرون من أن الفوضى قد تندلع إذا أصبح كل من ترامب وبنس عاجزين بسبب الفيروس، لأن القانون لا يوفر سوى القليل من الوضوح بشأن حل مثل هذا السيناريو. ويقول بريان كالت، أستاذ القانون في جامعة ولاية ميشيغان ومؤلف كتاب «غير قادر: القانون والسياسة وحدود القسم 4 من التعديل الخامس والعشرين»: «سيكون عرضا حقيقيا يمكن أن يؤدي إلى انهيار دستوري واسع النطاق. سنذهب على الفور إلى المحكمة، وسيتعين عليهم أن يقرروا بسرعة حقيقية ما يجب القيام به. لأن عدم معرفة من هو الرئيس حتى لبضع ساعات يمكن أن يكون محفوفا بالمخاطر جدا بالنسبة للبلاد». وإذا لم يتمكن ترامب وبنس من أداء واجباتهما، فلن يتمكن أي منهما من الاحتجاج على استخدام التعديل الخامس والعشرين. ويأمر الدستور الكونغرس بتشريع «خط الخلافة»، الذي تم تحديثه أخيرا ً في قانون الخلافة الرئاسية لعام 1947 - وهو القانون الذي يضع رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، في خط الرئاسة. ويقول كالت: «المشكلة هي أن الدستور لا يقدم إجراءً لتحديد عجز الرئيس عن أداء مهامه، ما يؤدي إلى احتمال نشوب نزاع سيؤدّي الى إعلان بيلوسي، وهي ديمقراطية، نفسها كرئيسة بالنيابة، حتى في الوقت الذي أعلن فيه ترامب وبنس أو محاموهما أنهما مناسبان للخدمة». ومن الصعب تصور النزاع على الخلافة. فبعد فضيحة «ووتر غيت»، التي أدّت الى استقالة سبيرو اغنيو (نائب الرئيس من 1969 حتى 1973)، وتلتها بعد سنة استقالة جيرالد فورد، كان منصب نائب الرئيس شاغراً لمدّة 8 أسابيع، مما وضع رئيس مجلس النواب الديمقراطي كارل ألبرت في طابور الانتظار للطامحين بالوصول الى البيت الابيض. وتعهد ألبرت بأنه إذا وصل إلى سدّة الرئاسة، فإنه سيعين على الفور نائباً جمهورياً للرئيس ويستقيل، بدلاً من أن يترك حزبه يبدو وكأنه يغتصب السلطة. يقول كالت، الذي حضّ الكونغرس على إعادة كتابة قانون الخلافة لوضع وزير الخارجية (في حالة ترامب: مايك بومبيو) في المرتبة الثالثة للرئاسة: «هذا ليس سيناريو يمكنك الاعتماد عليه اليوم». وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض، إن الحكومة الفيدرالية لديها دائما خطط لاستمرارية العمليات، لكنها رفضت تحديد ما ستكون عليه الخطة إذا لم يتمكن ترامب وبنس من القيام بواجباتهما، رغم أن الرجلين يخضعان لاختبار الفيروس يومياً.
مشاركة :