أصبح موسم الدراما الرمضاني ساحة تنافسية لا تهدأ في كل عام، حيث يسعى صناع كل مسلسل لخطف الأنظار بوضعهم بصمة اختلاف وتفرد تُميّز أحداث مسلسلهم عن باقي المسلسلات. وفي هذا يلجأ بعضهم إلى رفع مستوى إثارة الأحداث، والبعض يلجأ إلى دراما الواقع التي تمس كل البيوت، والبعض الآخر يلجأ لكوميديا الموقف التي تنتزع الضحكات من المشاهدين، وغيرهم يستخدم كوميديا الإفيه التي أصبحت مادة غنية للتداول على مواقع السوشال ميديا. وفي هذا العام، يضع تامر حبيب بصمة اختلاف جديدة من خلال أحداث مسلسله لعبة النسيان؛ فيختار تسليط الضوء على حالات واضطرابات نفسية بتفاصيلها الدقيقة، ويتناولها بطريقة مختلفة تمامًا عن السائد في مجتمعاتنا العربية. مع تطور أحداث لعبة النسيان، يكشف لنا تامر حبيب عن اضطرابات نفسية عديدة يمر بها أبطاله، ويتطرق بالتفصيل لاضطرابات الطعام والشهية في سابقة من نوعها بالدراما المصرية. فنعيش مع مازن/ حسن مالك نوع من اضطراب الأكل العاطفي أو emotional Eating، حيث أنه يواجه مرض السكري ورغم ذلك يرفض الامتناع عن أكل الحلويات، بل هو يعشقها ويتناولها بنهم وشراهة، ويُصعّب مقاومته للأمر أن والده عمرو وهدان/ أحمد داود شيف ماهر ويملك مطعمًا يفيض بهذه الأطعمة التي يشتهيها ابنه. كما نشهد أيضًا تمارا/ هنا داود ابنة أمجد الشيال، والتي تمارس الباليه وتتمتع بجسد مرن رشيق، ورغم هذا فإنها تعاني عدة ضغوط نفسية وعصبية تؤدي بها إلى مرض الأنروكسيا أو اضطراب فقدان الشهية العصبي، فنجدها تمتنع عن تناول الطعام، وتُفضل الإلقاء به للقطة دون أن يلاحظها أهلها، ولا يتغير موقفها مع ضعفها البدني واغماءاتها. هذا بالإضافة إلى بطلتنا رقية/ دينا الشربيني التي تستغرق في غيبوبة لمدة 4 شهور، وحين تستفيق تكتشف أنها فقدت ذاكرتها لآخر 6 سنين من حياتها، وهذا يضعها في اضطراب نفسي دائم وتشويش ذهني لا يحتمل. والجميل في الأمر، أن تامر حبيب لم يتوقف عند الكشف عن هذه الاضطرابات النفسية فقط، بل يتناول في أحداث مسلسله طريقة تعامل أبطاله معها بشكل صحي سليم وملفت للانتباه، فنرى مازن وتمارا يلجآن إلى مركز تأهيل نفسي وينضما إلى مجموعات العلاج النفسي أو Group Therapyدون أي حرج أو خجل من الأمر، ودون حساب لنظرة المجتمع لهما، بل يشغلهما فقط التعافي من اضطراباتهما النفسية التي تؤرق حياتهما. وكذلك نشهد رقية تلجأ دومًا لطبيبتها النفسية بهيرة/ إنجي المقدم في أدق التفاصيل، دون أي حرج منهافي استعانتها بطبيب نفسي في أمور قد تبدو بديهية. وكأن تامرحبيب ينقل رسالة من خلال أبطال وأحداث مسلسله بأنه لا وصمة في العلاج النفسي، وأن اتهامات المجتمع بالجنون باطلة ولا تُشكّل أي قيمة أمام صحتنا النفسية. والأجمل من هذا، أن متابعي المسلسل تلقوا هذه الرسالة وتفاعلوا معها بإيجابية وقدّروها، كما اهتموا لأبطال المسلسل وتعايشوا معهم في رحلة مواجهتم لاضطرابتهم النفسية خلال الأحداث. ولا زالوا يتابعون المسلسل بشغف، بعدما أثارت الأحداث فضولهم، وينتظرون أن يكشف لهم تامر الستار عن غموض الأحداث ويجيب أسئلتهم التي أثارها طيلة 20 حلقة. مسلسل لعبة النسیان من تألیف تامر حبیب وإخراج أحمد شفیق، ومن بطولة دینا الشربیني، أحمد داود، أحمد صفوت، علي قاسم، أسماء أبوالیزید، إنجي المقدم، رجاء الجداوي ومحمود قابیل. ویُعرض حالیًا على شبكة قنواتmbcومنصة شاهد الرقمیة.
مشاركة :