إن ظهور فيروس كرورنا (كوفيد 19) ووصوله إلى مستوى الجائحة أدى إلى قدر كبير من عدم اليقين في الأسواق العالمية. ولا شك أن اضطرابات السوق تمثل تحديًا أكبر لمهنة التقييم، حيث على المقيمين القيام بتقييم الأصول في ظل محدوية الأدلة المقارنة أو عدم توافرها، بالإضافة إلى ما تواجهه الأسواق كافة من مستقبل غامض. أحد التحديات الأساسية للمقيم عند التعامل مع عدم اليقين هو محاولته تقدير أكثر النتائج المحتملة بناءً على الافتراضات المطروحة في عملية التقييم، فتقييمات السوق هي تقديرات للسعر الأكثر احتمالاً الذي يمكن دفعه مقابل صفقة في تاريخ التقييم. ولا شك أن عنصر عدم اليقين متأصل في معظم تقييمات السوق، حيث نادرًا ما يكون هناك سعر واحد يمكن مقارنة التقييم به. ومن أمثلة ذلك: انخفاض أسعار الأصل الملموسة في السوق بعد تاريخ الاستحواذ أو التقييم، وتدهور الدخل المستقبلي للورقة المالية، وخسارة السيولة مقارنة بالأصل الأخرى، وارتفاع تكاليف صيانة أو تطوير أصل أكثر مما هو متوقع حاليًا، وزيادة معدل التقادم المادي أو الفني للأصل أكثر مما هو متوقع حاليًا. ويأخذ المشتري أو البائع المطلع هذه المخاطر في الاعتبار عند التفكير في دراسة عرض لأصل ما. ويمكن التفكير في المخاطر على أنها مقياس لعدم اليقين في المستقبل، والذي قد يؤدي إلى زيادة أو نقصان في سعر أو قيمة الأصل. إلا أن عدم اليقين في التقييم يتعلق فقط بالشكوك التي تنشأ كجزء من عملية تقدير القيمة في تاريخ محدد. ويمكن أن يرجع عدم اليقين في التقييم لعوامل مختلفة، ويمكن تقسيمها بشكل عام إلى عدة فئات، أهمها اضطراب السوق، توافر المدخلات، واختيار الطريقة أو النموذج. ولا تتعارض أسباب عدم اليقين في التقييم مع بعضها بعضًا، فمثلاً قد يؤثر اضطراب السوق على توافر البيانات ذات صلة، والتي بدور ها تزيد من عدم اليقين في اختيار الطريقة أو النموذج الأنسب. ولذلك من المحتمل أن يكون هناك ترابط بين أسباب عدم اليقين، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار في أثناء عملية التقييم. قد يدفع الاقتصاد الكلي الأحداث التي تسبب اضطراب السوق، مثل الأزمة المالية لعام 2009 أو الاضطرابات الأخيرة في السوق المملكة المتحدة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو الاقتصاد الجزئي، مثل أي تغير غير متوقع في الأنظمة أو كارثة طبيعية تعطل قطاعًا من السوق، أو تتسبّب في تعطيل سلسلة توريد لصناعة معيّنة. وفيما يتعلق بفيروس كورونا الجديد، يمكن اعتبار اضطراب السوق بأنه اقتصاد جزئي، ولكن في المستقبل يمكن أن يؤثر على الاقتصاد الكلي. ويمكن أن ينشأ عدم اليقين في التقييم عندما تحدث اضطرابات في السوق في تاريخ التقييم بسبب الأحداث الجارية أو الحديثة، على سبيل المثال هلع الشراء أو البيع أو فقدان السيولة بسبب نفور المشاركين في السوق من التداول. وإذا كان تاريخ التقييم يتزامن مع أزمات اقتصادية أو سياسية، أو كان بعد مثل تلك الأحداث مباشرة، فإن عدم اليقين ينشأ في التقييم لأن المدخلات والقياسات المتوافرة مرتبطة بالسوق قبل وقوع الحدث، وعليه تكون المعلومات المتاحة ذات صلة محدودة بظروف تاريخ التقييم. * مدير شركة الفرصة العقارية
مشاركة :