مبادرة إنسانية، تنبئ بالدور الذي بات يشغله المبدعون في أوقات الأزمات خصوصاً، أطلقها مصمم الأزياء اللبناني نجا سعادة، ليحوّل بها مشغله الخاص إلى ورشة عمل مفتوحة لتنفيذ ملابس خاصة لمرضى فيروس كورونا المستجد، لتنتقل التصاميم من أقمشة الحرير والدانتيل والألوان الزاهية إلى الخامات القطنية البسيطة ذات اللون الأبيض. تأتي خطوة سعادة دعماً للجهود العامة والخاصة لمكافحة الوباء، وتفعيلاً لواجباته الإنسانية، ووعياً منه بضرورة رفد الكوادر الطبية المختصة سواء في المستشفيات أو المراكز الصحية في لبنان، بما تستحقه من معدات ومستلزمات طبية خاصة لمساعدتها على تجاوز الأزمة العالمية التي كشفت عن حاجتها المتزايدة إلى عدد من الأدوات الصحية الضرورية مثل الكمامات والقفزات والعوازل الطبية الخاصة بالأطقم العاملة في الميدان على مدار اليوم. خبرة سابقة أكد نجا سعادة لـ«الإمارات اليوم» تواصله المستمر مع المستشفيات والمراكز الصحية في بلده، وذلك، بحكم خبرته السابقة في الميدان وعمله في مجال التصوير والطب الشعاعي، ما سهل عليه مهمة تخطيط وتنفيذ المبادرة في مشغله الخاص، مضيفاً: «أعلم جيداً قيمة وأهمية توفير كميات كافية من الملابس الطبية الخاصة بمرضى الفيروس في هذه الفترة العصيبة التي تتزايد فيها الأعداد كل يوم، لذا، تواصلت مع الجهات المعنية للحصول على تصريح بفتح المشغل مع عدد من الخياطين، وذلك، بعد الالتزام طبعاً بالإجراءات الوقائية الضرورية وأهمها ارتداء الكمامات والقفازات، والحرص على المسافات المتباعدة». وتابع «لقد عمدت إلى الاتصال بالموزعين والموردين الأساسيين للقماش الخاص بالزي الطبي المكون من 50% من القطن و50% من مادة البوليستر المتماشي مع المواصفات العالمية، بعد أن كشف تحمله لدرجات حرارة آلات التعقيم التي تتجاوز 70 درجة مئوية، إلى جانب مقاومته للاشتعال ولونه الأبيض الناصع وتصميمه المعتمد على الأشرطة التي تربط بشكل سلس على الخصر والرقبة». أزياء طبية المبادرة التي بدأت بتقديم الدعم لمستشفى واحد، توسعت لتغطي احتياجات ثلاثة مستشفيات ومركزين طبيين، وذلك، بعد أن استطاع صاحبها واعتماداً على مشغله الخاص، استكمال تصنيع 80 زياً يومياً، ليصل العدد الإجمالي للأزياء الطبية لمصابي «كورونا» في غضون أيام قليلة، إلى أكثر من 500 زي جاهز، نفذها المصمم نفسه وثلاثة خياطين محترفين، على أن تستمر عملية تصنيعها في الفترة المقبلة، مع استمرار الطلب عليها ورغبة الأشخاص الذين أظهروا اهتمامهم بالمبادرة، في دعمها مادياً والتبرع بما يمكن أن يسهم في استمرار عملها في الفترة المقبلة لتجاوز هذه الأزمة الصعبة، والتقليل من الخسائر البشرية المحتملة. حضور ضروري شدّد نجا سعادة على أهمية حضور المصمم العربي وانصهاره في واقعه في هذه الظروف العصيبة والأزمة الإنسانية، مؤكداً ضرورة «التزام الجميع بتقديم كل أشكال الدعم والمساندة لتخطي المحنة الراهنة، كل في مجاله واختصاصه، ابتداء من مشاهير (السوشيال ميديا) إلى الفنانين وصولاً إلى روّاد عالم الموضة، هذا المجال الذي نزل اليوم من منصات عروض الأزياء والهوت كوتور، لينصت إلى احتياجات الناس في الشارع، ويكون شريكاً أساسياً للقضايا الإنسانية الكبرى». وأكمل «يجب ألا ننسى أننا جزء من هذا العالم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نستثني أنفسنا كمبدعين من المسؤولية تجاه مجتمعاتنا.. صحيح أن مصممي الأزياء، بحكم انخراطهم في عوالم الموضة والأزياء الفاخرة حول العالم، يتعاطون دائماً مع الخامات الاستثنائية والباهظة مثل الحرير والدانتيل، إلا أن هذا الأمر لا يمنعهم من تجربة التصدي لتقديم أنواع متعددة من الملابس الخاصة المصنوعة من خامات القطن أو البوبلين البسيطة، إذ لا يمكنني أن أتنكر لأصلي وإنسانيتي وواجبي الوطني من خلال اختصاصي وما أتقنه من صناعة لتقديم الدعم لمن هم في حاجة له للدفاع عنا ضد هذه الجائحة التي امتدت لتشمل العالم بأسره». لا للاستعراض أكد نجا سعادة صعوبة هذه المرحلة التي لا ينفع فيها «الاستعراض» على حد تعبيره، بقدر ما تتطلب تكاتف الجهود والتوعية بأهمية تقديم الرسائل الإيجابية للجمهور والحث على الالتزام بالتوصيات، خصوصاً تفاعل المشاهير والنجوم لابتكار الحلول وتقديم المساعدة التي تصبّ اليوم في مصلحة كل أفراد المجتمع. تأثر المزاج ليس بعيداً عن مهنة تصميم الأزياء، يشير نجا سعادة إلى تأثر المزاج العام اليوم بأزمة جائحة «كورونا»، ما سيهيمن لا محالة على توجهات الموضة وعوالم الأزياء الحديثة حول العالم، التي ستشهد تصاميمها بعض التفاصيل في الفترة المقبلة بعد انفراج الأزمة «فليس سهلاً أن يتعايش المرء مع الخوف في كل تفاصيل حياته اليومية، كما ليس سهلاً الانتظار والترقب والقلق الذي سيبرز مستقبلاً في تفاصيل الألوان وشكل القصات وحتى شكل الإكسسوارات، وصولاً إلى الإمكانات التي ستتوافر لروّاد الموضة والأزياء لتقديم تصاميمهم بعد الأزمة التي يعيشها العالم اليوم». نجا سعادة: «الموضة تنزل اليوم من منصات عروض الأزياء والهوت كوتور، لتنصت إلى احتياجات الناس». «نحن جزء من هذا العالم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نستثني أنفسنا كمبدعين من المسؤولية». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :