دائما ما ترتبط الأعياد والمناسبات التى يحتفل بها المصريون بعادات تعبر عن الموروث الثقافى المصرى، والذى يحرص المصريون على تناقله من جيل إلى جيل، حتى أنك تجد نفسك أمام عادة مرتبطة بكل مناسبة يحتفل بها المصريون منذ قديم العصور، فكما ترسخت لدى المصريون عادة تناول الأسماك المملحة فى شم النسيم، والكنافة والقطائف والتمور فى شهر رمضان، ارتبطت احتفالات المصريين بعيد الفطر بصناعة الكعك وتناوله فى أول أيام العيد الذى تفصلنا عنه أيام قليلة، كإحدى عادات الموروث الثقافى التى يحرص المصريون على الحفاظ عليها، والتى تمتد إلى عصور الدولة الطولونية والإخشيدية بعد دخول الإسلام مصر على يد عمرو بن العاص، وتضرب بجذورها إلى ما قبل الإسلام فى عصر الدولة الفرعونية. بداية معرفة المصريين بصنعة الكعك فى عهد الفراعنة تقول المراجع التاريخية إن تاريخ صناعة الكعك يعود إلى عصر الحضارة الفرعونية القديمة، حيث برع المصريون القدماء فى صناعته بمكونات أقرب للمكونات التى يتم استخدامها فى العصر الحالى فى صناعته، حيث كان قدماء المصريين يستخدمون السمن وعسل النحل والدقيق فى صناعته، كما كانوا أحيانا يحشونه بالتمر أو التين ويزينونه بالفواكه المجففة مثل الزبيب، وهو ما أكدته الصور التى عثر عليها على جدران بمقابر منف وطيبة والتى توضح كيفية صناعة الكعك فى عصر الفراعنة. وتمكن الخبازون فى عصر الدولة الفرعونية من صناعة الكعك بما لا يقل عن 100 شكل، وكانوا يرسمون صورة للشمس على الكعك والتى كانت تمثل الإله "رع" عند القدماء المصريين، كما كانوا يشكلون على أشكال حيوانات ونباتات، وقد اعتادت زوجات الملوك على تقديمه للكهنة حراس هرم خوفو فى يوم تعامد الشمس على غرفة الملك خوفو بالهرم. اقرأ أيضا: بسام الشماع: المصرى القديم أول من صنع الكعك في العالم بداية ارتباط الكعك بعيد الفطر بعد دخول الإسلام مصر ظل المصريون يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم التى لم تتغير على مر العصور، حتى أن دخول الإسلام مصر على يد عمرو بن العاص لم يؤثر عليها، والتى كان من بينها صناعة الكعك وتناوله، إلا أنه فى هذه المرة ارتبط بالاحتفال بعيد الفطر، العيد الإسلامى الذى يحتفل فيه المسلمون بإفطارهم بعد شهر رمضان، وكان هذا لأول مرة فى عهد الدولة الطولونية ومن بعدها الدولة الإخشيدية حتى ازدهرت صناعته فى عهد الدولة الفاطمية، التى كان حكامها يحرصون على المبالغة فى مظاهر الاحتفال بالمناسبات الدينية والتى كان من بينها عيد الفطر الذى حرصوا فيه على ازدهار صناعة الكعك فى مصر وتوزيعه على عامة الشعب. بداية الاهتمام بصناعة الكعك وارتباطه بعيد الفطر فى عصر الدولة الطولونية اهتم الطولونيون بصناعة الكعك فى عيد الفطر كثيرا، حتى أنه أصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر فى عهدهم، وكان الطولونيون يصنعونه فى قوالب خاصة ويكتبون عليها عبارات "كل واشكر". تطور صناع الكعك فى الدولة الإخشيدية شهدت صناعة الكعك تطورا ملحوظا فى عهد الدولة الإخشيدية، حتى وصل الأمر إلى أن وزير الدولة الإخشيدية أبو بكر محمد بن علي المادراني أمر بصناعة كعك في أحد أعياد الفطر وحشاه بالدنانير الذهبية وأطلق عليه فى هذا الوقت "أفطن إليه" فى إشارة إلى المفاجئة التى تنتظر من يتناول الكعك من حشوة بالدنانير الذهبية، وكانت هذه الكعكة تقدم فى دار الفقراء وفقا للمراجع التاريخية. ازدهار صناع الكعك فى عهد الدولة الفاطمية دأب الفاطميون على المبالغة دائما فى الاحتفال بالمنسبات الدينية، وقد كان لعيد الفطر وارتباطه بصناعة الكعك نصيب من هذه المبالغات، وازدهرت صناعة الكعك إلى حد كبير فى عهدهم، حتى أن الخليفة الفاطمى كان يحرص على توزيعه بنفسه، وكانت الكعكة الواحدة تساوى فى حجمها حجم رغيف خبز، كما أن الخليفة الفاطمى كان يخصص مبالغ تقدر بـ 20 ألف دينار لصناعته لتملأ به مخازن الخليفة ليوزعها على المسلمين فى يوم عيد الفطر. تطور الكعك فى عهد المماليك والدولة العثمانية حرص المماليك على المحافظة على تقليد صناعة الكعك وتوزيعه على الفقراء فى عيد الفطر، كما اهتم العثمانيون بصناعة الكعك فى عيد الفطر وحرصوا على توزيعه فى التكيات العامة، وظل المصريون يتوارثون عادة صناعة الكعك وتناولة من جيل إلى جيل حتى يومنا هذا، كموروث ثقافى حافظ عليه المصريون يمثل بهجة الاحتفال بعيد الفطر وتتبارى الأسر فى صناعته داخل المنازل وتتفاخر ببراعتها فى إتقانه.
مشاركة :