قال الأنبا بطرس فهيم مطران إيبارشية المنيا اوجه اليوم كلمه رثاء بمرور مائة سنة على ميلاد قديس الإنسانية البابا يوحنا بولس الثاني، والذي احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بالأمس الاثنين 18 مايو بمرور مائة عام على ميلاد كارول فوتيلا، البولندي الجنسية، المولود في 18 مايو سنة 1920، الذي سيصير يوم 16 أكتوبر 1978 البابا يوحنا بولس الثاني، البابا رقم 264 في سلسلة باباوات الكنيسة الكاثوليكية، بعد أن صار كاهنا في عام 1946 وأسقفا سنة 1958 وكردينالا سنة 1967.وكانت مدة باباويته من أطول البابويات في الكنيسة الكاثوليكية حتى استمر على كرسي القديس بطرس لمدة 26 عاما. وكانت مدة حبريته من أقوى فترات الكنيسة من حيث النشاط الرسولي فقد سافر قداسته إلى 129 دولة، في زيارات رسولية، من أجل افتقاد الكنائس وتشجيع الفقراء والضعفاء ومن اجل المطالبة بحقوق وكرامة الإنسان. كما كانت مدة خدمته للكنيسة من أخصب فترات الكنيسة من حيث الإنتاج الفكري والتعليم اللاهوتي، فيعد واحدا من أكثر الباباوات اهتماما بالتعليم.وقال فهيم هو من أكثر الباباوات الذين اهتموا بالعلاقات مع الكنائس الأخرى. وهو أكثر من فتح حوارا مع الديانات الأخرى، وكان أول الباباوات الذين يدعون قيادات دينية مختلفة على مستوى العالم للصلاة معا من أجل السلام وكرامة وحقوق الإنسان، وهو أكثر من زار دولا عربية ويعد أول من دخل مسجدا من الباباوات، وكذلك أول من دخل كنيس يهودي، وقد زار القدس وحائط المبكى، وهو أول بابا كاثوليكي يزور مصر، بكل هذا الانفتاح كان الأكثر تطبيقا لتعاليم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. وأضاف هو أكثر الباباوات اهتماما بالأمور الراعوية حيث في عصره تأسست أنشطة وخدمات كثيرة تهتم بكل فئات الشعب المسيحي سواء من ناحية السن أو من ناحية الخدمات النوعية. فهو الذي أسس الأيام العالمية للشباب. وهو من أكثر المدافعين عن كرامة وحقوق الإنسان وخصوصا كان من اقوى المناصرين لحقوق المرأة ودورها في الكنيسة والمجتمع، وقد أعطى اهتماما خاصا ودافع عن حقوق الأسرة والطفل، ويعد أكبر المدافعين عن الحياة الإنسانية الكريمة من لحظة الحمل وحتى الوفاة الطبيعية، فندد بجرائم الإجهاض والقتل تحت صورة ما يسمي بالموت الرحيم. وقد اعتبره العالم واحدا من أقوى عشرين شخصية في القرن العشرين. وقال كان يمتاز بمحبة فائقة الوصف، فمن يمكنه أن ينسى زيارته لمحمد على أغا، التركي، الذي أطلق عليه النار في ميدان القديس بطرس، وكاد يودي بحياته بعد أن اخترقت الرصاصة أحشائه، وكان ذلك في 13 مايو 1981، ونقل حالا إلى مستشفى جيميلي بروما. وكانت أول زيارة للبابا بعد أن خرج من المستشفى، وحتى قبل أن يذهب لمقره في الفاتيكان، كانت زيارة المعتدي محمد على أغا في محبسه في روما، وأعلن البابا انه يغفر له ويسامحه على جريمته في حقه هو شخصيا. ولكن للمجتمع الإيطالي أن يأخذ الإجراءات القانونية التي تخص حقوق المجتمع الإيطالي فليس للبابا حق ولا صلاحية للمسامحة فيها. وإن نسينا هل ننسى موقفه الشجاع المتواضع أثناء احتفاله بسنة اليوبيل عام 2000 وكيف عبر عن اسف واعتذار الكنيسة عن كل أخطائها وخطاياها التي ارتكبتها، بعلم أو بجهل، في حق البشرية على مدى الفي سنة من التاريخ.وأكد فهيم "كان البابا القديس بطلا في حبه لله وللكنيسة وللناس، وظل يحمل الرسالة بكل شجاعة وتواضع وألم حتى النفس الأخير، وحتى في السنوات الأخيرة حين اشتد عليه المرض، عرف بشجاعة الأب والقائد والمعلم أن يوحد آلامه بآلام معلمه يسوع، ويقدم هذه الآلام من اجل قداسة الكنيسة والعالم، وعاش أيامه الأخيرة، كما كانت أيام خدمته كلها، محاطا بأحبائه من الشباب ومن المؤمنين، وبصلوات جماهير غفيرة من البشر على سعة العالم، إلى أن أسلم روحه الطاهرة بين يدي الآب، وعاد إلى بيت الآب مكللا بالحب وبالمجد. فصاح الناس من تحت شباك مقره في الفاتيكان، فلتعلنه الكنيسة "قديسا حالا"، "santo subito". وقد أعلنه البابا بنديكتوس السادس عشر طوباويا في 1 مايو 2011. بعد أن كان الفاتيكان اخرج جثمانه الذي ظل سليما يوم 29 أبريل 2011، قبل يومين من إعلان تطويبه، ووضعوه في تابوت زجاجي ليراه المؤمنون على أحد مذابح كنيسة القديس بطرس بالفاتيكان. وأعلنه البابا فرنسيس قديسا في احتفال مهيب يوم 27 أبريل 2014، مع إعلان قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين. واختتم قائلا إن البابا القديس يوحنا بولس الثاني هو مدرسة في المحبة الإنسانية والمسيحية، مهما قلنا وكتبنا لا يمكن أن نفيه حقه، ولكن الرب قد كرمه ومنحه إكليل المجد مع القديسين، نظير كل ما قدم للكنيسة وللبشرية، من محبة وتعليم وصلاة وخير، نصلي أن يمنحنا الرب بصلاته أن نعيش بالأمانة والبر التي تحلي بها هذا الرجل القديس، وأن نقتدي بسيرته وفضائله.
مشاركة :