الحياة قصص. البعض يجسد أحداثها روايات. من القصص تجاهل البحث العلمي والتقصي والتحري. أشهر القصص تحويل حياتنا إلى كبسولات مغلّفة بلون إسلامي وكفى. تركنا ما تحويه دون اكتراث. تلك قصة العرب والمسلمين. نتجاهل حقائق الحاضر بالهروب إلى قشور الماضي. تراكم قصصه ومشاهده جعلت من حياتنا رواية خاصة لأنفسنا. جعلتنا نعيش مراحل التخلّف والتناقض والازدواجية. نتائجها تغذي استمرار الضرر. ما الأسباب ولماذا؟! جاء الإسلام بأمر (اقرأ). هذا يؤكد أن قصص الحياة ومشاهدها قراءة. المقارنة قراءة لتحديد الأفضل. حتى التأمل قراءة للتحديث. غيابها عجز وتقصير. المقارنة مهد التطور وغيابها لحد القبور. المقارنة تشريح لتحديد عناصر المشاهد والأحداث. كل شيء بقراءة ومعان لا تغيب. غياب المقارنة تغييب لوظيفة العقل وقراءته الرشيدة. هل تقرأ الأنعام؟! تعيش اللحظة دون تطلعات ومقارنات. جاء من المسلمين من جعلهم يعيشون اللحظة. جاء من عطّل قراءتهم. مقارنة أنفسهم بأنفسهم طريق تخلفهم. كل يرى نفسه الأفضل. فجاء التناقض والتنافر والتضارب. أصبح المسلمون قصصا متضاربة في نهجها ومنهجها وألوانها. قصص تشكلت وفق مقاسات. حصار على الفهم والإدراك. حاضرنا روايات لطقوس مقاسات لا نعيشها. تفكيرنا في الماضي أعظم من تفكيرنا لكسب المستقبل. ماذا تحمل روايات الماضي؟! كيف نتعامل معها؟! جعلناها حائطا لبكائنا وعويلنا. تعطل الماضي بدوره الإيجابي. قصص الحاضر ترسم المشهد القادم لأجيالنا. ندور في فلك روايات الماضي ومجال مشاهد أحداثه وقصصه. تأتي الثمار وفقا لدوران الأجيال في فراغ كرته. لا نهايات. الاجترار ثم الاجترار. الأصالة والثوابت لا تعني التثبيط والجمود. الانغلاق ضد طبيعة الأشياء ومنطقها. الانغلاق يحول القيم إلى (برواز). الانغلاق أداة التخلّف. الانغلاق بفكرك ينهيه. الانغلاق برسالتك يعطلها. الانغلاق بثقافتك يجعلك وحيدا. الانغلاق على نفسك يجعلك وحشا. وحتى شعار: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، كان انغلاقا فتح أبواب الشر والهزائم والذل والعار. في الحياة دروس تطال كل شيء. إذا تعطل دور الإنسان الحضاري، تعطلت أدوار الأشياء الإيجابية حوله. لكل أمة رواية بأكثر من قراءة. من لا يقرأ لا يعرف كنه الرواية. إذا توقفت أي أمّة عن القراءة تعطل دورها وتأثيرها. الانغلاق يعمّق الفجوات، ولكم الابحار في النتائج السلبية. الانغلاق يجعلك تجفل من أي شيء، ولكم حق الابحار في النتائج السلبية. كل انغلاق قصة ظلام. الانغلاق مرض مصدره الخوف. الخوف مصدره سوء التقدير. الانغلاق عمى بصر وبصيرة. ما ثمرة الانغلاق؟! لكل شيء ثمرة. الإخلاص ثمرة الإتقان. كنتيجة أجد أننا كعرب ومسلمين أكثر إخلاصا لحياة الانغلاق. التخلّف ثمرة الانغلاق بكل أبعاده الفكرية والنفسية. التخلّف يحجب الرؤية ويعطل إبرة الميزان. لنا شركاء في الحياة غيبناهم. هناك معايير علميّة للتخلّف. هناك أيضا معايير علميّة للتحضر. يتعاظم التخلّف بتعاظم تجاهل الآخر والأشياء. تجاهل عطاءهم ودورهم وأهميتهم. الانغلاق لا يحفّز الفهم. الانغلاق زناد الصدمة السلبية وزادها. هذا ما يدور في فلك قصة حياتنا الحاضرة. للاختصار.. أدعوكم للتفكر والتدبر فيما يجري معنا وحولنا. لنأخذ مثالا على نتائج الانغلاق الذي نعيش. (التكفير) و(التهميش) سلاح الانغلاق. انغلاقك يجعلك أمام نفسك على صواب وغيرك على باطل. كل الأطراف المنغلقة تحمل نفس الحكم؛ لأنها تعيش نفس الحالة. للانغلاق مظاهر ومعايير. أهمها (الإقصاء). المجتمع نسيج مختلف الألوان، بالإقصاء يتحوّل إلى نسيج بلون واحد مفروض كشعار ومنهج للحياة. الإقصاء حالة لا تمثل متطلبات الحياة المثالية لتعمير الأرض وبناء حضارة. في عالم الإقصاء تصبح القوانين والأنظمة معطّلة بشعارات جوفاء. القيم تصبح خاوية. وظيفة الفرد في الحياة تتعطل. الإقصاء آفة حضارة الفرد والأمم. الإقصاء ليس تخلُّفا فقط لكنه معول الهدم والتهدم والاندثار. استباحة الدماء أقصى درجات الإقصاء قسوة، حيث لا قيمة للحياة. الإقصاء آفة خطيرة في كل مجال يعتليه. الإقصاء تركيز نشاط على آخر، وهيمنة أفراد على أفراد. الإقصاء تركيز الاجتهاد على حساب العلم، وتركيز الظلم على حساب العدل. الإقصاء فرض الرأي الواحد على الآراء الأخرى. الإقصاء أشبه بتشجيع الظلام على النور. الإقصاء أن يصبح هناك علماء دنيا وعلماء دين. الإقصاء أن يتسيد فريق على آخر. الإقصاء أن تسود القشور على حساب الأصول. الإقصاء أن ترى الغيرة ورفع صوت والأعمال والاهتمام لصالح القشور. إذا ساد الإقصاء وأصبح ثقافة للشعوب فقل عليهم وعلى دنياهم سلام. أكاديمي - جامعة الملك فيصل
مشاركة :