توقع باحثون ومحللون استمرار حالة التقلب وعدم الاستقرار فى سوق النفط الدولي خلال الأسبوع الجارى، نتيجة امتداد تأثير أزمة الديون اليونانية، حيث ستجرى اليونان استفتاء عاما فى البلاد حول شروط المؤسسات الدولية لاستمرار دعم الاقتصاد اليونانى بفرض مزيد من الإجراءات التقشفية التى أرهقت الاقتصاد اليونانى على مدى السنوات الأخيرة، كما رجحوا ارتفاعا في الأسعار خلال الفترة المقبلة بفعل التهديدات الإرهابية على منشآت النفط في بعض مناطق الشرق الأوسط. وقال المحللون، إن عجز اليونان عن تسديد دفعة جديدة من ديونها تستحق هذا الأسبوع وتواصل ضغوط الاتحاد الأوروبى والمؤسسات الدولية عليها، أعاد إلى الواجهة احتمال انسحاب اليونان من منطقة اليورو وسيكون لكل هذه التطورات انعكاساتها على الاقتصاد العالمى وعلى سوق النفط بصفة خاصة. وأشار المحللون إلى أن الأسبوع الجارى سيشهد أيضا استمرار المفاوضات فى فيينا حول الاتفاق النهائى الإيرانى الغربى بشأن البرنامج النووى الإيرانى وسط أجواء غير متفائلة بسهولة التوصل إلى اتفاق، وهو ما سيؤخر رفع العقوبات الاقتصادية على إيران ومن ثم استئناف الصادرات النفطية الإيرانية بمستويات مرتفعة. من جهته، قال لـ"الاقتصادية" ماركوس كروج؛ كبير محللى "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن المخاوف من الأرهاب، قد تدفع إلى نمو الأسعار فى الفترة القادمة نتيجة الاعتداءات المتكررة على مصافى البترول الرئيسة ومثال على ذلك مصفاة بيجي فى العراق ومصفاة عدن، يمثل خطورة على استقرار السوق ويزيد المخاوف على الإمدادات من منطقة الشرق الأوسط، خاصة فى ضوء تصاعد أنشطة الإرهاب. فيما أبلغ "الاقتصادية" الدكتور برنارد ماير؛ رئيس قسم الجيولوجيا في كلية العلوم جامعة كاليجارى فى كندا، أن وتيرة تقلص الحفارات النفطية شهدت تباطؤا فى الأسابيع الماضية، فيما ظل إنتاج النفط الصخرى مرتفعا وهو ما جعل حالة وفرة المعروض على حساب الطلب مستمرة، مشيرا إلى أن الفجوة ستضيق تدريجيا مع النمو المتوقع فى الطلب العالمى. وأشار إلى أن المخزونات النفطية شهدت هبوطا حادا وهو عنصر فاعل لنمو الأسعار ومؤشرا قويا على تعافي مستويات الطلب، مشيرا إلى تأثير أزمة اليونان الكبير على الاتحاد الأوروبى والاقتصاد العالمى، مستدركا "ولكن الطلب على النفط يتركز حاليا وفى المستقبل فى الدول النامية خاصة فى وسط أسيا". وأضاف، أن المصادر الجديدة للطاقة عنصر مهم ومطلوب فى السوق، بشرط أن يتم الإنتاج بشكل منضبط وبمراعاة المعايير البيئية وبتكلفة اقتصادية مناسبة وبما يحقق استقرار السوق والتوازن بين العرض والطلب. بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" المحلل كارلو جيوردانو من مؤسسة "أديسون" الإيطالية، أن الاستثمارات فى القطاع النفطى تواجه صعوبات متجددة رغم التحسن النسبى للأسعار، إلا أن عدم الاستقرار والصراعات السياسية والمخاوف من الإرهاب يحول دون العودة إلى مرحلة رواج ونمو الاستثمارات. واستدل على ذلك، بحدوث انكماش واسع فى صناعة النفط فى النرويج بسبب تدني الأسعار رغم بعد المنطقة عن بؤر التوتر والصراعات، مبيناً أن هذا الانكماش قاد البلاد إلى تسجيل أعلى معدل للبطالة فى تسع سنوات وهو أكثر من 4 في المائة. وبين، أن السوق تواجه تحديات كبيرة خاصة انعكاسات أعمال الإرهاب والعوامل الجيوسياسية، إلا أنه سيتعافى تدريجيا فى ضوء آفاق مستقبلية جيدة عن ارتفاع مستويات الطلب وانسحاب أصحاب المعروض النفطى ذي التكلفة الإنتاجية المرتفعة. وفي سياق مواز، ذكر تقرير لمؤسسة "جلف إنتليجنس" البحثية المعنية بالبترول والغاز فى دول الخليج، أن المرأة لا تمثل أكثر من 7.8 في المائة من قوة العمل فى قطاع النفط والغاز، وهو ما يمثل خللا فى منظومة العمل وإهدارا للطاقات البشرية التى تمثلها المرأة. وأوضح التقرير الذى حمل عنوان "كيف نطور دور المرأة فى صناعة النفط والغاز على مستوى العالم"، أن هناك حاجة إلى وضع سياسات وآليات جديدة للإسراع فى زيادة مشاركة المرأة فى العمل فى صناعة النفط والغاز، مشيرا إلى أن زيادة مشاركة المرأة فى قطاع الطاقة التقليدية يعد من أبرز التحديات التى تواجه هذا القطاع فى القرن الـ 21 لوجود فجوة كبيرة بين تمثيل المرأة وتمثيل الرجل فى هذا المجال. وطالب التقرير بمنح فرص عمل طويلة المدى للمرأة فى مجال النفط والغاز وتقديم الدعم الكامل للنساء اللاتي يتمتعن بمستويات مهنية عالية وقدرات متميزة فى المعرفة بالمجال وفى القدرة على اكتساب المهارات والخبرات. وشدد التقرير على ضرورة تغيير ثقافة الإدارة فى الشركات لتكون أكثر دعما لتوظيف النساء وإتاحة الفرصة أمامهم، لبلوغ مواقع إدارية جيدة وإلقاء الضوء على إنجازاتهم لتعزيز مشاركتهم فى هذا المجال. وأشار إلى أهمية تنظيم دورات تدريبية لمديرى الشركات لتطوير الأساليب الإدارية بما يحقق مناهضة التمييز وتحقيق المساواة، وكيفية تطبيق هذه المفاهيم عمليا فى الشركات إلى جانب العمل على إقناع العائلات لتشجيع المهندسات الشابات على العمل فى هذا المجال وتوفير بيئة آمنة لهم وفرص جيدة للإنجاز والترقي. ولفت التقرير إلى أن الدعوة لزيادة مشاركة المرأة فى قطاع النفط والغاز ليس من قبيل الحرص على التنوع وتساوي الفرص فقط، لكن لأن الصناعة تواجه تحديات كبيرة أبرزها نقص المواهب والخبرات فى مجال العلوم والهندسة البترولية نتيجة التقاعد وضعف الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة. كما ركز التقرير على دور الحكومات في تشجيع النساء ودعمهم للمشاركة فى قطاع الطاقة بشكل أكبر وأفضل، وتصحيح المفاهيم الثقافية بما يحقق المشاركة الفاعلة ودعم مساهمات المرأة إلى جانب الرجل فى صناعة النفط والغاز.
مشاركة :