أظهرت نتائج ثلاث بحوث مشتركة نشرها باحثان أكاديميان من الجامعة الأميركية في الشارقة أن استراتيجيات التعقيم حول العالم لمكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لا يجب أن تستهدف الفيروس فحسب بل الكائن المجهري المضيف له والذي هو عادة يكون على شكل أميبا وحيدة الخلية، كما أظهرت بحوثهما بأن الفيروس لديه القابلية بأن يعود على شكل موجة ثانية أكثر عنفاً مما يستدعي وضع إجراءات علاجية ووقائية سريعة. وكان كلاً من الدكتور نافيد خان والدكتور رقية صديقي من قسم الأحياء والكيمياء وعلوم البيئة في كلية الآداب والعلوم في الجامعة قد نشرا بحوثهما الثلاثة المشتركة «الحرب على خلايا الإرهاب: استراتيجيات للقضاء على فيروس كورونا المستجد بفاعلية» و «فيروس كورونا المستجد: المفهوم السائد لسماته السريرية والتشخيص ونشأته وخيارات العلاج» و»نظام التكييف المركزي وانتقال فيروس كورونا المستجد»، والتي حذرا فيها من دور نظام التكييف المركزي في عملية الانتقال، والآثار الناتجة عن موجة ثانية لانتشار الفيروس، بالإضافة إلى تقديم مقترحات حول مكافحته. وقالت الدكتور صديقي: «إن أحد أهم الأمور التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار هي ما إن كان هذا الفيروس يمكن أن يدخل في مرحلة خمول مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) على سبيل المثال، والذي يعني تسببه بعدوى والتهابات كامنة، كما يمكن أن يتجدد نشاطه ويبدأ بالانتشار من جديد.» وأضاف الدكتور خان معلقاً على أهمية هذه النقطة قائلاً: «ماذا لو أن اللذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد وتماثلوا للشفاء لا يزالون يحملون الفيروس ولكنه دخل مرحلة خمول مع إمكانية تجدده ليعود أكثر قوة؟ إن فيروس كوفيد-19سيء للغاية فهو قد استفاد من المرحلة الأولى له بالانتشار، إلا أنه قادر على التحول. نحن نعتقد من خلال أبحاثنا بأنه من الممكن جداً أن يبقى هذا الفيروس لمدة عامين كما سيعود مرة أخرى في موجة ثانية أكثر عنفاً.» وفي حديثه عن طبيعة الفيروس، قال الدكتور خان: «إذا نظرنا إلى عالم الجرثوميات، فإن الكائنات العضوية غالباً ما تهدد غيرها من الكائنات العضوية أو تتعاون معها. وتعد الشوكميبات، والتي هي من رتبة الأميبيات الوسطية، من أكثر الكائنات العضوية انتشاراً في البيئة والتي تستطيع البقاء على قيد الحياة برغم الظروف القاسية من خلال تغيير شكلها وتكوين صدفة قاسية مثل الكيس، وتستطيع هذه الأكياس الانتقال في الهواء وتحمل درجات حرارة تصل إلى 70 درجة مئوية والأشعة فوق البنفسجية ومواد التعقيم السائدة الاستعمال، كما تعمل هذه الأكياس كبيئة مضيفة للفيروسات والبكتيريا والكائنات الأولية والفطريات، وتوفر لها الحماية وسهولة الانتقال.» وأضاف الباحثان بأن من أكبر التحديات التي تواجه عمليات التعقيم حالياً هي أنها لا تقتل الأميبا، وبالتالي يقترحان في مقالاتهما البحثية أساليب تعقيم مختلفة تستهدف الفيروس والأميبا المضيفة له. وقالت الدكتور صديقي: «لابد من الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تطبيق نهج يستهدف الأميبا للقضاء على فيروس كورونا المستجد بالإضافة لعمليات التعقيم الحالية التي نقوم بها والتي أثبتت نجاعتها في التقليل من حالات العدوى بشكل عام.» ونوه الدكتور خان إلى ضرورة إجراء المزيد من الاختبارات لتحديد درجة قدرة بقاء الفيروس على قيد الحياة داخل الأميبا والتكاثر داخلها، فقال: «بناء على البحوث السابقة في هذا المجال، فإنه من المرجح جداً أن هذا الافتراض صحيح، وبالتالي فإن آليات التعقيم يجب أن تستهدف كلاً من الفيروس والأميبا المصيفة.» كما أظهرت الأبحاث بأن الأميبا تعيش في أنظمة التكييف مما يجعل آليات التعقيم الجديدة ضرورية، حيث قال الدكتور خان: «توفر أنظمة التكييف مكاناً مناسباً للجراثيم والأميبا لتبقى على قيد الحياة خلال أشهر الصيف.» وفي حديثها عن هذه الأبحاث قالت الدكتور صديقي: «نحن مهتمون بدراسة تطوير الجراثيم والمكروبات لعلاقة تكافلية تضمن بقاءها على قيد الحياة. تعتمد الفيروسات بشكل كامل على فصائل أخرى لتبقى على قيد الحياة وبالتالي فليس من مصلحتها القضاء على الكائن المضيف لها، ونحن بحاجة لأن نفهم كيف تستطيع هذه الفصائل البقاء على قيد الحياة في البيئة.» وأضافت بأن الانسان يستطيع الاستفادة من الفصائل الحية الأخرى وفي تعلم كيفية «التكيف والنجاة والتطور»، وهو ما أسهب في شرحه الدكتور خان قائلاً: «إن عمر الانسان على هذه الأرض هو 50 ألف أو 60 ألف عام، بينما هناك فصائل أخرى مثل التماسيح أو الصراصير على سبيل المثال والتي عمرها 300 مليون عام، وإنه من المفيد لنا أن نعرف ونفهم آليات الدفاع الجزيئية لديهم والتعلم منها. إذا أخذنا الصراصير على سبيل المثال، فهي تستطيع تحمل 9 أضعاف كميات الإشعاع التي يمكن أن يتحملها الانسان، وبالتالي يجب علينا أن نسأل ونفهم الآليات التي تساعد هذه الفصائل على التطور والنجاة والاستفادة منها.»
مشاركة :