بهدوء وروحانية الصائمين يكسر ثلة من الشباب الصورة النمطية المأخوذة عن بعض شبابنا بأنهم كسالى ويهربون من العمل، يخرج مجموعة من شباب المعهد الثانوي الصناعي الأول في الاحساء في نهار الأحساء القائظ ميممين وجوههم صوب منازل الأسر المحتاجة بحثاً عن الأجر والثواب في شهر أنفاس الخلائق فيه تسبيح ونومهم عبادة، فكيف بعمل الخير؟! قمة العطاء في شهر الخير والعطاء، يتسابق هؤلاء الشباب لخدمة المحتاجين بكل حماسة يتقدمهم معلمهم إبراهيم الحاجي صوب منازل أصحابها هم في أمس الحاجة لمن يساعدهم على صيانتها، فيقوم هؤلاء المتطوعون بصيانة أجهزتهم الكهربائية، والسباكة، وأجهزة التكييف والتبريد، وإجراء عمليات اللّحام وغيرها. "الرياض" رافقت في هذا التحقيق متدربي المعهد في جولة على عدد من منازل أحد أحياء مدينة المبرز، وهنا نشكر م.صالح الناجم -مسؤول العلاقات والإعلام في المعهد- لقيامه بالتنسيق. التطوع والمنهجية رائد النعيم -مدير المعهد الثانوي الصناعي الأول بالأحساء- أكد أن العمل التطوعي بدأ أولى خطواته في المعهد بإنشاء مجلس المتدربين في المعهد، وتم منح المجلس صلاحية كاملة بين المتدربين بين بعضهم البعض، وبدأ العمل التطوعي داخل أروقة المعهد عبر صيانة أجهزة المعهد كصيانة الأبواب والنوافذ وصبغ الأرصفة وغيرها، وتم عمل السور الكامل لمواقف المتدربين عن طريق متدربي المعهد وهذه كانت مبعث فخر للمتدربين ولإدارة المعهد، عقبها انتقل العمل التطوعي للخارج بالتعاون مع الجمعيات الخيرية، ومنها جمعية الشعبة، وتم تنفيذ عدد من الأعمال اللحام، وكانت فرحة الطلاب بتلك الأعمال كبيرة كون المجتمع بدأ يرى ويلمس إنتاجهم، وأبدى مسؤولو الجمعية سعادتهم بباكورة التعاون. وأضاف النعيم أنهم بعد ذلك بدأوا المرحلة الثالثة المتمثلة في صيانة منازل الأسر الفقيرة، وكان باجتهادات شخصية عبر صيانة أبواب الحديد بحكم وجود قسم الإنشاءات المعدنية في المعهد، وتأمين بعض المتطلبات لوجود قسم الصفيح، وتدخلنا بحكم الخبرة عبر قسم التكييف والتبريد، وبعض أعمال السباكة الخفيفة. مبادرة جديدة النعيم كشف ل"الرياض" عن وجود مبادرة مطروحة حالياً أمام صاحب السمو الأمير بدر بن جلوي محافظ الأحساء وتتضمن تولي المحافظة جمع الجهات التي يمكن أن تتعاون مع المعهد الثانوي الصناعي الأول كجمعيات البر وبعض رجال الأعمال المقتدرين والمعاهد الصناعية لتكوين منظومة متكاملة بإشراف المحافظة للقيام بمساعدة الأسر المحتاجة والقيام بصيانة منازلها، مؤكداً أن هذه المبادرة سترى النور قريباً إن شاء الله. ولفت النعيم إلى أن محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني د.علي الغفيص ونائبه د. راشد الزهراني أكدا ضرورة أن يكون هناك تواصل قوي بين المعاهد والمجتمع المحلي سواء في الأعمال التطوعية، وإبراز دور المعهد في الخدمات التي تقدمها، ونقل صورة ومغايرة عن تلك القديمة المأخوذة عن المعاهد الصناعية كون الخريج لا يجد له وظيفة. رسالة سامية م. سعد النويصر وكيل المعهد قال: إن أسمى رسالة يقدمها المعهد هي من خلال صيانته لمنازل الأسر الفقيرة، فأولاً المعهد يعتبره واجب لتلك الأسر التي لا تستطيع القيام بالصيانة أو تأمين المواد الخام أو اليد العاملة والهدف الأسمى هو أن يكون المعهد موجود مع وفي وسط المجتمع يقدم خدماته لهذه الأسر الغالية علينا جميعاً، واستطرد أن متطوعي المعهد يقومون بالصيانة الوقائية للتوصيلات الكهربائية التي انتهى عمرها الافتراضي، وذلك للحد من مخاطر الحريق لا قدر الله. شراكة مجتمعية وأشاد بالتفاعل الكبير الذي لقيه المشروع التطوعي من قبل المتدربين المتطوعين بشكل لافت كونهم يمارسون ما تعلموه في الميدان، مذكراً بأن مادة النشاط المهني ضمن المواد الدراسية في المعهد تحث وتتبنى الأخذ بيد الطالب إلى هذا النوع من الأعمال الخيرية التطوعية وخدمة المجتمع. وأشار إلى أن المعهد ومن باب التحفيز والتشجيع قد قام بتكريم المتدربين المتطوعين بتوزيع دروع عليهم ووضع على صدرالطالب بطاقة متدرب متميز، وكذلك منح تخفيض في كافتيريا المعهد، مستدركاً أن المتدربين بفضل الله وبطبيعتهم ميالين لحب عمل الخير ولا ينتظرون مثل هذا التكريم، ولكنها هذه مبادرة من المعهد لتشجيع أكثر. سلم الحياة وكيل التدريب في المعهد بندر القحطاني أشار إلى أنهم عرضوا خدماتهم على عدد من الجهات الحكومية في المحافظة، مضيفاً أنهم يقومون كذلك بصيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية للمحتاجين في قسم الإلكترونيات والكهرباء في المعهد، مشيراً إلى أن أهم رسالة يقدمونها عبر هذه الأعمال هي زراعة حب عمل الخير، كما أنه يضع أقدام الطالب على سلم الحياة مستقبلاً وفتح أبواب رزق له تمكنه من فتح مشروع له بعد التخرج ولا ينتظر الحصول على الوظيفة. 80 أسرة مستفيدة أ.إبراهيم الحاجي -المشرف على المشروع التطوعي لطلاب المعهد الثانوي الصناعي الأول- روحه الوثابة المشجعة لأبنائه الطلاب بدت واضحة، فلم يمنعه وأبناءه المتدربين المتطوعين الصيام من القيام بمهامهم في نهار رمضان على أكمل وجه وأدخلوا الراحة في أصحاب البيوت التي قاموا بصيانتها. الحاجي أوضح أنه وخلال سبع سنوات على انطلاق المشروع التطوعي الخيري لطلاب المعهد بلغ عدد الأسر التي استفادت من الصيانة التطوعية أكثر من 80 أسرة منها 13 منزلاً خلال شهر رمضان الحالي 1436ه، ناهيك عن صيانة وترميم وعمل مظلات لأعداد كبيرة من المساجد وبعض منشآت جمعيات البر الخيرية، مشيراً إلى أن اختيار المنازل يتم عبر التنسيق مع الجمعيات الخيرية التي يكون أحد أفرادها مرافقاً معهم لإرشادهم والتعريف بالمنازل، مستدركاً أن عملهم التطوعي لا يستمر على طوال العام وإنما يخصص له شهر رمضان المبارك لما يحمله هذا الشهر الفضيل من أبعاد روحيه تقبل فيه النفس على حب الخير وتقديم المساعدة. ثمار متنوعة واستطرد الحاجي مشيراً إلى أنه بالنسبة للمواد الخام تقوم الجمعيات بتأمينها في شراكة اجتماعية خيرية نموذجية تعكس مدى ما يحمله هذا المجتمع المتراحم من رغبة جامحة لعمل الخير، وأشار أن خروج المتدربين للعمل التطوعي الميداني عزز في نفوسهم المشاركة المجتمعية وخدمة الناس، وبعد أول خروج له تجد الشباب يقبلون فيما بعد. ولفت الحاجي إلى أن عددا ليس بالقليل من المتدربين هم من المتطوعين وبعدما جربوا العمل الميداني التطوعي حفزهم ذلك على افتتاح ورش خاصة لهم بعد التخرج، بل إنهم على تواصل مع المعهد الذي بدوره يساعدهم في الحصول على مشاريع جديدة. بدوره قال الأستاذ جابر الحيز: إن المتدربين قاموا بصيانة مجموعة من المنازل في بلدة البطالية، وكذلك مشروع متنزه الأحساء الوطني وتم تركيب سياج من الصفيح. سنابل الخير حقاً إنهم سنابل الخير.. عبدالوهاب الشريط، ومحمد القنبر، وحيدر الحاجي، وأحمد الطه، ومحمد الحيد، سواعد سعودية تحمل قلوباً تربت في أحضان وبيوت الخير فأنبتت هذه السنابل التي أينعت وبدأت تعطي وطنها ومجتمعها النزر اليسير مما قدمه لها هذا الوطن العظيم، شباب وخلال تواجدنا معهم يعملون في صمت، مجسدين تعاليم دينهم الحنيف في تقديم الخير دون من أو أذى. هؤلاء الشباب أكدوا خلال حديثهم أن الشعور الذي يخالجهم وهم يتطوعون لخدمة المحتاجين أن الله وفقهم في عمل الخير في حياتهم، وبأنه لا يوجد شيء أفضل من الحسنات التي ينالونها في أيام وساعات شهر رمضان المبارك التي هي الأفضل خلال العام.
مشاركة :