تُعد فكرة الثلاثية في الأدب، نتاج لفكر فلسفي قديم يعرف بثلاثية المعرفة، وكذلك لفكر فلسفي عربي، يُشير إلى ثلاثية: الجسم.. الروح.. النفس..وقد تأثر الفكر العربي بهذه الفكرة، مما نتج عنه ظهورأعمال أدبية روائية وصلت للعالمية. فعلى يد نجيب محفوظ- أديب نوبل- بدأ الأديب العالمي في كتابة الثلاثية في محاولة منه لتقديم عمل كامل ومتكامل، يُغطي مرحلة زمنية مهمة في تاريخ المحروسة. ففي الثلاثية يتم تقديم العمل الأدبي بشكل كامل في ذاته، ويتم الربط بين الأجزاء من خلال التركيز على الفكرة الواحدة أو الموضوع الواحد رغبة في عدم تشتيت القاريء. ويمنح الزمن للراوي هنا القدرة على السرد من خلال وجهات نظر متباينة. ففي الثلاثية النجيبية (بين القصرين - قصر الشوق- السكريه)، يُظهر نجيب المجتمع المصري كاملا من خلال ثورة 1919 ويتعرض لما أصابه من تغييرات، ورغم شمولية الاستبداد في العمل الذي يحكي عن رجل مصري من الطبقة المتوسطة- السيد أحمد عبد الجواد- الذي يُمارس استبداد كلي على الزوجة والأولاد داخل محيطه الأسري، إلا أنه يتعرض للإستبداد والظلم من جانب الإنجليز الذين يحتلون البلاد، ويمنعونه من الوصول إلى حانوته التجاري. ورغم جو الاستبداد في كل الرواية إلا أن تيار الوعي يظهر في الأفق، من خلال الابن - فهمي- المتحصل على قدر عال من التعليم يستطيع به الخروج، ولو بشكل ضئيل على سلطة الأب. أما ثلاثية غرناطة فهي تتكون من ثلاث روايات لرضوى عاشور، وهم على التوالي: غرناطة - مريمة - الرحيل. وقد صدرت أولى الأجزاء عام 1994 ففي غرناطة جرح عربي حاضر رغم أنه قديم، ففي تلك المملكة العربية القديمة – الأندلس- التي شع منها نور العالم والثقافة للعالم أجمعتدور أحداث الرواية، فتسرد لوقائع تلك المرحلة من سقوط غرناطة بطريقة ملحمية، بداية من أحداث الرواية في عام 1491م حيث عاش أهل الأندلس المسلمون في القرن الخامس عشر الميلادي، بعد سقوط جميع الممالك المسلمة في الأندلس، الواحدة تلو الأخرى وعندما تم تسليم غرناطة وهي آخر مملكة إسلامية تسقط في الأندلس من خلال المعاهدة التي تنازل فيها أبو عبد الله الصغير آخر أمير في غرناطة عن المُلك لملك قشتالة وملك أراجون، وتستمر أحداث الثلاثية إلى عام 1609م عندما يقرر الملك فيليب الثالث طرد جميع المورسكيين وهم أهل الأندلس الذين تعرضوا للإكراه الديني من جانب الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت. والعمل يتعرض لأسرة مسلمة في مرحلة تاريخية صعبة عاشها المسلمون في الأندلس، هم أبو جعفر ربُ الأسرة، الذي يعمل خطاطًا أو وراقًا في حي الوراقين في البيازين في غرناطة، كان له ولد وحيد، وهو جدُّ كل من سليمة وحسن اللذان كانَ يرعاهما في بيته. أم جعفر: هي زوجة أبو جعفر الورَّاق. نعيم: شاب كان يعمل في حانوت أبي جعفر الوراق، وبعد موت أبي جعفر عمل في حانوت لصنع الأحذية. سعد: كان خادمًا عند أحد الأشخاص قام أبو منصور صاحب الحمام بطرده، فلم يحرك سعد ساكنًا ولم يلحق بسيده، فانتقل إلى العمل عند أبي جعفر وصارت بينه وبين نعيم صداقة قوية، تزوج من سليمة حفيدة أبي جعفر، بعد وفاة أبي جعفر عمل عند صاحب الحمام نفسه. أم حسن: زوجة إبن أبي جعفر ووالدة الحفيدين سليمة وحسن. حسن: حفيد أبي جعفر، عمل خطاطًا مثل جده، تزوج من مريمة وهي ابنة أحد المنشدين. مريمة: زوجة الحفيد حسن، والدها كان ينشد البطولات والسير في المناسبات. سليمة: أخت حسن والحفيدة الثانية، تزوجت من سعد. هشام: ابن حسن ومريمة، تزوج من عائشة. عائشة: هي بنت سعد وسليمة، تزوجت من هشام ابن خالها حسن. على: هو ابن هشام وعائشة، أي هو حفيد حسن ومريمة.أما عن ثلاثية المماليك(أولاد الناس) ريم بسيوني، والتي حصلت مؤخرًا على جائزة نجيب محفوظ للرواية، فهي ثلاثية تعتمد الشكل التاريخي الممزوج بالرومانسية، من خلال حكاية وسيرة المماليك في مصر منذ عهد الناصر قلاوون وحتى الغزو العثمانى لمصر وذبح طومان باى وتعليق رأسه على باب زويلة في القاهرة. إلا أن أهم ما يميز ثلاثية بسيوني هنا هو حسها الأنثوي الذي يعبر عن رومانسية داخل بنية العمل، من خلال قصة حب، كما تُركز الرواية هنا على منح حكم جديد لفترة الحكم المملوكي لمصر بدلا من وصم تلك المرحلة بالظلم والفساد، ولهذا السبب منحت ريم الرواية اسم (أولاد الناس) وهو مصطلح كان المماليك يؤثرونه لأنفسهم تمييزا لهم عن بقية أفراد الشعب المصري.
مشاركة :