عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات حلقة نقاشية عن بُعد تحت عنوان: "إدارة الأمن السيبراني في ظل الأزمات: دروس مستفادة من تجربة كوفيد-19"، بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين والمتخصصين في مجال الأمن السيبراني، استعرضوا خلالها طبيعة العلاقة بين وباء "كوفيد-19" والحاجة إلى الأمن السيبراني الكافي في أوقات إدارة الأزمات الطارئة، وكيفية الحفاظ على مستوى كاف من الأمن السيبراني للعمل عن بُعد، وضمان عدم تعرض وسائل التواصل للقرصنة والتوقف، وكيفية تفعيل دور الحكومات في إدارة مخاطر الأمن السيبراني. وتعد هذه الحلقة النقاشية آخر سلسلة فعاليات مبادرة "منتدى الحوار الاستراتيجي عن بُعد" التي أطلقها مركز "تريندز" لدراسة التداعيات المختلفة لوباء "كوفيد-19" واستشراف آفاق المشهد الدولي في عالم ما بعد وباء كورونا المستجد. واستعرض منتصر بدير، مدير العمليات في مؤسسة سيكيورتي ماترز بالمملكة العربية السعودية، في بداية هذه الحلقة النقاشية ورقة بحثية حول "الأمن السيبراني: تأمين البيانات والأعمال"، حيث أكد أن وباء "كوفيد-19" فاقم من التحديات الأمنية المرتبطة بالأمن السيبراني مع تزايد خطر القرصنة التي تستهدف الأشخاص والدول، خاصة أن قراصنة الإنترنت اليوم باتوا على درجة عالية من التأهيل والخبرة، وبعضهم مدعوم من دول، ما يجعل القرصنة تهديداً كبيراً للأمن السيبراني. وأشار إلى أن المؤسسات تركز على البنية التحتية للأمن السيبراني، ولكن التكنولوجيا وحدها لا تكفي ، فأهم سلاح لتحقيق الأمن السييراني هو نشر الوعي العام بالأدوات التي تستخدم لإقناع بعض الأشخاص للكشف عن المعلومات الحساسة. وقدم السيد نعيم إس موسى، كبير مسؤولي أمن المعلومات، بهيئة تداول العقود الآجلة في الولايات المتحدة الأميركية ورقة تحت عنوان: "الأمن السيبراني في ظل كوفيد-19: إرشادات للعمل عن بُعد"، استعرض فيها الإجراءات والأساليب التي يمكن من خلالها تعزيز الأمن المعلوماتي للأفراد والمؤسسات في مواجهة تهديدات القرصنة. وشدد موسى على أهمية توفير بيئة معلوماتية آمنة لعمل المؤسسات والشركات وتأمين الأنظمة التي تمكّن الوصول عن بُعد وزيادة الوعي بالاستخدام الآمن لهذه الأنظمة، وتوفير المتطلبات الآمنة للعمل عن بُعد في المنزل، مثل تحديث البرمجيات الخاصة بالحاسوب المنزلي، وعدم الضغط على أي رابط مجهول من دون تفكير، وحماية الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالفرد، واستخدام كلمة سر قوية يصعب التعرف عليها، وترميز الرسائل الإلكترونية بحيث تصبح غير مقروءة إلا للجهة المرسل إليها بعد حصولها على كلمة سر. وبعد ذلك تطرق السيد أندرو ستانيفورث مدير مؤسسة ساهر بأوروبا، وزميل غير مقيم في مركز "تريندز" متخصص في مكافحة الإرهاب من المملكة المتحدة في ورقته البحثية التي حملت عنوان "المرونة التنظيمية: مكافحة تهديدات كوفيد-19 السيبرانية" إلى المخاطر المختلفة للهجمات السيبرانية، مشيراً إلى أن الجرائم السيبرانية تشكل أكبر تهديد للأمن العالمي وأنها تكلف العالم ما يزيد عن 6 تريليونات دولار سنوياً، موضحاً أن وباء "كوفيد-19" أتاح فرصة لقراصنة الإنترنت لكي يستغلوا ضعف الناس وبحثهم عن المعلومات ليرسلوا إليهم رسائل تعرضهم للابتزاز والتهديد، وبالفعل فقد تزايدت التهديدات التي طالت المؤسسات المالية والأفراد والمؤسسات الحكومية في الآونة الأخيرة، وباتت الشركات والمؤسسات الصغيرة هي الأكثر تضرراً من تفاقم مخاطر الأمن السيبراني بسبب ضعف أنظمة الحماية فيها. وبعد ذلك استعرض الدكتور إرنستو دامياني، مدير مركز جامعة خليفة للأنظمة الفيزيائية الإلكترونية، بدولة الإمارات العربية المتحدة ورقته البحثية التي حملت عنوان "أزمة كوفيد-19: دروس في العمليات السيكولوجية للأمن السيبراني"، مشيراً إلى أن الأمن السيبراني الكامل غير موجود، لأن مجرمي الإنترنت يعملون باستمرار على تطوير أساليبهم في شن هجماتهم والاستفادة من أي ثغرات موجودة، محذراً من أن عدم حماية رسائل البريد الإلكتروني يمثل أحد الأخطاء القاتلة في منظومة الأمن السيبراني.. مؤكداً ضرورة تجديد برمجيات الحاسوب المنزلي لتكون أكثر أمناً. وقدم المشاركون في نهاية هذه الحلقة النقاشية بعض التصورات والتوصيات التي من شأنها تعزيز جهود الأمن السيبراني في ظل تجربة "كوفيد-19"، أبرزها ضرورة تدريب العاملين والموظفين على أساليب العمل عن بُعد الآمنة، وزيادة التوعية بخطر القرصنة الإلكترونية لمن يعملون من المنازل حتى لا يعرضوا مؤسساتهم لمخاطر القرصنة، والتحديث المستمر لأنظمة الحماية والأجهزة المستخدمة من قبل الأفراد والمؤسسات، وضرورة العمل على توفير بيئة معلوماتية آمنة لعمل المؤسسات والشركات، ووضع التشريعات والقوانين التي تضمن الأمن السيبراني، وضرورة رفع الوعي العام بالجريمة السيبرانية بين جميع العاملين بالمؤسسات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى توفير التكنولوجيا اللازمة لتحقيق الأمن السيبراني. وبمناسبة اختتام فعاليات "منتدى الحوار الاستراتيجي عن بُعد" للعام 2020، أعرب الدكتور محمد عبدالله العلي مدير عام مركز تريندز للبحوث والاستشارات عن شكره وتقديره لجميع الباحثين والخبراء الذين شاركوا في فعاليات المنتدى لما قدموه من مناقشات عميقة وتصورات بناءة حول كيفية التعامل مع التداعيات التي خلفها وباء كورونا المستجد على الصعد كافة، الاقتصادية، والأمنية، والتكنولوجية، والسياسية. كما وجه العلي الشكر لوسائل الإعلام، الوطنية والدولية التي حرصت على متابعة فعاليات منتدى الحوار الاستراتيجي، وإبراز مخرجاته المختلفة.. مشيدا بمستوى البنية التقنية، والرقمية، والتكنولوجية في الإمارات التي ساعدت "تريندز" على تنظيم هذه الفعاليات بكفاءة وجودة عالية، وتلك التي يعتزم تنظيمها خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن "منتدى الحوار الاستراتيجي عن بُعد" في نسخته الأولى للعام 2020 حظي باهتمام واسع، لأنه أتاح منصة مبتكرة للنقاش الإيجابي بين نخبة من الباحثين والأكاديميين والخبراء والمتخصصين الدوليين حول "كوفيد-19"، القضية الرئيسية التي تستحوذ على اهتمام مراكز البحوث والدراسات والتفكير في العالم. وأشار الدكتور محمد العلي إلى أن مركز "تريندز" كان في مقدمة مراكز البحوث والدراسات في المنطقة والعالم التي أسهمت في إلقاء الضوء على الأبعاد والتداعيات المختلفة لوباء "كوفيد-19"، خاصة في ما يتعلق بالمجالات الأكثر تأثيراً على دول العالم، كالطاقة والاقتصاد والأمن السيبراني، لاستشراف سيناريوهات المشهد الدولي في مرحلة ما بعد "كوفيد-19". وأكد أن النجاح الكبير لـ "منتدى الحوار الاستراتيجي عن بُعد" في نسخته الأولى للعام 2020، وتزايد المتابعين لفعالياته المختلفة من جانب الخبراء والمتخصصين والمسؤولين في العديد من المؤسسات، والإشادة بالتوصيات الصادرة عنه، تُحمل مركز "تريندز" مسؤولية مضاعفة خلال الفترة المقبلة، لمواصلة هذا النهج العلمي في تسليط الضوء على القضايا التي تهم دول المنطقة والعالم من منظور عالمي أوسع، والتركيز على استشراف التحولات المحتملة في عالم ما بعد "كوفيد-19". وبدوره أكد الأستاذ أحمد الاستاد المستشار العلمي لمركز "تريندز" في كلمته في ختام فعاليات منتدى "الحوار الاستراتيجي عن بُعد" أن المركز منذ تلقيه أولى الإشارات عن وباء "كوفيد-19" في ديسمبر الماضي سارع بإطلاق مبادرة منتدى الحوار الاستراتيجي، من خلال عقد سلسلة من المحاضرات والندوات والحوارات الإقليمية والدولية عن بُعد مع كبار المتخصصين والخبراء المهتمين بالأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والطاقة، والصحية، والوقاية، والتكنولوجيا الذكية، لدراسة كافة التداعيات المحتملة لهذا الوباء، وتسليط الضوء على التجارب الدولية المختلفة في التعامل معه، من أجل استخلاص الدروس المستفادة منها، وبما يسهم في مساعدة صناع القرار والمؤسسات المعنية بإدارة أزمة وباء كورونا المستجد. ونوه الأستاذ أحمد الاستاد إلى أن مركز "تريندز" يعتزم تنظيم سلسلة من الفعاليات والأنشطة البحثية عن بُعد، خلال الفترة المقبلة، انطلاقاً من مسؤوليته العلمية في متابعة التطورات الجيوستراتيجية والاقتصادية والأمنية، ومن إيمانه بأهمية الدور الذي ينبغي أن تقوم به مراكز البحوث والدراسات في تقديم تصورات مبتكرة ورؤى ثرية حول مجمل القضايا ذات الصلة بأمن وتنمية دول المنطقة والعالم واستقرارها.
مشاركة :