بين مقبرة عثمان ومقابر الشيعة - صحيفة الوطن نيوز

  • 5/22/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

جاء الخبر وأنتشر ، والد اصدقائي أصبح في ذمة الله وابسط قواعد الواجب أن اكون معهم خطوة بخطوة ، وعرفنا قبل وصولنا للبقيع عن تحديد قبر والدهم ، ومشينا في الجنازة داعين الله له المغفرة . دخلنا باب البقيع وعلى خطوات من المدخل وجوار قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه وضعوا النعش منتظرين ، وقف الجميع دون أن نسرع للدفن في احد القبور ، وتساءل البعض ما الخبر ؟ وجاء الرد انهم في إنتظار شخصية من الأمانة ليتمكنوا من إيجاد قبر لأبيهم جوار قبر عثمان بن عفان ، وهذا إعتقاد ليس له من الأمر شيئ فالإنسان يبقى منفردا بقبره وحيدا إلا من ثلاث ، صدقة جارية وعلم يُنتفع به قدمه لوجه الله دون أجر ، وولد يدعو له ، ولكن الراحة النفسية كانت تخالج أهل الميت فطلبوا أن يتم دفن ابيهم جوار الخليفة عثمان بن عفان ، وتم وعدهم في تحقيق المطلب ، وانتظرنا وطال بنا الوقت مقارنة في السرعة للدفن ، وبدأت الإتصالات لمئات المرات على جوال صاحب الصلاحية ، ولا مجيب في الوقت الذي أخذ الموقف شيئا من الغرابة والتبرم والإزعاج لأهل المُتَوَفَى والقادمين لتخفيف المعاناة على أهل الميت وتقديم العزاء . ومضت الدقائق فجاء القرار من أحد أبنائه بين صبر نفذ وقلق وإحراج من الآخرين ، وحملوا الميت على نعشه ومضوا به سريعا في موقع آخر بعيدا عن الموقع الذي كانوا به منتظرين ، وبقيت الأنظار متجه على باب المقبرة عسى ولعل يصل المسؤول في آخر اللحظات ، وللغائب عذره ولكنه لم يصل . وبدأت خطوات الدفن ، وقبل حمل الجثمان لِلّحد بلحظات ، عبر في الممر رجل طويل القامة جهوري الصوت قدم لزيارة الموتى ولم يكن ضمن الحضور فقد كان عابرا في الطريق . تفحص هذا القادم وجوه الواقفين على جنبات القبور وعرف بتفحصه أن المُتَوَفَى في غير موضعه الصحيح ، فقال بصوته الجهوري بينما صمت الجميع من أول كلماته وقال :- يا اهل الميت ، إن كان ميتكم من الشيعة فهذا مكان دفن اموات الشيعة الذي اختاروه ، وإن كان ميتكم من السنة فهذا ليس محله فأنقلوه ، ومضى وكأن الأمر لا يعنيه البتة . صمتٌ داخل صمتٍ وكأنك تسمع دبيب النمل ، وكأن المقبرة فرغت من الأحياء ، وفجأة رأينا النعش يرتفع على الأكتاف ويمضوا به سريعا بعد أن فقد اهل الميت وصول الذي وعدهم ولم يحضر ويوفِ بوعده الذي كان . دفنوا الميت في قبره بين قبور الأموات في تربته التي نادت عليه حين الوفاة ، ومضت روحه الى البرزخ بين يدي الله ليتم دفن غيره من الأموات بنفس القبر بعد فترة من الزمان ، فالقبر والدفن وسيلة شرعها الله وعلمها الإنسان بواسطة الغراب الذي دفن اخيه ليقلده قابيل الذي قتل أخيه هابيل ويتعلم كيف يدفن اخاه الذي قتله ، فأصبحت طريقة الدفن شريعة الإنسان للمسلمين وكثير من أهل الكتاب ، وتبقى الأرواح بين يدي الله حتى نفخة إسرافيل الأولى والثانية ليعيد الأرواح للقبور فتخرج سراعا بقوله تعالى ( يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ۚ ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ) سورة ق 44 بقلم أ. طلال عبدالمحسن النزهة

مشاركة :