تميزت مصر منذ فجر التاريخ بالعمارة، إذا خلفت العمارة المصرية القديمة العديد من الآثار التى تدل على حرفية وإتقان الفنان المصرى عبر العصور، وقدرته الفائقة على تشييد القصور، إذا كشفت الحفريات في مدينة تل العمارنة، والأقصر عن عدد كبير من القصور، واستمر الوضع عبر العصور والحضارات المتعاقبة على مصر فمرورًا بالعصر البيزنطى، والقبطى، والإسلامى، وحتى الدولة العلوية، فبدأت القصور في مصر تأخذ العديد من الطرز المعمارية، وفى هذه السلسلة من الحلقات والتى تستمر على مدى شهر رمضان الكريم سنتعرف على أهم القصور في مصر المحروسة.إنه قصر الأمير سعيد حليم، في شارع شامبليون والذى طالته يد الإهمال والعبث بعد أن تحول إلى مدرسة، فأصبح وحيدًا مهملًا ومهجورًا، رغم مساحته الكبيرة والتى تبلغ ١٦٠٠ متر مربع. فهو أحد تصميمات المصمم المعمارى الإيطالى «لاشباك». والذى وضع بصمته المعمارية على أغلب القصور الملكية في مصر، والقصر يحوى على زخارف تكسو واجهته، وقاعاته، ورغم ذلك لم ينل إعجاب زوجه الأمير، والذى صنعه خصيصًا لها، فقام بإهدائه للحكومة لكى يتحول إلى مدرسة. فالقصر يتكون من مبنى رئيسى على طابقين، وملحق به جناحان جانبيان متصلان بالقصر، خصص إحداهما كمطبخ والآخر مساكن للخدم وموظفى القصر. أما المبنى الرئيسى فهو يضم أربع واجهات، وتعد الواجهة الجنوبية الغربية من أهم واجهات القصر، ويوجد بها المدخل الرئيسى الذى يتكون من ثلاثة أبواب مستطيلة معقودة بعقود نصف دائرية يعلو كل منها رأس آدمى، زخرفت كوشات العقود بسعف النخيل تتداخل معها فيونكات وثعبان وأوراق «اكنتش» منفذة بالحفر البارز على الرخام. ويتقدم الأبواب أربعة أعمدة أسطوانية تحمل الشرفة التى تعلو المدخل ولهذه الأعمدة تيجان يتوسط جوانبها أربعة رءوس آدمية ذات شعر مسترسل وعلى هذه الأعمدة نقش حرفى S وH ويمثلان أول حرفين من اسم الأمير سعيد حليم. أما المدخل الرئيسى للقصر يؤدى إلى صالة استقبال كبرى خاوية الآن إلا من بعض المقاعد الخشبية المهترئة، ويوجد السلم المزدوج المؤدى للطابق الثانى الذى صنعت درجاته من الحديد الصلب، وتعلوه ألواح خشبية، أما الدرابزين فقد صنع من الحديد المسبوك على هيئة زخارف متموجة من الخطوط تحصر بينها رأسًا آدميًّا، أما الصالة فهى تقسم إلى قسمين متساويين على الجانبين، ويضم كل قسم أربع حجرات متسعة، وعن طريق إحدى الحجرات في كل جانب يتصل مبنى القصر الرئيسى بأحد ملحقيه عن طريق ممر مكشوف تعلو سقفه زخارف لرءوس آدمية وملائكة مجنحة. وتبدو أسقف الحجرات وصالة الاستقبال خاوية من الرسوم، وقد تكون قد فقدتها بفعل الزمن والإهمال، فقد تعرض القصر لكثير من التغيير، خصوصًا أنه ظل قرابة القرن عبارة عن مدرسة إعدادية، كما أصاب الطابق الثانى الكثير من التلف، بعد أن تحولت حجراته إلى فصول تمت تغطيتها بالأوراق القديمة وأصباع التباشير. أما جناحا القصر فهما متمثلان في تخطيطهما المعمارى ولكل منهما واجهة مطلة على الشارع، وأخرى تطل على حديقة القصر بشبابيك معقودة بعقود نصف دائرية، ويعلو قمة كل عقد رأس آدمى.
مشاركة :