توقّع موجز بنك الكويت الوطني الاقتصادي، أن يحافظ نمو الاقتصاد على وتيرته القوية على الرغم من التراجع الكبير في أسعار النفط خلال العام الماضي. ولفت موجز «الوطني» إلى أن النشاط الاقتصادي المحلي شهد تسارعاً منذ العام 2013 مدعوما بتسارع وتيرة تنفيذ خطة التنمية الحكومية وقوة قطاع المستهلك، مبيناً أن الأهداف الطموحة الموضوعة للإنفاق الرأسمالي ساهمت في إنعاش الاستثمار الكلي، ومن المفترض أن تستمر في توفير دعم للاستثمار خلال العامين 2015 و2016. وتعكس خطة الحكومة الاستثمارية للفترة (2015-2020) وميزانية الإنفاق الرأسمالي للسنة المالية (2015-2016) الالتزام الرسمي في إنعاش الإنفاق على مشاريع البنية التحتية. كما توقع «الوطني» أن تبقى وتيرة الإنفاق الاستثماري كما هي دون تغيير في ظل تراجع أسعار النفط. ورغم انعكاس تراجع أسعار النفط على الأوضاع المالية المحلية والخارجية، إلا أن الكويت لا تزال تتمتع بالكثير من الدعائم المالية التي تسمح لها الحفاظ على قوتها على المدى المتوسط. ومن المتوقع ان تسجل الكويت أول عجز مالي منذ ما يقارب أكثر من عشر سنوات، إلا أنها ستتمكن من سد العجز دون اللجوء لأي خفض كبير في الإنفاق وذلك لامتلاكها أحد أكبر الصناديق السيادية في المنطقة والذي يقدّر بأكثر من 300 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (550 مليار دولار). ولا شك في أن تراجع أسعار النفط يفرض تحديات حول الاستدامة المالية في المدى الطويل، ما أدى إلى توجه الحكومة نحو إعادة تقديم العديد من الإصلاحات المالية الأساسية والتي من ضمنها الضريبة على دخل الشركات والضريبة على القيمة المضافة خلال السنوات المقبلة. ومن المتوقع تقديم بعض الإصلاحات التي تتعلق بالمعونات والتي قد تضم المدفوعات التحويلية للأسر ذات الدخل الضعيف. كما يقوم مجلس الأمة حالياً بدراسة بعض الإصلاحات بشأن الأجور والتي تنص على توحيد الرواتب في جميع جهات القطاع الحكومي بالإضافة إلى زيادة الرقابة المركزية على الرواتب الحكومية. وأعرب موجز «الوطني» عن اعتقاده «أن السلطات جادة في مواجهتها للتحديات المالية التي قد تطرأ على المدى الطويل متخذة اجراءات تدريجية من شأنها الحفاظ على وتيرة النمو وعدم الإخلال بها». الإنفاق الاستثماري سجل الاقتصاد غير النفطي في الكويت نموا صحيا منذ العام 2013، ونتوقع أن يحافظ على وتيرته القوية عند 5 في المئة خلال العامين 2015 و2016. وتشير بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي الرسمية الأخيرة إلى نمو الاقتصاد غير النفطي الكويتي بواقع 5.6 في المئة خلال 2013. كما قدّر أن يكون الاقتصاد غير النفطي قد حافظ على وتيرة نموه هذه خلال العام 2014 بدعم من تسارع وتيرة تنفيذ المشاريع وقوة قطاع المستهلك. ورغم أن نشاط الاقتصاد غير النفطي قد يكون قد تباطأ بصورة طفيفة خلال الربع الأول من هذا العام، مقارنة بمستواه القوي الذي شهده في العام 2013 وبداية العام 2014، لكننا نرى هذا التباطؤ سيكون موقتا. وقد تباطأ نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص خلال 2014 وحتى الآن في 2015 بعد أن سجل تسارعاً لسنوات عدة، إذ سجل الائتمان الممنوح للقطاع الخاص نمواً بواقع 5.7 في المئة على أساس سنوي في أبريل من العام 2015 متراجعاً من 8.1 في المئة خلال 2013 و6.2 في المئة في العام 2014. كما تراجع أيضاً نمو الائتمان الممنوح لقطاع الأعمال (باستثناء التسهيلات الشخصية والائتمان الممنوح للمؤسسات المالية غير المصرفية) ليصل إلى 5 في المئة على اساس سنوي من 7.9 في المئة في 2013. ويعود هذا التراجع بصورة رئيسية إلى عمليات تسوية القروض التابعة لصندوق الأسرة وتسديد بعض الشركات لديونها في العام 2014. ومع أخذ هذين العاملين بعين الاعتبار، يتبين لنا أن النمو قد شهد ثباتاً نسبياً خلال شهر أبريل من العام 2015 عند ما يقارب 8 في المئة على أساس سنوي، ومن المتوقع ان ينهي العام عند هذه النسبة. خطة التنمية ساهم الإنفاق الاستثماري بشكل كبير في حفاظ الاقتصاد غير النفطي على وتيرة نموه القوية، وذلك بفضل تحسن وتيرة تنفيذ خطة التنمية الحكومية. وتضم الخطة عدداً من مشاريع البنية التحتية التي من شأنها تطوير كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص. وارتفعت وتيرة طرح المشاريع بشكل ملحوظ خلال 2014 بعد تأجيل في السنوات السابقة. ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تطوّراً أكبر بعد أن تمت الموافقة خلال 2015 على خطة التنمية الخمسية لفترة (2015-2020) وخطة الإنفاق الاستثماري للسنة المالية 2015-2016. وتضم خطة التنمية الخمسية ما يقارب 34 مليار دينار للإنفاق الاستثماري على المشاريع الجديدة في مختلف القطاعات كالنفط وتوليد الطاقة والنقل والإسكان. وقد تمت الموافقة في السابق على أغلب المشاريع التي تضمها الخطة الجديدة كل على حدة، إذ إنها كانت من ضمن برنامج الحكومة لسنوات عديدة. وتتطلع الحكومة أيضاً إلى تحسين بيئة الأعمال في الكويت وإنعاش دور القطاع الخاص في الاقتصاد الذي سيتم العمل عليه من خلال برنامج الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص. ومن المفترض أن يساهم قرار العام 2014 الذي استبدل الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات بهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في تنظيم عمليات الشراكة بين القطاعين. وتتمتع هذه الهيئة باستقلالية أكبر وسلطة تنفيذية أكبر كما من المفترض أن تساهم في تنظيم المبادرات بين القطاعين الحكومي والخاص بصورة أفضل. النمو في قطاع المستهلك شهد النمو في قطاع المستهلك استقرارا وبقي قويا، لكننا نتوقع أن يستمر في الاعتدال. لكن هذا القطاع سيبقى محرّكاً أساسياً للاقتصاد غير النفطي، إذ ظل نمو الدخل الأسري جيدا مع ثبات وتيرة توظيف الكويتيين والعمالة الماهرة من الوافدين. ونتيجة لذلك، شهدنا نموا قويا في الإنفاق الاستهلاكي والقروض الشخصية على الرغم من بعض الاعتدال مقارنة مع العام الماضي. وتراجعت وتيرة نمو الإنفاق من بطاقات الائتمان بصورة طفيفة إلى 12.6 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2015، وهو أقل مستوى له منذ 3 سنوات. ورغم أن هذا التراجع يشير إلى بعض التباطؤ في نمو قطاع المستهلك، إلا أن أنه سيبقى قويا. كما تراجع نمو القروض الشخصية إلى أقل مستوى له منذ 3 سنوات، لكنه بقي بدوره قويا عند 11.8 في المئة على أساس سنوي خلال أبريل الماضي. ومن المفترض أن يستمر القطاع في تسجيل نمو جيد مدعوما من أداء القطاعات الاقتصادية الاخرى واستمرار الدعم من الإنفاق الحكومي. ارتفاع التضخم واصل معدل التضخم الارتفاع نتيجة عوامل محلية، وبلغ المعدل العام 3.4 في المئة على أساس سنوي في أبريل، مقارنة مع 2.7 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة ارتفاع تضخم الإسكان. كما بلغ معدل التضخم الأساس (باستثناء المواد الغذائية) 3.7 في المئة على أساس سنوي. لكن على الرغم من ذلك، تبقى وتيرة ارتفاع معدل التضخم في الكويت معتدلة خلال العامين الماضيين نتيجة تراجع معدل التضخم العالمي. وتوقع موجز «الوطني» أن يبلغ معدل التضخم 3.5 في المئة في المتوسط بحلول نهاية العام 2015 نتيجة تسارع نشاط الاقتصاد المحلي، بينما نتوقع أن يشهد التضخم الإسكاني ركوداً لاحقاً خلال العام. تراجع أسعار النفط من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الكويتي أول عجز مالي منذ ستة عشر عاماً خلال السنة المالية 2015-2016 نتيجة تراجع أسعار النفط. وعلى الرغم من أن مجلس الأمة لم يوافق على الميزانية حتى الآن، إلا انه من المتوقع أن يكون إجمالي الإنفاق أقل في السنة المالية 2015-2016. ومن المفترض ألا يتأثر نشاط الاقتصاد المحلي جراء ترشيد الإنفاق، لاسيما ان خطة الإنفاق الاستثماري من المفترض أن تظل من دون تغيير. وقد تعافى سعر مزيج برنت نسبياً بعد أن تراجع بشكل كبير في بداية هذا العام ليصل إلى 57 دولارا للبرميل في المتوسط حتى الآن. ولا يزال السعر أقل من مستواه في العام الماضي بواقع 40 في المئة. ومن المتوقع أن تأتي الإيرادات النفطية أقل بواقع 38 في المئة لتبلغ 13.8 مليار دينار، بما سيؤدي إلى تسجيل عجز يواقع 4.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. قوة الدينار شهد الدينار الكويتي ارتفاعا كبيرا خلال 2014 تماشياً مع قوة الدولار. وقد بدأ الدينار بالتراجع منذ ذلك الحين ولكنه لا يزال مرتفعاً عن العام الماضي. ويرتبط الدينار بسلة من العملات الرئيسية والتي يشغل فيها الدولار الحيّز الأكبر. كما اكتسب الدينار قوة حسب قياس مؤشر «جي بي مورغان» الوزني مرتفعاً بنحو 6.2 في المئة منذ مايو 2014، ولكنه تراجع بنحو 2.6 في المئة من أعلى مستوى له في مارس 2015. تأرجح البورصة لم تتعاف الأسهم في سوق الكويت للأوراق المالية بالكامل من تراجع السوق الأخير في العام الماضي عقب انخفاض أسعار النفط. فقد شهد السوق تعافياً طفيفاً ومؤقتا في بداية العام 2015، وتراجع المؤشر الوزني بواقع 3.9 في المئة منذ تاريخه من السنة المالية خلال شهر مايو. كما تراجع مؤشر مورغان ستانلي المجمع بواقع 2.5 في المئة خلال هذه الفترة. ركود القطاع العقاري لفت موجز «الوطني» إلى أن مبيعات قطاع العقار شهد ركوداً خلال العام 2015 بعد أن سجلت أداء قويا خلال العام 2014 فيما عدا العقار التجاري. فقد شهد كل من قطاع العقار السكني والاستثماري ركوداً في المبيعات التي انخفضت خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2015 بواقع 15 و23 في المئة على التوالي مقارنة بالعام الماضي. وقد جاء هذا الركود بعد أن سجل القطاع نمواً قوياً في العام 2014 مع ارتفاع المبيعات في قطاع العقار الاستثماري بنحو 30 في المئة في العام الماضي. وفي الوقت نفسه، استمر قطاع العقار التجاري في تسجيل زيادات قوية في المبيعات خلال الأشهر الأربعة الاولى من العام 2015، إذ ارتفعت قيمة الصفقات المسجلة بواقع 21 في المئة على أساس سنوي.
مشاركة :