يحرص الجميع على أداء طقوس سنوية ترتبط بعيد الفطر، إلا أن الوضع قد يكون مختلفا بدرجة كبيرة هذا العام عن كل عام مضى، بسبب ما فرضه انتشار فايروس كورونا، لكن رغم ذلك يقول خبراء إنه يجب الاحتفال بالعيد وإقامة الطقوس الممكنة لأنها ستقف حائط صد ضد القلق في المجتمعات. من كان يتصوّر، في مثل هذه الأيام قبل عام مضى، أن عيد الفطر المقبل سوف يطل فيما العالم يبدو كأنه مقلوب على رأسه بسبب تفشي كورونا. ويقول خبراء إن عيد الفطر يمثل “نقطة التحول” في مسار انتشار الفايروس. ويأتي عيد الفطر على المسلمين هذا العام في واقع جديد لم يعهدوه من قبل؛ وهو انتشار جائحة فايروس كورونا المستجد والإجراءات الاحترازية التي تفرضها الدول لمنع انتقال العدوى، وحظر التجوال، وهو ما سيحرم الجميع من الاحتفال به. وتخشى العديد من الدول العربية من اتخاذ بعض المستهترين لعيد الفطر وما يرتبط به من عادات اجتماعية حجة لكسر قواعد “التباعد الاجتماعي” التي فرضتها متطلبات المواجهة مع الوباء. وقد تترتب على ذلك مخاطر قد تنسف جميع الجهود الوقائية التي بُذِلت خلال المرحلة السابقة والعودة بها إلى نقطة الصفر. لكن رغم ذلك يطالب خبراء بعدم التخلي عن الطقوس الممكنة على الأقل، إذ أن مجرد التفكير في تقاليد العيد يجلب الابتسامات إلى وجوه معظم الناس ويثير مشاعر الترقب والحنين. ويطالب الخبراء بإقامة طقوس العيد. وتظهر الأبحاث أن الإجراءات المنظمة والمتكررة التي تنطوي عليها مثل هذه الطقوس يمكن أن تعمل كحاجز ضد القلق. أطفال في البيوت يقضي الأطفال هذا العيد في بيوتهم بسبب إغلاق الحدائق العامة ومدن الملاهي والشواطئ والفنادق والمطاعم وتطبيق الدول للتباعد الاجتماعي، وهو ما سيفرض على أهاليهم تحدي كيفية تأهيلهم لقضاء تلك الأيام في البيوت وكيفية التعامل معهم خلالها. وتعني مناسبة العيد الكثير للأطفال، ولن يستطيعوا تحمل فكرة مروره دون الاحتفال به، لذلك سيجدون صعوبة في عدم الخروج من المنزل. وبالنسبة لمريم فقد أكدت أنها حضرت ابنتها نفسيا للأمر، مؤكدة أنها حضرت برنامجا عائليا. وصاحبت مريم ابنتها ذات الخمسة أعوام وزوجها إلى مساحة كبرى بالقرب من منزلها. وكان لافتا أن الكمامات أصبحت جزءا من ملابس العيد المعروضة. واختارت مريم لابنتها فستانا ورديا وكمامة بنفس اللون. ولم تخف مريم خيبة أملها حين رأت أغلبية متاجر الملابس مغلقة. ومنذ أن ألغى كورونا المصافحة باليد والتقبيل والعناق بين الأصدقاء والأقارب للحد من انتشار الفايروس بين الناس، مازال الأمر غير متاح في العيد لتبادل التبريكات والتهاني، وسيقتصر ذلك على المعايدات الإلكترونية. ولن تتوقف الاتصالات الصوتية أو حتى المرئية بين العائلات حيث العلاقات الاجتماعية المترابطة. وبما أن الوباء لن يلمَّ شمل العائلة بعد صلاة العيد، فقد تغيب واحدة من أهم وأبرز مظاهر العيد، وهي “العيدية” التي تعد تراثا إسلاميا يفرح بها الصغار والكبار. ومن عادات سكان الدول العربية أن يطوف أطفالهم على بيوت الأجداد والأعمام والعمات وكذلك الحال مع الأخوال والخالات، ليجمعوا “ما تيسر من العيديات”. وتعمل بعض ربات البيوت على صنع كعك العيد بأنفسهن بسبب إغلاق محلات الحلويات. واجتمعت منيرة مع جارتيها في منزلها في القاهرة حول طاولة لخبز الكعك قبل حلول عيد الفطر ببضعة أيام، حيث قسمت المهام حول الفتيات ما بين تحضير العجين ونقشه ووضعه في الأطباق وتسويته في الفرن، تلك العادة التي توارثتها الأسرة المصرية من الأجداد، للاستعداد لاستقبال عيدالفطر. وحسب تقارير إعلامية محلية، فإن الأسر المصرية من أكثر الأسر العربية استهلاكا للكعك والبسكويت في عيد الفطر، وتستهلك نحو 70 ألف طن، تُقدر بحوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار جنيه مصري، لكن، وفق تصريحات رئيس شعبة تجار الحلوى بالغرفة التجارية بالقاهرة، حجم المبيعات هذا العام أقل بكثير من العام الماضي، بسبب إجراءات مواجهة فايروس كورونا. “كان يلزمني أكاذيب عابرة للمحافظات حتى أقنع الضابط الذي يرمقني بنظرات الشك بتوقيع ترخيص لأعود إلى بيتنا في عيد الفطر.. كنت أود العودة إلى منزلنا وتقضية العيد في منزل والداي في محافظة باجة (شمال غرب) التي تبعد عن العاصمة 120 كيلومترا”، قالت سامية التي تبلغ من العمر 25 عاما وتعمل في شركة اتصالات. وتابعت “سيكون العيد كئيبا جدا لو بقيت في تونس وحدي”. تجوال ممنوع وأضافت “لحسن الحظ كان الضابط يتمتع بروح الدعابة، تفهم الأمر ومكنني من الترخيص الذي يسمح لي بالتنقل إلى باجة قبل العيد بيومين”. وأفاد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية في تونس خالد حيوني بأنّ التراخيص الاستثنائية التي وقع إسنادها إلي العاملين في القطاع العام أو الخاص للتنقل إلى مقرات عملهم لا تسمح لهم بالتنقل بين المدن والمحافظات خلال فترة العيد. وهذا الأسبوع، بدأت الحركة تدب في أسواق تونس ومراكزها التجارية الكبرى حيث اندفع التونسيون إلى المحال لاقتناء الملابس لأطفالهم، مؤكدين تمسكهم بتقاليد العيد رغم وضع اقتصادي صعب تعاني منه الأسر التي تضررت من فقدان دخلها بسبب فايروس كورونا. والاثنين سمح بفتح المحلات ليلا إلى حدود الساعة الحادية عشرة مساء. وقالت الناطقة الرسمية باسم الحكومة أسماء السحيري إنّه “يمكن اعتبار أن الوضعية حاليا تحت السيطرة”. وأعلنت دول عربية فرض حظر التجوال الشامل على مدار 24 ساعة في عطلة عيد الفطر التي تستمر خمسة أيام، ووقف الحركة طوال أيامه؛ منعا لحدوث التجمعات. وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية ”واس“، قال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السعودية إنه “في ما يخص الفترة من بداية السبت 30 رمضان الموافق لـ23 مايو وحتى نهاية الأربعاء 4 شوال الموافق لـ27 مايو 2020، سيمنع التجوال الكامل طوال اليوم في مدن ومناطق المملكة كافة، مع التأكيد على ضرورة الاستمرار في الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي“. وسيغيب عن عيد الفطر هذا العام العديد من الطقوس، بالإضافة إلى العادات والتقاليد المحلية. وفي العراق، تعيش معظم المناطق العراقية عيدا مختلفا بسبب إعلان حظر شامل للتجوال، ما يعني بقاء الجميع في منازلهم. وفي السنوات القليلة الماضية كانت الشوارع تعج بالمواطنين وعوائلهم، فرحين بهذه الأيام، وكذلك فإن المطاعم تجد الكثير منها ممتلئة في مثل هذه الأيام. الحظر الإجباري للتجوال ولّد أفكارا عديدة لدى المواطنين بغية تقضية عطلة عيد الفطر المبارك، لاسيما وأنها ستمتد من الجمعة حتى اليوم الأخير من الشهر. ويقول إبراهيم إنه أعدّ حديقته بشكل مميز لاستقبال الأقارب والأصدقاء والتمتع بأيام العيد. وأعلنت رئاسة الوزراء الجزائرية في بيان الأربعاء “إجبار المواطنين على ارتداء الكمامات في الأماكن العامة والمحال التجارية اعتبارا من أول أيام عيد الفطر التي تحل الأحد، لمواجهة انتشار فايروس كوورنا”. وأضاف البيان “سيتعرض المخالفون لهذا الإجراء الصارم إلى عقوبات قانونية”، دون توضيح تلك العقوبات. والثلاثاء، أعلنت الحكومة الجزائرية توسيع ساعات حظر التجوال إلى 18 ساعة يوميا خلال عيد الفطر، في إطار إجراءات مواجهة كورونا. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن حظر التجوال للمواطنين سيبدأ الساعة الخامسة بدلا من التاسعة مساء اعتبارا من الأحد المقبل وحتى الجمعة 29 مايو في إطار جهود التصدي لفايروس كورونا. كما تقرر إغلاق المحال التجارية والمطاعم والحدائق العامة والشواطئ والمتنزهات تماما خلال الأسبوع الذي يحل فيه عيد الفطر. وتقرر إيقاف حركة النقل الجماعي والرحلات والتنقل بين المحافظات للحد من فرص انتشار الفايروس. وقال مدبولي إن مصر ستواصل تطبيق حظر حركة المواطنين اعتبارا من الساعة الثامنة مساء لمدة أسبوعين بعد أسبوع العيد. عيد دون صلاة Thumbnail رفعت بلدان الخليج العربية شعار “ألا صلوا في بيوتكم.. ألا صلوا في رحالكم”، ففي ظرف تاريخي لم يشهد له العالم مثيلا، لن يستطيع المسلمون أيضا أداء صلاة العيد في المساجد والساحات، ليتبادلوا التهاني والتبريكات بحلول العيد؛ حيث أن كل الجوامع مغلقة منذ مارس الماضي إلا للأذان، للحد من تفشي كورونا. وفي ظل استمرار الجائحة وقرارات التزام الحجر المنزلي وحظر التجول خلال أيام العيد، سيصلي الناس صلاة عيد الفطر في بيوتهم مع التكبير والتلبية التي قد ترفعها المساجد عبر مكبرات الصوت. وسبق أن قال المفتي العام للمملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في أبريل الماضي إنه إذا استمر الوضع القائم وكانت إقامة صلاة العيد في المصليات والمساجد المخصصة لها غير ممكنة، “فإنها تُصلَّى في البيوت من دون خطبة بعدها”. وأجاز المغرب الأربعاء صلاة عيد الفطر في المنازل، تفاديا لانتشار فايروس كورونا، وأفتى المجلس العلمي الأعلى بالمغرب (أعلى هيئة علمية) في بيان بإقامة صلاة عيد الفطر في البيوت، تفاديا لانتشار جائحة كورونا. وأعلن المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف في سوريا الإثنين تعليق صلاة عيد الفطر جماعة في المساجد على غرار دول أخرى مثل مصر والجزائر وذلك في إطار تدابير التصدي لفايروس كورونا. ووفق الوكالة الرسمية السورية، أشار المجلس إلى أنه “يمكن صلاتها على هيئتها في البيت مع الأهل جماعة من دون خطبة أو فرادى”. ويندرج قرار المجلس في إطار الإجراءات الاحترازية للتصدي لفايروس كورونا. كما لن يتمكن المسلمون أيضا من زيارة المقابر بعد صلاة العيد، حيث عتاد البعض ذلك، من خلال زيارة قبور الأقارب والأصدقاء من الراحلين، لقراءة القرآن والدعاء لهم.
مشاركة :