رافقت فيلم The Assistant «المُساعِدة» حملة تسويقية تشير إلى أنه مُستلهَم من فضيحة المنتج الأميركي الشهير، هارفي واينستين، التي تفجرت في أكتوبر عام 2017، وحُكم عليه بالسجن 23 عاماً. يبدأ الفيلم بفتاة تدعى جين (جوليا غارنر)، تعمل مساعدة بشركة إنتاج أفلام في نيويورك، والذي تابع فضيحة واينستين يعلم أن شركته ميراماكس هي المقصودة. تعمل جين في وظيفتها منذ خمسة أسابيع فقط، وتبدو كطير مرعوب في قفصه. تشاهدها طوال ساعة كاملة فلا ترى أحاسيس ولا مشاعر في وجهها، لا ترى سوى خوف وخضوع، تراها ترتكب أخطاء وتضطر إلى الاعتذار في مشهد غريب، إذ تبدو عاجزة عن كتابة حتى رسالة اعتذار، وترى زميليها في العمل واقفين بجوارها يمليان عليها الكلمات التي تكتبها في البريد الإلكتروني. من الواضح أنها جديدة، ومطلوب منها بالإضافة إلى أعمالها الأساسية بعض الأعمال المقللة من قيمتها، فمثلاً تطلب غداء لزميليها ولرئيسها في العمل، كما تنظف مكتبه بعد الغداء، وتجد فيه آثاراً لأشياء تتضح لاحقاً عبر الفيلم. ترتب جين أمور السفر لرئيسها، وتستقبل الضيوف وتأخذهم إلى فنادقهم التي حجزت غرفها بنفسها، تخدم جين ضيوف رئيسها وتحضر لهم الطعام وتأكل ما تبقى منه في حال لم يلمسوه. تُمضي جين ساعات طويلة في مكتبها، ويبدو أنها اعتادت ذلك أو تم إخبارها بذلك فور توظيفها، وقبلت بالعرض رغم مشكلاته، نعلم بذلك بشكل غير مباشر، عندما تقول إنها فوتت عيد ميلاد والدها، كما نعلم بذلك عندما نراها تخرج متأخرة جداً من مكتبها وتطفئ الأنوار. يعامل الموظفون جين بنوع من الدونية، فهي تتكلم معهم ويردون عليها دون رفع أعينهم من شاشة الكمبيوتر. هناك سبب لتغاضي جين عن الإذلال المصاحب لوظيفتها، نعلمه من خلال حوار مع قسم الموارد البشرية، أنها تريد أن تترقى من مساعدة إلى منتجة أفلام في شركة من الواضح أنها مرموقة، وهذا سبب تحمل جين هذه المعاملة. تجري أحداث الفيلم في يوم واحد (80 دقيقة تماماً حتى المشهد الأخير)، بالطبع لا نرى رئيسها لكن نسمع صوته يقول كلاماً ليس كله مفهوماً، لا يستقر في مكتبه فترات طويلة، صوته مرعب في الهاتف عندما يوبخ جين على محاولاتها التلصصية على حياته الخاصة، التي يلمح لنا الفيلم أنها جزء لا يتجزأ من حياته في العمل. بعد توبيخها فإنه يقول لها بعض الكلمات اللطيفة، وكأنه يعدها بشيء ستحصل عليه لو لزمت الصمت، موضوع الصمت هذا يبدو محيراً، فالكل يعلم بما يجري في الشركة لكنهم صامتون أو منكرون. في مشهد يجمع جين بمساعدة جديدة (تجسدها كريستين فروسيث) في سيارة ليموزين متجهة إلى الفندق، تقول المساعدة إنها كانت نادلة قبل أن تتهيأ لها ظروف العمل في الشركة. تسأل المساعدة الجديدة جين عن الفندق الذي نزلت فيه قبل توظيفها في الشركة، فترد الأخيرة بأنه لم يكن هناك فندق وتصمت. لكن ما الذي يحدث؟ يتضح الأمر في مشهد دخول جين على موظف الموارد البشرية ويلكوك (ماثيو مكفيدين)، لتخبره بما رأته وتراه منذ خمسة أسابيع من دون إبداء رأيها بوضوح. يحدثها ويلكوك بمنطقه، أي أن الأمر عادي والكل يعرفه، تقول له جين إن مساعدة جديدة من إيداهو تم توظيفها لأنها صغيرة وجميلة، رغم أنها لا تحمل أي خبرة، وتم تسكينها في فندق كذا، وإنها تعلم أن رئيسها غادر المكتب وذهب إلى الفندق نفسه حسب كلام الموظفين. الموضوع واضح للاثنين وللمشاهد، لكن السؤال من ويلكوك هو: هل فعلت الفتاة شيئاً يضر الشركة؟ تعيد جين الحكاية من بدايتها غير مصدقة أن ويلكوك لم يفهم المقصود، فيقول لها: هل أنت في مكتبي لهذا السبب؟ تدمع عينا جين، فيقول لها ويلكوك: هل تغارين؟ تنكر جين ذلك وتقول إنها قلقة على الفتاة، وتغادر، قبل مغادرتها يقول ويلكوك لا تقلقي، فأنت لست من صنفه المفضل. المشهد هو ذروة الفيلم، ومنفذ ومكتوب بشكل جميل، لكنه يعطي انطباعاً أن صانعة الفيلم، الأسترالية كيتي غرين، مترددة في كشف المستور. هذا الموضوع تحديداً لم يعد بحاجة إلى تلميحات وإشارات خجولة أو إيحائية بعد حملة «مي تو». يريد الفيلم منك أن تستنتج بنفسك ما يحدث، فالصورة واضحة في تصورك رغم محاولات الشخصيات إخفاءها. الفيلم بأكمله من وجهة نظر جين، وهذه نقطة قوية، فلا نرى شخصية تبرر وجهة نظر مضادة أو تكذب ما تراه جين. نعم هناك إقرار بممارسات مشبوهة في هذه الشركة، لكن الجميع يفضّل التجاهل والاستمرار في العمل. الهدف هو التركيز على تجربة جين في الشركة ورؤية ما تراه من خفايا لا تستطيع إثباتها إلا من خلال الأغراض الشخصية التي تسقط من الفتيات اللاتي يزرن رئيسها في مكتبه، الذي يسخر منه موظفوه في غيابه، وفي مشهد يدخلون مكتبه ويحذرون بعضهم من الجلوس على الأريكة وهم يضحكون. بالطبع كما هو معروف في أفلام كثيرة، عندما تحجب الكاميرا المقصود من الفيلم، أي رئيس جين، وتتجنب ظهور وجهه وتكتفي به من بعيد، فذلك يعكس أن حتى الكاميرا لا تستطيع مواجهته أو إظهاره لبشاعة أفعاله. كان من الأفضل أن تنهي غرين فيلمها بمشهد الذروة بين ويلكوك وجين، فهو الأقوى بحواره بين رجل يعلم وينكر الحقيقة، وبين موظفة تعلم وتشير إليها تلميحاً. هذا التناقض بين منطقي التفكير هو أقوى نقطة في الفيلم، أو أن تنهيه بمشهد حوار الليموزين فهو الآخر قوي. نهاية الفيلم ضعيفة وتوحي بضياع الشخصية وحيرتها وعجزها عن كشف المستور، ومن حق المشاهد أن يتخيل أن مصير جين سيكون مثل المساعدة الجديدة، يعني أنها قد تتنازل عن أمر ما لرئيسها كي يمنحها فرصة التحول إلى منتجة أفلام، وهي نهاية تناقض الواقع الجديد الذي لم يعد يتسامح مع هذه التصرفات القبيحة. لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط. يريد الفيلم منك أن تستنتج بنفسك ما يحدث، فالصورة واضحة في تصوّرك رغم محاولات الشخصيات إخفاءها. نهاية الفيلم ضعيفة، وتوحي بضياع الشخصية وحيرتها، وعجزها عن كشف المستور، وهي نهاية تناقض الواقع الجديد. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :