لتسكت المدافع

  • 5/24/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

د. ناجي صادق شراب «دولة الإمارات ملتزمة بالمبادئ والأهداف التي ترمي إلى تعزيز وتقوية أواصر التضامن بين الشعوب المسلمة، في إطار تشجيع التعاون والتنسيق في حالات الطوارئ الإنسانية». العبارة لسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وردت في رسالتين بعث بهما لأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي، وأمين عام الجامعة العربية، يؤكد فيهما تمسك دولة الإمارات بالقيم الدينية والإنسانية، ومد يد التعاون في زمن الأزمات وزمن الكورونا. العبارة تحمل في طياتها على قلتها دلالات سياسية عميقة: تأكيد البُعد الإنساني الثابت في السياسة الخارجية لدولة الإمارات منذ أن وضع مداميكها المؤسس الأول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي رسخ مبدأ التعاون والإنسانية في علاقات دولة الإمارات بالعالم، وريادتها ومبادراتها على كافة المستويات. هذا البُعد هو ما تتفرد به دبلوماسية دولة الإمارات. وهذه الدبلوماسية تقابلها دبلوماسية الأزمات التي تقوم على أسس ومبادئ ثابتة. وليس مستغرباً أن يكون وزير الخارجية الإماراتي رئيساً للجنة التطوع الخيري، التي أنشئت في زمن كورونا. ولم يقتصر اهتمام دولة الإمارات بالدبلوماسية الإنسانية في صورتها البروتوكولية الشكلية؛ بل أسست لها من خلال المنهاج الأكاديمي، وتدريب السلك الدبلوماسي على العمل الإنسانى، وتضمين الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في الدولة مناهج تتعلق بهذا الحقل، وتخصيص درجة الماجستير في العمل الإنساني والتنموي. ولعل أهم مقومات نجاح الدبلوماسية الإنسانية يتمثل في قناعة وإيمان صانعي القرار بأهمية وحتمية العمل الإنساني الدائم، والتعاون مع المنظمات الدولية والإنسانية؛ لمساعدة المستضعفين والمحتاجين في أي مكان في العالم من دون قيد للاعتبارات الإثنية أو اللون أو الدين. ولاشك تعد هذه الدبلوماسية إذا جاز التعريف بدبلوماسية الإنقاذ، وخصوصاً للدول الفقيرة والمستضعفة، والتي لا تملك القدرات، ولا البنية التحتية اللازمة؛ لمواجهة هذا الوباء المميت. وهنا نرى المبادرات التي قامت بها دولة الإمارات منذ أن انتشر هذا الوباء وشملت نحو خمسين دولة، وصلت إليها المساعدات الطبية والغذائية من دولة الإمارات دون أي تمييز، حتى الدول التي تسودها علاقات خلاف مثل إيران وصلتها قوافل المساعدات. وهذا البُعد الأهم في الدبلوماسية الإنسانية، التي يمكن أن تساهم في نشر القيم الإنسانية، واحتواء قيم العنف والكراهية. ولعل أهم ما يميز الدبلوماسية الإنسانية لدولة الإمارات أولاً التنسيق والاستفادة من الخبرات الدولية، وثانياً اعتمادها منهجاً في الإعداد الدبلوماسي، وثالثاً، الإيمان المطلق للقيادة بتبنيها في السلوك السياسي للدولة، وفي التعامل معها على أساس علمي مدروس، وأخيراً في توفير الآليات والوسائل الكفيلة بإنجاحها؛ وأهمها: صندوق أبوظبي للتنمية؛ وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي؛ ومؤسسة خليفة؛ ومؤسسة محمد بن راشد. وقد وصلت مبادرات محمد بن راشد إلى 200 مشروع إغاثي وتنموي في العالم، واستفاد منها 70 مليون شخص في 108 دولة. والعديد من المؤسسات الوقفية التي تتوفر لها كل الإمكانات والجاهزية في أي وقت لتقديم المساعدة. وما يميز هذه الدبلوماسية؛ هو تنافس القطاع الخاص ومؤسساته ورجال الأعمال في إنجاحها. وهذا الموقف الإنساني جعل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على مدار خمس سنوات تضع اسم دولة الإمارات في مقدمة الدول المقدمة للمساعدات والمردود الإيجابي لهذه الدبلوماسية؛ يتجسد في الاعتراف العالمي بدور دولة الإمارات، وكسبها الثقة السياسية، والقبول بدورها في تسوية المنازعات الدولية، وفي الاعتراف العالمي بجواز الدولة، ودخول حامليه من دون تأشيرة. إن الإنسانية تعلو على ما عداها من القيم. وعندما تحضر الإنسانية تسكت المدافع. drnagishurrab@gmail.com

مشاركة :