أعطت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) موافقتها على إطلاق رائدي فضاء، الأسبوع المقبل، على متن صاروخ مصنع من «سبايس إكس»، في محطة أساسية على طريق إنهاء الاعتماد الأميركي على روسيا منذ 2011 لبلوغ محطة الفضاء الدولية. وقد اجتمع كبار المسؤولين في الوكالة الفضائية والشركة التي أسسها إيلون ماسك سنة 2002، منذ الخميس، في مركز كينيدي الفضائي للتأكد من أن كل شيء جاهز وآمن لإجراء الرحلة المأهولة الأولى، عبر كبسولة «كرو دراغون» الفضائية الجديدة المصنعة من «سبايس إكس». وقال رئيس الناسا جيم برايدنستاين، خلال مؤتمر صحفي افتراضي داخل قاعة فارغة في المركز الفضائي بسبب وباء كوفيد-19، إن «كل الأنظمة الأساسية والفرعية خضعت للتقييم، وفي نهاية المطاف أعطينا الضوء الأخضر». ويقبع رائدا الفضاء روبرت بينكن ودوغلاس هورلي في الحجر الصحي الصارم منذ 13 مايو، غير أن عزلهما بدأ في منتصف مارس، على ما ذكرا من جانبهما. وقال هورلي: «لم يقبع أي طاقم فضائي في الحجر الصحي لفترة أطول منا في التاريخ». وقد خضع رائدا الفضاء لفحص فيروس كورونا المستجد مرتين، «كما أن أنباء تقول إننا سنخضع لفحص جديد قبل الإقلاع». أما لناحية الإبقاء على المهمة رغم مشكلات الحجر، فقال بوب بينكن: «عندما تتوفر الإرادة يصبح كل شيء ممكناً». وفيما طلبت ناسا من العامة عدم التجمهر لمتابعة عملية الإطلاق من فلوريدا، اعتبر جيم برايدنستاين أن هذه الخطوة تشكل «لحظة للقيام بأمور مذهلة كأمّة، وإلهام العالم أجمع». وسينقل الرجلان إلى الفضاء على متن صاروخ «فالكون 9» مصنع من «سبايس إكس»، الأربعاء المقبل، عند الساعة 16.33 (20.33 ت غ) في اتجاه محطة الفضاء الدولية، حيث من المتوقع أن تلتحم مركبتهما في اليوم التالي. وستكون هذه المرة الأولى التي يقلع فيها رواد فضاء أميركيون من الولايات المتحدة منذ سحب المركبات الفضائية من الخدمة سنة 2011، بعد ثلاثة عقود من العمل. مذاك، وحدهم الروس يملكون وسيلة نقل لرواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، كما أن عشرات الرواد من الولايات المتحدة وبلدان أخرى تعلموا الروسية واستخدموا صواريخ سويوز للانطلاق من قاعدة بايكونور في كازاخستان، بغية التوجه إلى المحطة التي يشغلها باستمرار منذ العام 2000 رواد فضاء أميركيون وروس. وتموّل ناسا منذ عهد باراك أوباما الرئاسي، «سبايس إكس» (3.1 مليارات دولار من العقود) و«بوينغ» (4.9 مليارات دولار) لإعطاء الولايات المتحدة نفاذاً مستقلاً إلى الفضاء. وكان مقرراً أن يبدأ تسيير المركبات الفضائية الأميركية في هذا البرنامج اعتباراً من 2015. وقد وصف نيل أرمسترونغ، أول إنسان مشى على سطح القمر، هذه المهلة سنة 2010 بأنها «مذلة وغير مقبولة». وقد استمر التوقف في نهاية المطاف تسع سنوات، شرط تسيير رحلة «سبايس إكس» بنجاح. ويتدرب دوغلاس هورلي وبوب بينكن منذ خمس سنوات على «كرو دراغون»، وهي نسخة مطورة عصرية للغاية عن كبسولات «أبولو» في الستينيات. وفي الداخل، حلت شاشات عاملة على اللمس محل الأزرار ومقابض التحكم اليدوي. وخلافاً للمركبات، هذه الكبسولة مزودة نظام قذف طارئ للركاب في حال حصول مشكلة مع الصاروخ عند الانطلاق. وبعد أشهر عدة، ستعود «كرو دراغون» إلى المحيط مثل «أبولو» مع إبطاء حركتها بالاستعانة بأربع مظلات ضخمة. ومولت وكالة الفضاء الأميركية تطوير المركبات على أساس عقد خدمات يضمن ست رحلات، ذهاباً وإياباً، إلى محطة الفضاء الدولية للحد من النفقات العامة. وإذا ما نجحت «سبايس إكس» في المهمة التي تنطلق الأسبوع المقبل، تحت اسم «ديمو -2» بعد «ديمو 1» التي حصلت من دون إشكالات في مارس 2019 بالاستعانة بدمية، ستصبح أول شركة خاصة تنقل رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. وقد فشلت «بوينغ» المطورة لكبسولة «ستارلاينر» في مهمتها التجريبية غير المأهولة في ديسمبر، على أن تعيد المحاولة لاحقاً. ولن يتوقف التعاون مع روسيا سريعاً، إذ تعتزم ناسا الاستمرار في إرسال رواد فضاء أميركيين عبر صواريخ سويوز. كما أن رواداً غير أميركيين سيستخدمون صواريخ دراغون في المستقبل.
مشاركة :