وقعت 50 دولة بينها السعودية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا في بكين، أمس، الاتفاق الذي يرسي القانون الأساسي لبنك التنمية الآسيوي الجديد، وذلك بناء على مبادرة أطلقتها الصين التي سيكون لها دور مهيمن فيه. وكانت أستراليا أول دولة مؤسسة وقعت بالأحرف الأولى الوثيقة التي ترسي الإطار القانوني للبنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، خلال حفل أقيم في قصر الشعب الكبير في ساحة تيان انمين. فيما تلتها في التوقيع 49 دولة أخرى، ليكون بذلك عدد الدول المؤسسة في الوقت الحاضر 50 دولة، على أن تنضم إليها بحلول نهاية السنة سبع دول أخرى كانت ممثلة في مراسم التوقيع من غير أن تشارك فيها، وهي الدنمارك وبولندا وجنوب إفريقيا والكويت وماليزيا والفيليبين وتايلاند. ورأس وفد السعودية لهذه الاجتماعات الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية بحضور المهندس يوسف بن إبراهيم البسام نائب الرئيس والعضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية، والدكتور سليمان بن محمد التركي، وكيل وزارة المالية للشؤون المالية الدولية. وبنك الاستثمار البالغ رأسماله مائة مليار دولار، سيبدأ العمل بحلول كانون الأول (ديسمبر)، ويفترض أن يساهم في تمويل إشغال تتعلق بالبنى التحتية في آسيا التي تعاني من نقص حاد في التمويل في هذا المجال خاصة في قطاعات المياه والطاقة. وتعليقا على توقيع الاتفاق، قال الرئيس الصيني شي جينبينج، "إن مبادرتنا مصممة من أجل تلبية الحاجات إلى تطوير البنى التحتية في آسيا وتعميق التعاون الإقليمي"، واصفا مراسم التوقيع بأنها "مرحلة ذات أهمية تاريخية". ونجحت الصين بعد إطلاق المشروع في نهاية العام الماضي 2014، في ضم عدد من الدول الغربية إليه، فيما امتنعت الولايات المتحدة واليابان القوتان الاقتصاديتان العالميتان الأولى والثالثة عن المشاركة في المشروع. وأعربت واشنطن عن تحفظات شديدة على البنك الاستثماري، مبدية مخاوفها حيال معايير الحوكمة فيه وافتقاره إلى الشفافية ومنافسته لهيئات أخرى قائمة، كما أنها تخشى أن تستخدم بكين هذا البنك لخدمة مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية. ووفقاً لوكالة الأنباء "الفرنسية"، فإن البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، سيشكل وزنا في مقابل هيمنة الولايات المتحدة وكذلك اليابان، على البنك الدولي والمصرف الآسيوي للتنمية. ولا تخفي الصين نيتها في أن تجعل من هذا المصرف أداة في خدمة "قوتها الناعمة"، وتعزيز مصالح الشركات الصينية التي تبحث عن أسواق جديدة والتي سيعطيها منفذا على مشاريع بنى تحتية ضخمة في آسيا. وسيكون للصين دور مهيمن على البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية الذي سيكون مقره في بكين، حيث إنها المساهم الأكبر فيه وبفارق شاسع عن الدول الأخرى إذ تبلغ حصتها نحو 30 في المائة من رأسماله. وتسمح هذه الحصة للصين بالإمساك بـ 26 في المائة من حقوق التصويت بحسب الحكومة الصينية، ما يمنحها "أقلية معطلة" إذ إن بعض القرارات البنيوية تفترض غالبية 75 في المائة من الأصوات. فيما تعد الهند هي ثاني اكبر مساهم في البنك بـ 8.4 في المائة تليها روسيا 6.5 في المائة، وبين الدول المؤسسة غير الآسيوية فإن ألمانيا هي اكبر دولة مساهمة بـ 4.5 في المائة ثم فرنسا بـ 3.4 في المائة والبرازيل بـ 3.2 في المائة. فيما سيضم "مجلس حكام" ممثلين عن الدول الأعضاء، سيتولى مجلس إدارة من 12 عضوا يتم انتخابهم لسنتين، وبينهم تسعة أعضاء "إقليميين" وثلاثة "غير إقليميين" بهدف الإشراف على نشاطات المؤسسة. بدوره، قال شي ياوبين؛ نائب وزير المالية الصيني معلقا على توقيع الاتفاق، "إن مساهمة الصين وحجمها في الأصوات هما نتيجة طبيعية للقوانين التي قررها مجمل الأعضاء المؤسسين"، مضيفاً "لم نتعمد السعي للامساك بسلطة فيتو"، موضحا أن انضمام دول جديدة في المستقبل سيؤدي تلقائيا إلى تراجع نسبة الحصص الصينية وتعديل التوزيع الحالي للحصص. وأكد شي أن بكين "ستوصي بمرشح متين وقوي" لتولي رئاسة البنك، دون إعطاء المزيد من التوضيحات. من ناحيتها، أبدت جوزيفين تيو وزيرة المالية في سنغافورة ارتياحها للمشروع، وقالت إنه "سيوفر فرصا جديدا لمؤسساتنا وسيشجع على نمو مستديم في جميع أنحاء آسيا". غير أن المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيهيدي سوغا، علق بحذر قائلا "سوف نراقب بكثير من الانتباه ولا سيما طريقة عمل (البنك)".
مشاركة :