«حائك السجّاد» الإيراني يوجّه ضربةً قاسية لأميركا عبر فنزويلا

  • 5/25/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وصلتْ إيران إلى 2200 كيلومتر بناقلاتها النفطية عن حدود الولايات المتحدة، بعدما دخلتْ أول ناقلة تحمل العلم الإيراني إلى فنزويلا لتكسر الحصار والعقوبات على البلاد وتوجّه الرسائل في اتجاهات عدة.الرسالة الأولى وصلتْ عن طريق دول عربية صديقة حملتْ رسائل مباشرة من أميركا إلى «الجمهورية الإسلامية» تقول فيها بكل وضوح إن «أميركا ستعترض أي ناقلة نفط تدخل المياه الفنزويلية مُرْسَلَة من إيران». فردّت طهران بأن ناقلاتها الخمس ستبحر الى فنزويلا «وإذا تم اعتراض أي منها فإن هذا العمل سيُعتبر قرصنة، وبالتالي فإن إيران ستردّ بعنف في مضيق هرمز وبحر عمان وأي مكان تراه مناسباً وسترسل المزيد من السفن إلى أي دولة تريد»، وفق ما صرح لـ«الراي» مصدر إيراني مسؤول.وقرّرت القيادة الإيرانية إرسال الناقلات Clavel, Fortune, Petunia, Forest وFaxul عبر طريقٍ تتواجد فيه القوات البحرية الأميركية بكثافة وتملك السلطة على البحار، فمرّت الناقلاتُ من قناة السويس تحمل العلم الإيراني وعَبَرَتْ منطقةَ النفوذ الأميركي في باب المندب فمنطقة النفوذ البريطاني في مضيق جبل طارق ودخلت بحر الاتلانتيك ومرّت بسلام، بعدما أغلقت طهران أذنيها للتهديد الأميركي المباشر وعبر الوسطاء، وطلبت من «محور المقاومة»، بحسب المصدر نفسه، الاستعداد ليكون الردّ شاملاً وعلى محاور عدة، إذا حاول الأميركيون اعتراض السفن الإيرانية، وذلك لأن الأمور من شأنها أن تتدحرج نحو الأسوأ بلا شك بعد الردّ الإيراني.ووصلت الناقلة الأولى Fortune إلى البحر الكاريبي ومرّت أمام أربع سفن حربية أميركية لم تعترض سيْرها إلى أن دخلت يوم عيد الفطر المياه الفنزويلية، وهي تحمل ليس فقط النفط بل أيضاً مواد كيماوية وقطع غيار تحتاجها فنزويلا لإعادة تأهيل محطات التكرير المتوقّفة عن العمل بسبب العقوبات الأميركية وبسبب عدم استجابة محطات التكرير الموجودة في أميركا والتابعة ملكيتها لكراكاس لمتطلبات السوق المحلية، ما سبّب أزمةً خانقة داخلية هدفت فيها أميركا الى زعزعة النظام التابع للرئيس الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو.وتَعتبر إيران دخول الناقلات الإيرانية بسلام تحدّياً مباشراً ورداً أقوى على أميركا من إسقاط طائرة من دون طيار متقدمة جداً أو ضرْب قاعدة عين الأسد في العراق كردّ على اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. ويقول المصدر المسؤول إن «إيران كانت تُطالب الحلفاء بالردّ على أميركا بالمباشر منذ زمن بعيد. إلا أن البلاد كانت تتحضّر لهذا اليوم الذي تتم فيه المواجهة المباشرة بعدما أصبحت إيران مستعدّة، وكذلك بات كل حلفائها في الشرق الأوسط يملكون القوةَ النارية والاستعداد العسكري الكافي لمواجهة أميركا وحلفائها في الشرق الأوسط - إسرائيل - في حال إندلعتْ الحرب». ويضيف: «واليوم، بعدما اعتقدتْ أميركا أن عقوباتها القصوى قد أرهقت الجمهورية الإسلامية على مدى 40 عاماً، أصبحنا في موقع نستطيع أن نقول لجميع حلفائنا إن الدعم سيزداد لهم وان القدرات التي تملكها إيران يملكونها هم أيضاً وان الدعمين المالي والعسكري موضوع تحت تصرفهم لبدء زمن الحصاد بعدما انتصر محور المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية والعراق».طلبت فنزويلا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المساعدة، فاعتذر، لأنه لا يرغب في مواجهة أميركا وإرسال سفن له إلى الكاريبي، وتالياً فقد توجّه مادورو إلى إيران التي كان الرئيس الراحل هوغو تشافيز قد ساعدها بإرسال النفط لها والمواد اللازمة لتكرير نفطها العام 2008 عندما تعرّضت لعقوبات قاسية نفطية وبدأت مشوارها لإنشاء مصانعها الخاصة لتكرير نفطها بنفسها. ومنذ ذلك الوقت، استطاعت إيران بناء 11 مصفاة وتُعتبر ثالث أهم دولة في العالم طوّرت تكنولوجيا الغاز السائل (GTL).إن ناقلات إيران لفنزويلا تحمل رسائل تجارية ولكن باطنَها أمني وثقافي. فقد فرضت طهران، وفق المصدر عيْنه، قواعد اشتباك جديدة على أميركا منذ اغتيال اللواء سليماني في مطار بغداد والردّ بضرب أكبر قاعدة أميركية في العراق. وهي تقول اليوم للأعداء ولجيرانها إنها لن تسمح بالتدخّل في شؤونها وان أي ضربة تتلقّاها لن تمرّ من دون عقاب وانه ينبغي إيجاد تفاهمات شرق أوسطية بعيدة عن التدخّل الأميركي. فزمن التهديد ولىّ وأظهرت إيران أنها لن تستسلم بعد اليوم لأي إجراء يُتخذ ضدّها أو ضد حلفائها وأن أي هجوم تتعرّض له ستردّ عليه. وبذلك تكون بدأت قواعد اشتباك جديدة تفرضها هي على أميركا، المرة الأولى عند ضرْب قاعدة عين الأسد والمرة الثانية يوم وصلتْ ناقلات النفط الإيرانية إلى فنزويلا، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.ويؤكد المصدر المسؤول أن «إيران وضعتْ خطة مستقبلية لأي فعل أو رد فعل سيقع من قبل أعدائها. فهي لن تتغاضى عن أي ضربة تُوجه إليها بعد اليوم في أي موقع كان وتالياً فقد اتخذت تدابير خاصة في سورية لتكون لحلفائها مهمة مواجهة أي ضربة إسرائيلية تُوجّه إليها (سيوضَح هذا الموضوع في مقال لاحق). وقد رفعت الجهوزية لديها ولدى حلفائها في كل المحور ولا سيما بعدما تغيّرت الحال المعنوية لإيران وحلفائها».لقد انتهى عهد طلب إيران من حلفائها وحدهم الردّ عنها، بل نزلت إيران إلى ساحة المواجهة بنفسها. فحائك السجاد لا يستعجل المواجهة وقد انتظر 40 عاماً لإنهاء سجادته بصبر وتصميم لتصبح قدراته جاهزة. وتالياً فإن المستقبل سيُظهر إيران أكثر تشدُّداً، وسيتجلى ذلك في انتخاب مجلسِ نوابٍ متشدّد أكثر وحكومة أكثر صلابة ومواجهة، وتالياً فإن أي تفاوض مع أميركا سيكون مهمةً شاقةً للمُفاوِض الأميركي - الدولي.فإذا انتصر ديموقراطيّ أو جمهوريّ ووصل إلى البيت الأبيض، فسيجد إدارةً إيرانية متشدّدة لا تثق بالأميركي الذي لا يزال ينتظر قرب الهاتف ليتصل به المُفاوِض الإيراني. وبعدما أعطى الرئيس حسن روحاني الفرص لواشنطن، فإنها ضربتْ بعرض الحائط كل الاتفاقات، ولذلك أي اتفاق مستقبلي سيكون صعباً جداً.لقد نقلت إيران معدات مهمة جداً تساعد فنزويلا على إصلاح مصافي التكرير وتُمَكِّنُها من الاستقلالية عن أميركا. ولن تكون هذه الناقلات الخمس الرحلةَ الوحيدة بين إيران وفنزويلا بل ستكون هناك ناقلات أخرى مستقبلية بين البلدين اللذين تربطهما اليوم العقوبات الأميركية ورفْضهما للاستعمار والخضوع لأميركا التي ذهب ريحها.وبعدما زرعتْ إيران جذوراً قوية في أفغانستان وفلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن، فإنها تنتشر الآن نحو فنزويلا وستدعم مادورو، الحليف الاستراتيجي وليس الإيديولوجي، للوقوف ضدّ الهيمنة والعقوبات. ومن المتوقَّع أن تتبع المزيد من الناقلات في المستقبل القريب جداً إلى الصين وفنزويلا. إيران حريصة على مواجهة الرئيس دونالد ترامب وجرّه إلى مواجهة قبل أشهر فقط من الانتخابات. إن سوء إدارته لأزمة وباء «وكوفيد - 19»، ورفض الولايات المتحدة الاتفاقات الموقّعة سابقاً مع روسيا، وموقف ترامب العدائي تجاه الصين ومنظمة الصحة العالمية ورفْضه للاتفاق النووي الإيراني، كلها فرص مهمة لتحدي إعادة انتخابه لزعامة البيت الأبيض نهاية هذه السنة. ولهذا فإن طهران تعدّ المزيد من المفاجآت للرئيس الأميركي، لإظهار أن سياسته تعرّض الشرق الأوسط للخطر، وكذلك سلامة وأمن الولايات المتحدة والحلفاء في أوروبا وبقية العالم.

مشاركة :