الكاردينال تاغل: البابا يؤكد أهمية الرسالة في الحياة المسيحية

  • 5/27/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أشاد الكاردينال لويس أنطونيو تاغل عميد مجمع تبشير الشعوب برسالة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان للأعمال الرسولية البابويةوقال ناغل في حوار لموقع فاتيكان نيوز ولصحيفة الأوسيرفاتوريه رومانو ان رسالة البابا فرنسيس لتعطى هزّة مفيدة ودفعة جديدة للالتزام الرسولي للكنيسة وتحدث عن بعض النقاط الأساسية لهذه الرسالة التي وجدت صدى كنسيًّا كبيرًا، موضحا انه بالنسبة لعميد مجمع تبشير الشعوب علينا أن نعيش ما طلبه البابا أي أن نكتشف مجدّدًا الروح الرسولي الحقيقي: إعلان البشرى السارة لجميع الناس.حول ما تأثر به في رسالة البابا قال الكاردينال لويس أنطونيو تاغل: هناك العديد من الأمور التي جذبتني في رسالة البابا فرنسيس للأعمال الرسولية البابوية، لكنني سأذكر بعضها أولا أن الأب الأقدس كان قد قبل الدعوة بأن يتوجّه للمدراء الوطنيين للأعمال الرسولية البابوية خلال جمعيّتهم العامة التي كانت ستعقد في شهر مايو الجارى وأُلغيت بسبب الوباء، لكن وبدلًا من أن يستفيد من إلغاء مقابلة ليستريح قرّر البابا أن يكتب ويوجّه رسالة، وبالنسبة لي هذه الوثيقة لا تحتوي على كلمات الحبر الأعظم ونواياه وحسب وإنما على شغفه بالرسالة واهتمامه بالأعمال الرسولية البابوية. وبالتالي لدى قراءتنا لهذه الرسالة علينا أن نضع أنفسنا في إصغاء إلى روحه وحماسه ورجائه. ثانيًا أعتقد انّه وبالرغم من أن الرسالة موجّهة بشكل خاص للمدراء الوطنيين للأعمال الرسولية البابوية لكن البابا يريد أن تقرأها الكنيسة وشعب الله بأسره وأن يتأملا بها، وبالتالي ستشكل دليلًا للمدراء الوطنيين للأعمال الرسولية البابوية ولكن كأداة فحص ضمير ايضًا للكنيسة بأسرها حول الروح الرسولي والالتزام الرسولي.ما الذى ينبغي فعله لكي تتجنّب الأعمال الرسولية البابوية خطر المنفعيّة الوظيفية والفعالية في مشاريعها الجديدةمن الأهمية بمكان أن نقول إنّ البابا فرنسيس لا يعارض الفعالية والأساليب التي بإمكانها أن تجعل رسالتنا مُثمرة وشفافة، ولكنّه يحذِّرنا من خطر أن نقيس رسالة الكنيسة بواسطة معايير ونتائج تحدّدها نماذج أو مدارس إداريّة بغض النظر عن كونها صالحة ومفيدة. يمكن لأدوات الفعالية أن تساعد ولكن لا ينبغي عليها أن تستبدل رسالة الكنيسة. يمكن للمنظّمة الكنسيّة الأكثر فعاليّة أن ينتهي بها الأمر بأن تكون الأقل إرساليّة، وبالتالي إذ شدّد البابا على أن الرسالة هي عطيّة من الروح القدس يعيدنا الأب الأقدس إلى بعض الحقائق الأساسية وهي أن الإيمان بالله هو عطيّة من الله نفسه، وأن الله هو الذي يُدشّن ويحقق ملكوته، وأن الله قد خلق الكنيسة، وأن تعي الكنيسة رسالتها وتعلن الإنجيل وتذهب إلى اقاصي الأرض لأن الرب القائم من الموت يرسل الروح القدس من عند الآب. وبالتالي ففي أصل الكنيسة ورسالتها هناك عطيّة الله وليس مشروعًا بشريًّا. إن يسوع يأتي للقائنا كمحبّة الآب، ولكن لدينا دور ينبغي علينا القيام به: أن نصلّي ونميّز العطية الإلهية وننالها في الإيمان ونعمل عليها كما يرغب الرب. وبالتالي لكي نتجنّب خطر المنفعيّة الوظيفية علينا أن نعود إلى ينبوع حياة ورسالة الكنيسة: عطيّة الله في يسوع وفي الروح القدس. بدون هذا الينبوع المحيي سيسبب عملنا التعب والملل والمنافسة واليأس، ولكن إن تجذّرنا بثبات في عطيّة الروح القدس يمكننا أن نعيش رسالتنا وآلامها بفرح ورجاء.هل الأعمال الرسولية البابوية مستعدّة لتُسائل نفسها من أجل دفع جديد في رسالتها الأساسيّة في خدمة الكنيسةربط الرسالة بعمل الروح القدس يذكرنا البابا فرنسيس بأن الكنيسة هي هيكل الروح القدس وشعب الله والفاعل الناشط للرسالة. وبالتالي يتمُّ تذكير الأعمال الرسولية البابوية والمجموعات الأخرى التي تعنى بالرسالة أن الرسالة ليست من كفاءتهم وأنهم ليسوا المعززين الوحيدين للرسالة. إن الكنيسة كبناء حي للروح القدس هي رسوليّة منذ بداياتها التاريخية. ويذكر البابا ببدايات الأعمال الرسولية البابوية في المساعدة والصلاة والأعمال الخيرية تجاه الأشخاص البسطاء. إن الأعمال الرسولية البابوية قد ولدت بفضل نساء ورجال عاشوا القداسة في حياتهم اليومية العادية، قداسة دفعتهم لمشاركة عطيّة يسوع مع الذين يحتاجون إليه، وقد استخدموا الوسائل التي منحهم إياها الروح القدس: الصلاة وأعمال المحبة. كذلك يشجع الأب الأقدس الأعمال الرسولية البابوية والكنيسة على استعادة معنى وتحقيق الرسالة في الحياة المسيحية اليوميّة، وعلى جعل الرسالة جزءًا بسيطًا وغير معقد من الحياة المسيحية في العائلات وأماكن العمل، في المدارس وفي الشركات والمكاتب وفي الرعايا. أعتقد أن التحدي الكبير هو كيفية مساعدة المؤمنين لكي يعرفوا أن الإيمان هو عطيّة عظيمة من الله، وليس عبئًا. إذا كنا سعداء ومغتنين بخبرة إيماننا، فسوف نشارك هذه العطيّة مع الآخرين. وبالتالي تصبح المرسالة مشاركة لعطية بدلًا من التزام ينبغي علينا القيام به. لنسر إذًا مع إخوة وأخوات المسيرة عينها التي تُسمى رسالة. لأنَّ الرسالة والسينودسية مرتبطتان ببعضهما البعض.كيف تكون الإجابة بشكل ملموس على دعوة البابا إلى تخطي تجربة الذهاب بحثًا عن المحسنين الكبار محولين الأعمال الرسولية البابوية إلى جمعية غير حكومية لجمع التبرعات:في الرؤية المتماسكة للبابا فرنسيس، يُنظر إلى التبرعات على أنها تقادم محبّة ترافق الصلاة من أجل الرسالة. وهذا المنظور يجعل الهبات أو جمع التبرعات جزءًا من عطيّة الإيمان والرسالة. أما عندما يتم استبدال أفق العطيّة بالكفاءة في إدارة المنظمة، تصبح التبرعات مجرّد أموال أو موارد، بدلًا من أن تكون علامات ملموسة للمحبة والصلاة ومشاركة ثمار العمل البشري. يكمن الخطر في أن يتمَّ جمع الأموال باسم الرسالة، ولكن من دون أن تصبح تعبيرًا عن المحبة الرسوليّة من جانب الجهة المانحة. وبالتالي يمكن أن يصبح الهدف بعد ذلك مجرد بلوغ المبلغ المطلوب من المال، بدلًا من إيقاظ الضمائر والفرح الرسولي. إذا تركّز النظر على هدف مالي، تصبح تجربة الاعتماد على محسنين كبار أقوى. لذلك أقترح أن يُكرس المزيد من الوقت والطاقة من أجل أن تُقدم للأشخاص فرصة اللقاء بيسوع وإنجيله وأن يكونوا مرسلين في حياتهم اليومية. إن المؤمنين الذين يصبحون مرسلين ملتزمين وفرحين هم مواردنا الأفضل وليس المال. ولذلك من الجيّد ان نُذكِّر مؤمنينا أنّه حتى الهبات الصغيرة إذا جُمعت مع بعضها البعض تُصبح تعبيرًا ملموسًا للمحبة الشاملة للأب الاقدس لصالح الكنائس المعوزة؛ وبالتالي ما من هبّة تعتبر صغيرة إذا مُنحت من أجل الخير العام.ماذا تنتظر من الرسالة في ضوء ما قاله البابا فرنسيس بانّه لا وجود للكنيسة بدون رسالة ؟ رسالة البابا فرنسيس للمدراء الوطنيين للأعمال الرسولية البابوية تستعيد المواضيع الأساسيّة للإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل"؛ وأعتقد أن هذا الإرشاد الرسولي هو أسلوب البابا فرنسيس المميّز في التعبير عن الإرث الكنسي ورسالة المجمع الفاتيكاني الثاني في زمننا هذا، كما يعبّر أيضًا عن الرسالة العامة للبابا القديس بولس السادس "إعلان الإنجيل" حول رؤيته الرسولية. لقد سمعنا خلال السنوات الستين الماضية التأكيد بأعلى الصوت على أن الرسالة هي هوية وأساس الكنيسة، لأن رسالة الكنيسة هي أن تشارك العطيّة التي نالتها. وتأتي إلى ذهني كلمات القديس يوحنا في رسالته الأولى إذ يقول: "ذاك الَّذي كانَ مُنذُ البَدْء ذاك الَّذي سَمِعناه ذاك الَّذي رَأَيناهُ بِعَينَينا ذاكَ الَّذي تَأَمَّلناه ولَمَسَتْه يَدانا مِن كَلِمَةِ الحَياة، لأَنَّ الحَياةَ ظَهَرَت فرَأَينا ونَشهَد ونُبَشِّرُكمِ بِتلكَ الحَياةِ الأَبدِيَّةِ الَّتي كانَت لَدى الآب فتَجلَّت لَنا ذاكَ الَّذي رَأَيناه وسَمِعناه، نُبَشِّرُكم بِه أَنتم أَيضًا لِتَكونَ لَكَم أَيضًا مُشاركَةٌ معَنا ومُشاركتُنا هي مُشاركةٌ لِلآب ولاَبنِه يسوعَ المسيح. إِنَّنا نَكُتبُ إِلَيكم بِذلِك لِيَكونَ فَرَحُنا تامًّا". وبالتالي آمل أن نتمكّن من العودة إلى بدايات الكنيسة هذه البسيطة والفرحة وإلى رسالتها الرسولية.

مشاركة :