فتح الخلاف بين سكان بلدة لاسا بمنطقة جبيل مجدداً ملف النزاع على العقارات، وأثار توتراً طائفياً أدى إلى تحرك سياسي لاحتوائه، وذلك إثر الاعتداء على مسيحيين من أبناء البلدة كانوا متوجّهين لتسلم مساحات خُصّصت للزراعة في أملاك الكنيسة بالبلدة؛ الأمر الذي استنكره راعي أبرشية جونية المطران أنطوان العنداري ووصفه بالتعدّي على الأرزاق والكرامات.ولاسا، بلدة تقع في جرود جبيل بجبل لبنان، وتسكنها أغلبية شيعية، وتقع ضمن محيط أغلب سكانه مسيحيون، وتمتلك فيها المطرانية المارونية أملاكاً منذ سنوات طويلة.وقال العنداري، في مؤتمر صحافي، إنه بسبب الضائقة الاقتصادية والمالية، وضعت الأبرشية بتصرف أبنائها بعض العقارات؛ ومن ضمنها ما هو في بلدة لاسا بهدف استثمارها لهذا الموسم الزراعي بطريقة مجانية، إلا إن هذه المبادرة «قوبلت بالتحريض والنعوت والمنع في المرة الأولى، وبالاعتداء في المرة الثانية».وفي حين أكّد العنداري أنّ الأرض ممسوحة مسحاً نهائياً، عدّ أنّ هناك فئة تستغل المناسبات للتعدي على أملاك المطرانية بطرق ملتوية وعبر بناء منازل واستصلاح غير مشروع لبعض العقارات، من دون إذن تارة، وبحجة علم وخبر مزور تارة أخرى، أو عبر ممارسة الضغوط والترهيب.وكرر الرواية رئيس بلدية لاسا رمزي المقداد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ المطرانية قدّمت أرضاً من وقفها في البلدة لرعيتها بهدف استثمارها ضمن مشروع تعاوني زراعي للمطرانية وشركة «جرجي الدكاش وأولاده»، موضحاً أنّ «هذا الأمر حصل بالاتفاق مع البلدية، وكان من ضمن بنود الاتفاق استثمار أهل بلدة لاسا 20 في المائة من الأرض، وتحييد عقارين يملكهما أحد أبناء البلدة وهما على أطراف الوقف».وأضاف المقداد أنّ «الأمور كانت تسير بشكل طبيعي، ولكن، وعلى ما يبدو، لم يتم تحييد العقارين، ما أدى إلى حصول إشكال وتحول الأمر إلى فوضى تمّ احتواؤها»، مشيراً إلى أن مرجعيات المنطقة السياسية والدينية تعمل حالياً على الخروج بحل.وفي حين أكد المقداد أنه «لا أبعاد طائفية أو حزبية أو سياسية للإشكال، وأنّ ما حصل يعود فقط لخلاف عقاري قديم جديد يتعلّق بموضوع مسح الأراضي»، عدّ أنّ «المشكلة الأساسية تكمن في عدم قيام الجهات المعنية بمسح الأراضي حتى يأخذ كلّ ذي حق حقه، وبالتالي نضع حدّاً لهذه الإشكالات التي يتكرّر حدوثها من فترة إلى أخرى».وأحيط الموضوع بمعالجة سياسية؛ إذ قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب زياد حواط بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري إنه وضع بري بأجواء ما حصل في لاسا، مؤكداً «أننا في قضاء جبيل حريصون على العيش المشترك، وهذا الملف الشائك منذ سنوات وضعناه اليوم بين يدي الرئيس بري الذي وعدنا بمتابعته». وشدد على أن «الموضوع إنمائي زراعي وليس طائفياً أو مذهبياً».وأكّد النائب سيمون أبي رميا بعد اجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال عون ضرورة تحرك القضاء والأجهزة الأمنية لتوقيف المعتدين كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث.ورفض النائب السابق فارس سعيد وضع الإشكال الذي حصل في إطار الخلاف العقاري، وعدّ في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل يأتي في إطار استكمال «حزب الله» محاولة فرض أمر واقع عقاري جديد بالقوّة من خلال عدم اعترافه بنتائج المسح الذي بدأ في عهد الانتداب الفرنسي بحجة أنّ الانتداب أعطى أرجحية لجهة معينة.
مشاركة :