ذكر مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن الصين والهند أقامتا هدنة قبل ثلاثة عقود لتجنب الصدامات، غير أن قوة بكين قد تعززت في الوقت الراهن بشكل كبير، مشيراً إلى التوترات بين الجانبين. ويضيف الكاتبان سوميت غانغولي ومانجيت بارديسي، في المقال، أن التوترات بين الهند والصين ليست حديثة العهد، فقد خاض البلدان حرباً على الحدود في عام 1962، وتواصلت الاشتباكات بين البلدين منذ ذلك الحين. وتشير الأحداث الأخيرة إلى أن التصعيد لا يزال قائماً بدرجة كبيرة، حيث يمتلك كلا الجانبين قوات عسكرية كبيرة منتشرة بشكل متزايد على طول الحدود المتنازع عليها. وبالتالي، فلم يعد السلام في الوقت الحاضر أمراً بديهياً. ويشير الكاتبان إلى أحدث الاشتباكات التي وقعت في وقت سابق من الشهر الجاري، ويقولان إنها ربما تنبع من التقييمات المختلفة لموقع ما يسمى بخط السيطرة الفعلي. ووفقاً للحكومة الهندية، فقد عبر الجيش الصيني إلى الأراضي الهندية حوالي 1025 مرة بين عامي 2016 و2018، غير أنه بالنظر إلى أن حدود الصين والهند لا تزال غير محددة، فيرى المقال أن من المحتمل أن تكون هذه التجاوزات راجعة إلى وجود تصورات مختلفة لكل من بكين ونيودلهي بشأن امتداد أراضيهما. وتضيف "فورين بوليسي" أن القوات الهندية والصينية تواجهتا مدة شهرين في دولام عام 2017، وأن احتمال اندلاع اشتباك عسكري خطير حينئذ كان واضحاً، كما جرت اشتباكات بين الجانبين في عام 1988، ما جعل رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي يزور نظيره دينغ شياو بينغ في بكين لإصلاح العلاقات. ويشير المقال إلى أن الزعيمين اتفقا على إقامة علاقة مستقبلية، ووضع القضايا المهمة مثل النزاع الحدودي جانباً بشكل مؤقت، وأن سبب هذه البراغماتية يعود إلى عوامل اقتصادية واستراتيجية، حيث احتاجت كل من الصين والهند إلى بيئة خارجية مستقرة لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية. ويوضح الكاتبان أن ميزان القوى المادي بين الصين والهند قد تغيّر بشكل كبير، فقد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي الصيني حالياً أكثر من خمس مرات ليبلغ 13.6 تريليون دولار في عام 2018، مقارنة بـ2.7 تريليون دولار بالنسبة للهند. وأنفقت الصين 261.1 مليار دولار على الإنفاق الدفاعي في عام 2019، أي ما يقرب من أربعة أضعاف إجمالي الإنفاق الهندي البالغ 71.1 ملياراًر. ورغم أن مكانة الهند تعززت باعتبارها اقتصاداً وقوة عالمية في العقود الثلاثة الماضية، فإن قوتها النسبية أمام الصين قد تراجعت إلى حد كبير. ويرى الكاتبان أن الصين أصبحت أكثر صرامة بشأن شؤونها الخارجية في الأعوام الأخيرة، بدءاً من أنشطة بناء الجزر الاصطناعية في بحر جنوب الصين وصولاً إلى دبلوماسيتها القوية في التعامل مع جائحة فيروس كورونا. ويضيفان أن بعض الخبراء جادلوا بأن انتقال القوة الوشيك جار بين الصين والولايات المتحدة، وأنه في حين أصبحت نيودلهي أيضاً لاعباً أكثر صرامة في السياسة العالمية، فإن صعودها لن يكون مصدر قلق كبير للولايات المتحدة. ويرى الكاتبان أن الاشتباكات الحدودية الأخيرة بين الصين والهند تبدو مقلقة بشكل كبير بالنظر إلى ديناميكيات القوة المتغيرة هذه. وخلصا إلى أنه في وقت يمكن فيه لهذه المساعي التعاونية أن تمنع اندلاع المزيد من العنف الحدودي، فإنها لن تعالج القضايا الجوهرية العالقة في العلاقات الصينية الهندية. وعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الوساطة في النزاع الحدودي "المحتدم" بين الهند والصين في منطقة الهيمالايا. وكتب ترامب، على "تويتر"، "أخطرنا كلا من الهند والصين باستعداد الولايات المتحدة ورغبتها وقدرتها على الوساطة أو التحكيم في نزاعهما الحدودي المحتدم"، الذي أفادت صحيفة "إنديان أوبزرفرز" أمس الأول بأنه ثار جراء إنشاء الهند طرقا ومدارج طائرات في المنطقة، في مسعى منها لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية.
مشاركة :