سكنت الأرض ، و تباينت المشاعر بين هلع وخوف* وإيمانٌ وتفاؤل ، أصبح العالم ما بين البين. تشكلت الحياة بشكلٍ لم نعهده ،* أصبحت مليئة بالمساحات الخالية ، كأن الحياة عادت إلى أزمانٍ مضت يعُم أرجائها السكون والطمأنينة ، حياةٌ تجردت تقريبا من وجود الإنسان* حيثُ الأماكنٌ التي* خلت من وجوده بعد أن إعتادت عليه ، تركها دون موعد للعودة، وأصبح الأمر مجهولاً. وقع الحدث هنا وهناك وعم الفزع ، هناك من قطع يقيناً بتفسيراته وصدقها ، وبصرف النظر عن مدى صحتها ف هناك قاعدة أساسية لوجودنا على هذه الأ رض وهي : الإختبار ، كل حاصلٍ يعود لهذه القاعدة ،* وما الله إلا رحيم بعباده يُسري القدرَ بخيره وشره لنكتسب ما كان ضائعاً فينا ، ولنعود للصلاح . لنأتي إلى نهاية الشعور الذي بداخلها ونجزم ونحِّدث النفس القلقة أن ما بين مسافة وأخرى هناك الله ، حيث يكمن الوجود الحقيقي الذي لا يحول ولا يزول ، الأمان الدائم الذي يدبر العسرَ واليسرَ في ذات الوقت. فرصة: جاءت هذة الجائحة واصطحبت معها مصطلحات اليأس التي كانت أسرع من إنتشار الفايروس بحد ذاته ، حيثُ تجلبُ المرض قبل أن يأتي ، ربما مرت بهذا التوقيت كي تُخبرنا أن ما نردده ونصتسيغُه من مفردات قد يمرضنا و يُتعسنا ، أو يسعدنا و يبهجنا ،* كي نتعود على زرع الكلمات الطيبة فينا وفي غيرنا حتى في أشد الأزمات ، ونفتائل بالخير الذي سيأتينا ما دمنا نستشعره ، فما من أمرٍ يحدث إلا ويخلفه من الخير الكثير وما هذا إلا وقت سيمر عما قريب .* ربما جاءت* لتأخنا في فسحةٍ حول أنفسنا فتصبح*فرصتنا لنعودَ مُختلفين*نستقبل الحياه بروحٍ أُخرى مختلفة ، ونعيد التفكير في شتى أمورنا ، لنُبحر بعمق الأفكار والمخططات التي تقودنا للإحتياط الآمن في موجات التقلب السريعة ، ونستثمر أوقاتنا لنجعلها واقعاً مُختلفاً يقلل حصاد الضر إن وقع.* فرصة لعودةِ الحب*بحله جديدة وبصورة أنقى وأجمل ، حُباً يحرص على المحبوب . فرصة لندرك أن السعادة لا تكمن في تلك الأشياء الكبيرة ذات الفخامة ، وأنها تتواجد حيثُ البساطة التي صنعت برقة ، تُعدها النفوس بسرور وبهجة وتستشعر الفرح في تكوينها. فرصة لنعيد ترتيب أولوياتنا*التي إعتقدنا أنها الصواب ، ليراجع الإنسان دواخلهُ وإعطائها المساحة لتعيد صياغة ما تحتاجه ونعطيها دائما حق الإبتعاد اللازم الذي يعيدنا إلينا، وننمي فينا ذلك الجوهر الثمين .*فرصة لتصحيح المشاعر**لنعود صُفاةً* أنقياء من كلٍ شعورٍ أحبطنا ، ونتعلم كيف نجعل مشاعرنا تشع بالسعادة و نرسم البسمة على تلك الشفاة البائسة . *فرصة لترتاح الروح**بعيدا عن مظاهر الحياة التي إعتدناها و أخذتنا هذه الدنيا إليها دون أن نشعر، ربما هذا الوقت أقبَلَ كي تتسلل إلينا الراحة* داخل حدود* بيوتنا الصغيرة .*فرصة* للتعايش،**و نعود أكثر وعياً ونضجاً ونتعايش مع كل الأحوال والأزمان التي ستمر الآن وغدا ومستقبلاً* ،* والإيمان بقدراتنا مهما حلت الضغوط* ، والأخذ بالأسباب السليمة التي تجعلنا نمر بسلام . كورونا يقودنا: لعل أمرنا هذا يقودنا لأمورٍ أخرى تجعلنا نعيش بشكلٍ لائق ؛ يقودنا للسلوك الطيب الذي إفتقدته البيئة وساكنيها، ربما عمت أشياء غير قابلة للبيئة أن تتصالح معها فرفضتها.* تمثل للإنسان أن السلطة بيده على الوجود ، ولم يعي أنه زائر ربما يغادرُ غدا ، و نِسب تقاربت ما بين الخير والشر . سطوة عارمة صببناها على الأرض وكأنه أصبح هذا الوقت هِبه من الله للأرض لتاخذ أنفاسها بعيداً عن حياة البشر .* يقودنا للتأمل لما نحن فيه من أرضٍ طيبة ، للولاء إتجاه مواطننا التي تغرب بعضنا منها لأجلها ، لكي ندرك أن لا أرضاً تشبه أرضنا ولا حباً كتلك التي منحتنا إياه هذه المواطن .*يقودنا لإعادة النظر لأمرٍ وصرف النظر عن* آخر في دواخلنا* ، ظروف وساعات عمل وإنشغال وعوامل كانت تؤخرنا عن معالجة وتطبيب دواخلنا التي تحتاج لمساحات من الخلاء كي تعود مشرقة مبتهجة نظيفة .*هذا الأمر قادنا وبشدة لكي نكون مختلفين في كل شيء دون أن نشعر ، زرع فينا الإمتنان لأبسط الأمور التي كنا لا نرى لها معنى وأن وجودها عادياّ! . ألهمنا أن الإنسان قادر على التعايش ما دام أنه مؤمن* أن ما أتى هو خير ولو كان عسيرا . لنفتح أبواب الأمل ونجعلها أبدية لا تنغلق ، و نرجو الله دائما أن نكون أقوياء كي نُحي الرضا في قلوبنا , وندعوه أن يجعل أنفسنا تستلهم بالبشائر في كل حين . ستعود الحياة وسنعود معها بنفوسٍ محملة بالخير إتجاه كل شيء بلا إستثناء، سنُبادر بالخير ونغتنم اللحظة لصالحنا ، سنتوجه إلى طُرق مختلفة لم نكن نعيها . شكراً لله على هذا الوقت الذي غير في كلٍ منا أمراً كنا نجهله ، وزرع فينا ما كان غائباً عن أرواحنا .
مشاركة :